عرصة للمصلحة، بل إذا جاز أن يبدل المسجد بما ليس بمسجد للمصلحة، بحيث يصير المسجد سوقا، فلان يجوز إبدال المستغل بمستغل آخر، أولى وأحرى، وهو قياس قوله في إبدال الهدي بخير منه، وقد نص على أن المسجد اللاصق بالارض إذا رفعوه وبنوا تحته سقاية، واختار ذلك الجيران فعل ذلك.
لكن من أصحابه من منع إبدال المسجد، والهدي، والارض الموقوفة، وهو قول الشافعي وغيره (1) ، لكن النصوص والآثار، والقياس تقتضي جواز الابدال للمصلحة، والله أعلم.
حرمة الإضرار بالورثة:
يحرم أن يقف الشخص وقفا يضار به الورثة لحديث الرسول (ص) (لاضرر ولاضرار في الاسلام) فإن وقف بطل وقفه.
قال في الروضة الندية: " والحاصل أن الاوقاف التي يراد بها قطع ما أمر الله به أن يوصل ومخالفة فرائض الله عز وجل فهي باطلة من أصلها لا تنعقد بحال، وذلك كمن يقف على
(1) وهو قول مالك أيضا. وقد استدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يباع أصلها ولا تبتاع ولا توهب ولا تورث ".
ذكور أولاده دون إناثهم وما أشبه ذلك، فإن هذا لم يرد التقرب إلى الله تعالى بل أراد المخالفة لاحكام الله عز وجل والمعاندة لما شرعه لعباده وجعل هذا الوقف الطاغوتي ذريعة إلى ذلك المقصد الشيطاني، فليكن هذا منك على ذكر، فما أكثر وقوعه في هذه الازمنة.
وهكذا وقف من لا يحمله على الوقوف إلا محبة بقاء المال في ذريته وعدم خروجه عن أملاكهم فيقفه على ذريته، فإن هذا إنما أراد المخالفة لحكم الله عزوجل، وهو انتقال الملك بالميراث وتفويض الوارث في ميراثه يتصرف فيه كيف يشاء، وليس أمر غنى الورثة أو فقرهم إلى هذا الواقف بل هو إلى الله عزوجل.
وقد توجد القربة في مثل هذا الوقف على الذرية نادرا بحسب اختلاف الاشخاص فعلى الناظر أن يمعن النظر في الاسباب المقتضية لذلك.
ومن هذا النادر أن يقف على من تمسك بالصلاح من ذريته أو اشتغل بطلب العلم، فإن هذا الوقف ربما يكون المقصد فيه خالصا والقربة متحققة والاعمال بالنيات، ولكن تفويض الامر إلى ما حكم الله به بين عباده وارتضاه لهم أولى وأحق " ا. هـ