الحقوق غير المادية

الحقوق غير المادية:
تقدم أن من حقوق الزوجة على زوجها منها ما هو مادي: وهو المهر والنفقة، ومنها ما هو غير مادي وهو ما نذكره فيما يلي:
(1) حسن معاشرتها:
أول ما يجب على الزوج لزوجته إكرامها، وحسن معاشرتها، ومعاملتها بالمعروف، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها، مما يؤلف قلبها، فضلا عن تحمل ما يصدر منها والصبر عليه.
يقول الله سبحانه: " وعاشروهن بالمعروف. فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا (1) ".
ومن مظاهر اكتمال الخلق، ونمو الايمان أن يكون المرء رقيقا مع أهله، يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم ".
وإكرام المرأة دليل الشخصية المتكاملة، وإهانتها علامة على الخسة واللؤم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم ".
ومن إكرامها التلطف معها، ومداعبتها.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلطف مع عائشة رضي الله عنها فيسابقها، تقول: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم (2) ، سابقته فسبقني. فقال: " هذه بتلك السبقة ". رواه أحمد، وأبو داود.

(1) سورة النساء آية 19 (2) أي امتلا جسمها

وروى أحمد، وأصحاب السنن، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " كل شئ يلهو به ابن آدم، فهو باطل، إلا ثلاثا: رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق ".
ومن إكرامها أن يرفعها إلى مستواه، وأن يتجنب أذاها، حتى ولو بالكلمة النابية.
فعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: " قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه "؟ قال:
" أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت ".
والمرأة لا يتصور فيها الكمال، وعلى الانسان أن يتقبلها على ماهي عليه.
يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيرا، المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج ".
رواه البخاري، ومسلم.
وفي هذا إشارة إلى أن في خلق المرأة عوجا طبيعيا، وأن محاولة إصلاحه غير ممكنة، وأنه كالضلع المعوج المتقوس الذي لا يقبل التقويم. ومع ذلك فلابد من مصاحبتها على ماهي عليه، ومعاملتها كأحسن ما تكون المعاملة، وذلك لايمنع من تأديبها وإرشادها إلى الصواب إذا اعوجت في أي أمر من الامور.
وقد يغضي الرجل عن مزايا الزوجة وفضائلها، ويتجسد في نظره بعض ما يكره من خطالها، فينصح الاسلام بوجوب الموازنة بين حسناتها وسيئاتها، وأنه إذا رأى منها ما يكره - فإنه يرى منها ما يحب.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ": لا يفرك (1) مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها خلقا آخر ".
(2) صيانتها:
ويجب على الزوج أن يصون زوجته، ويحفظها من كل ما يخدش شرفها،

(1) لا يفرك: لا يبغض

ويثلم عرضها، ويمتهن كرامتها، ويعرض سمعتها لقالة السوء، وهذا من الغيرة التي يحبها الله.
روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه ".
وروى عن ابن مسعود أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: " ما أحد أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما أحد إليه المدح من الله، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه، وما أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ".
وروى أيضا أن سعد بن عبادة قال: " لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: " أتعجبون من غيرة سعد. لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ".
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة: " العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء ".
رواه النسائي والجزار، والحاكم، وقال: صحيح الاسناد.
وعن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا: الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر. قالوا: يارسول الله: أما مدمن الخمر فقد عرفناه. فما الديوث؟ قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله. قلنا: فما الرجلة من النساء؟ قال: التي تتشبه بالرجال ". رواه الطبراني. قال المنذري: ورواته ليس فيهم مجروح.
وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته، فإنه يطلب منه أن يعتدل في هذه الغيرة، فلا يبالغ في إساءة الظن بها.
ولا يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها ولا يحصي جميع عيوبها، فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو داود، والنسائي، وابن حبان عن جابر بن عنبرة: