القضاء

بسم الله الرحمن الرحيم

القضاء:

العدل هو الغاية من رسالات الله:
إن العدل قيمة من القيم الاسلامية العليا.
ذلك أن إقامة الحق والعدل هي التي تشيع الطمأنينة، وتنشر الامن، وتشد علاقات الافراد بعضهم ببعض، وتقوي الثقة بين الحاكم والمحكوم، وتنمي الثروة، وتزيد في الرخاء، وتدعم الاوضاع، فلا تتعرض لخلخلة أو اضطراب، ويمضي كل من الحاكم والمحكوم إلى غايته في العمل، والانتاج، وخدمة البلاد، دون أن يقف في طريقه ما يعطل نشاطه، أو يعوقه عن النهوض.
وإنما يتحقق العدل بإيصال كل حق إلى مستحقه
والحكم بمقتضى ما شرع الله من أحكام ويتجنب الهوى بالقسمة بين الناس بالسوية.

وما كانت مهمة رسل الله إلا القيام بهذا الامر وانفاذه.
وما كانت وظيفة أتباع الرسل إلا السير على هذا النهج كي تبقى النبوة تمد الناس بظلها الظليل " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " (1) .
القضاء (2) في الاسلام:
ومن أهم الوسائل التي يتحقق بها القسط وتحفظ الحقوق وتصان الدماء والاعراض والاموال هي إقامة النظام القضائي الذي فرضه الاسلام وجعله جزءا من تعاليمه وركيزة من ركائزه التي لابد منها ولاغنى عنها.
وكان أول من تولى هذه الوظيفة في الاسلام الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاء في المعاهدة التي تمت بعد الهجرة بين المسلمين واليهود وغيرهم: " إنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله ".

(1) سورة الحديد الاية رقم 24.
(2) القضاء في اللغة: إتمام الشئ قولا وفعلا.
وفي الشرع: الفصل بين الناس في الخصومات حسما للخلاف وقطعا للنزاع بمقتضى الاحكام التي شرعها الله

وقد أمره الله عز وجل أن يحكم بما أنزل فقال: " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما.
واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما " ... الخ (1) .
وتولى قضاء مكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد كما تولى علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - قضاء اليمن.
روى أهل السنن وغيرهم أن عليا لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا قال: يارسول الله، بعثتني بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء.
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدري وقال: " اللهم أهده وثبت لسانه ".
قال علي: فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين ".
وعن علي كرم الله وجهه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الاخر، كما سمعت من الاول فإنك إذا

(1) سورة النساء الايات من 105 - 113