المزارعة، فضل المزارعة

المزارعة

فضل المزارعة:
قال القرطبي: الزراعة من فروض الكفاية، فيجب على الامام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الاشجار.
1 - روى البخاري ومسلم عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا (1) فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة ".
2 - وأخرج الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول
الله، صلى الله عليه وسلم،: " التمسوا الرزق من خبايا الارض ".

(1) الغرس: ماله ساق كالنخل والعنب، والزرع: مالاساق له مثل القمح والشعير.

تعريفها: معنى المزارعة في اللغة: المعاملة على الارض ببعض مايخرج منها.
ومعناها هنا: إعطاء الارض لمن يزرعها على أن يكون له نصيب مما يخرج منها كالنصف أو الثلث أو الاكثر من ذلك أو الادنى حسب ما يتفقان عليه.
مشروعيتها: الزراعة نوع من التعاون بين العامل وصاحب الارض، فربما يكون العامل ماهرا في الزراعة وهو لا يملك أرضا.
وربماكان مالك الارض عاجزا عن الزراعة.
فشرعها الاسلام رفقا بالطرفين.
المزارعة عمل بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعمل بها أصحابه من بعده.
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عامل أهل خيبر بشطر مايخرج منها من زرع أو ثمر.
وقال محمد الباقر بن علي بن الحسين رضي الله عنهم: ما بالمدينة أهل بيت هجرة (1) إلا يزرعون على الثلث

(1) يقصد المهاجرين.

والربع، وزارع علي، رضي الله عنه، وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين.
رواه البخاري.
قال في المغني: " هذا أمر مشهور، عمل به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعدهم. ولم يبق من المدينة من أهل بيت إلا عمل به، وعمل به أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، من بعده.
ومثل هذا مما لا يجوز أن ينسخ، لان النسخ إنما يكون في حياة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأما شئ عمل به إلى أن مات، ثم عمل به خلفاؤه من بعده، وأجمعت الصحابة رضوان الله عليهم عليه، وعملوا به ولم يخالف فيه منهم أحد، فكيف يجوز نسخه؟ فإن كان نسخه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف عمل به بعد نسخه، وكيف خفي نسخه فلم يبلغ خلفاءه مع اشتهار قصة خيبر وعملهم فيها، فأين كان راوي النسخ حتى لم يذكروه ولم يخبرهم به؟

رد ما ورد من النهي عنها: وأما ما ذكره رافع بن خديج أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فقدرده زيد بن ثابت رضي الله عنه، وأخبر أن النهي كان لفض النزاع، فقال: يغفر الله لرافع بن خديج، أنا والله أعلم بالحديث منه.
إنما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم رجلان من الانصار قد اقتتلا، فقال: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع، فسمع رافع قوله: فلا تكروا المزارع. رواه أبو داود والنسائي.
كما رده ابن عباس رضيا لله عنه، وبين أن النهي إنما كان من أجل إرشادهم إلى ما هو خير لهم، فقال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق الناس بعضهم ببعض، بقوله: " من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه ".
وعن عمرو بن دينار، رضي الله عنه، قال: سمعت ابن عمر يقول: