الهبة

الهبة:

تعريفها: جاء في القرآن الكريم قول الله عزوجل: " قال: رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " (1) .
وهي مأخوذة من هبوب الريح أي مرورها.
وتطلق الهبة ويراد بها التبرع والتفضل على الغير سواء أكان بمال أم بغيره.
والهبة في الشرع: عقد موضوعه تمليك الانسان ماله لغيره في الحياة بلا عوض، فإذا أباح الانسان ماله لغيره لينتفع به ولم يملكه إياه كان إعارة.
وكذلك إذا أهدى ما ليس بمال كخمرأ وميتة فإنه لا يكون مهديا ولايكون هذا العطاء هدية، وإذا لم يكن التمليك في الحياة بل كان مضافا إلى ما بعد الوفاة

(1) سورة آل عمران الآية رقم 38.

كان ذلك وصية.
وإذا كانت بعوض (1) كانت بيعا ويجري فيها حكم البيع، أي أنها تملك بمجرد تمام العقد ولا تنفذ فيها تصرفات الواهب إلا بإجازة الموهوب له.
ويثبت فيها الخيار والشفعة. ويشترط أن يكون العوض معلوما فإذا لم يكن العوض معلوما بطلت الهبة. والهبة المطلقة لا تقتضي عوضا سواء أكانت لمثله أو دونه أو أعلى منه. هذا هو معنى الهبة بالمعنى الاخص.
أما معناها بالمعنى الأعم فيشمل ما يأتي:
1 - الابراء: وهو هبة الدين ممن هو عليه.
2 - الصدقة: وهي هبة ما يراد به ثواب الآخرة.
3 - الهدية: وهي ما يلزم الموهوب له أن يعوضه.
مشروعيتها: وقد شرع الله الهبة لما فيها من تأليف القلوب وتوثيق عرى المحبة بين الناس.
وعن أبي هريرة، رضي

(1) يرى أبو حنيفة أن الهبة بشرط العوض هبة ابتداء بيع انتهاء. وعلى هذا فهي قبل تسليم العوض لا تملك إلا بالقبض ولا ينفذ فيها تصرفات الموهوب له قبل القبض. ويجوز للواهب التصرف فيها.

الله عنه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تحابوا " (1) .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.
وكان يدعو إلى قبولها ويرغب فيها، فعند أحمد من حديث خالد بن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف (2) ولا مسألة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه ".
وقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على قبول الهدية ولو كانت شيئا حقيرا، ومن ثم رأى العلماء كراهية ردها حيث لا يوجد مانع شرعي.
فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أهدي إلى كراع (3) لقبلت. ولو دعيت عليه لاجبت " (4) .
وعن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: " إلى أقربهما منك بابا ".

(1) أخرجه البخاري في الادب المفرد. والبيهقي. قال الحافظ: سناده حسن.
(2) تطلع.
(3) وهو ما دون الكعب من الدابة.
(4) رواه أحمد والترمذي وصححه.

وعن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تهادوا فإن الهدية تذهب وحر (1) الصدر ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن (2) شاه ".
وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية الكفار. فقبل هدية كسري. وهدية قيصر. وهدية المقوقس. كما أهدى هوالكفار الهدايا والهبات.
أما ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي أن عياضا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت؟ قال: لا. قال: " اني نهيت عن زبد (3) المشركين ".
فقد قال فيه الخطابي: " يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا لانه صلى الله عليه وسلم قد قبل هدية غير واحد من المشركين ".
قال الشوكاني: " وقد أورد البخاري في صحيحه حديثا استنبط منه جواز قبول هدية الوثني، ذكره في باب قبول الهدية من

(1) الحقد.
(2) الحافر.
(3) رفد وعطاء.