فاضل ريع الوقف يصرف في مثله، إبدال المنذور والموقوف بخير منه

فاضل ريع الوقف يصرف في مثله:
قال ابن تيمية: " وما فضل من ريع الوقف واستغني عنه فإنه يصرف في نظير تلك الجهة، كالمسجد إذا فضلت غلة وقفه عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لان الواقف غرضه في الجنس. والجنس واحد.
فلو قدر أن المسجد الاول خرب، ولم ينتفع به أحد. صرف ريعه في مسجد آخر.
وكذلك إذا فضل عن مصلحته شئ، فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه.
ولا إلى تعطيله، فصرفه في جنس المقصود أولى.
وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف ".
إبدال المنذور والموقوف بخير منه:
وقال ابن تيمية أيضا: وأما إبدال المنذور والموقوف بخير منه. كما في إبدال الهدي.
فهذا نوعان:
أحدهما: أن يكون الابدال للحاجة، مثل أن يتعطل فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، كالفرس الحبيس للغزو، إذا لم يمكن الانتفاع به في الغزو

فإنه يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، والمسجد إذا تخرب ما حوله، فينقل إلى مكان آخر، أو يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا لم يمكن الانتفاع بالموقوف عليه من مقصود الواقف، فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا خرب ولم يمكن عمارته فتباع العرصة، ويشترى بثمنها ما يقوم مقامها، فهذا كله جائز، فإن الاصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه.
والثاني: الابدال لمصلحة راجحة، مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لاهل البلد منه، وبيع الاول، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء.
واحتج أحمد بأن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر، وصار الاول سوقا للتمارين (1) ، فهذا إبدال لعرصة المسجد وأما إبدال بنائه ببناء آخر، فإن عمر وعثمان

(1) يشير الى ما كتبه عمر الى سعد رضي الله عنهما لما بلغه أنه نقب بيت المال الذي بالكوفة: انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لن يزال في المسجد مصل.

رضي الله عنهما.
بنيا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على غير بنائه الاول وزادا فيه، وكذلك المسجد الحرام وقد ثبت في " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة، ولالصقتها بالارض ولجعلت لها بابين، بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرج منه الناس، فلولا المعارض الراجح، لكان النبي صلى الله عليه وسلم غير بناء الكعبة، فيجوز تغيير بناء الوقف من صورة إلى صورة، لاجل المصلحة الراجحة، أما إبدال العرصة بعرصة أخرى، فهذا قد نص أحمد وغيره على جوازه، اتباعا لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث فعل ذلك عمر رضي الله تعالى عنه، واشتهرت القضية ولم تنكر.
وأما ما وقف للغلة، إذا أبدل بخير منه، مثل أن يقف دارا أو حانوتا أو بستانا أو قرية مغلها قليل، فيبدل بها ما هو أنفع للوقف.
فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء، مثل
أبي عبيد بن حربويه قاضي مصرو حكم بذلك، وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى