إتيان الرجل زوجته

" إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، ومن الخيلاء ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله: فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله: فالغيرة في غير ريبة (1) .
والاختيال الذي يحبه الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال، وعند الصدمة، والاختيال الذي يبغضه الله الاختيال في الباطل ".
وقال علي كرم الله وجهه: لا تكثر الغيرة على أهلك، فترامى بالسوء من أجلك.
إتيان الرجل زوجته:
قال ابن حزم: وفرض على الرجل أن يجامع امرأته، التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة في كل طهر، إن قدر على ذلك.
وإلا فهو عاص لله تعالى.
برهان ذلك قوله عز وجل: " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله (2) ".
وذهب جمهور العلماء الى ما ذهب إليه ابن حزم من الوجوب على الرجل ذا لم يكن له عذر.
وقال الشافعي: لا يجب عليه، لانه حق له، فلا يجب عليه كسائر الحقوق.
ونص أحمد على أنه مقدر بأربعة أشهر، لان الله قدره في حق المولي بهذه المدة، فكذلك في حق غيره.
وإذا سافر عن امرأته، فإن لم يكن له عذر مانع من الرجوع، فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر.
وسئل: كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر.
يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما.
وحجته ما رواه أبو حفص باسناده عن زيد بن أسلم قال: بينما عمربن الخطاب يحرس المدينة، فمر بامرأة في بيتها وهي تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي أن لا خليل ألاعبه

(1) الريبة: الشك والظن، وإنما كان ذلك بغيضا لانه من سوء الظن، إن بعض الظن إثم.
(2) سورة البقرة آية: 222

والله لولا خشية الله وحده لحرك من هذا السرير جوانبه ولكن ربي والحياء يكفيني وأكرم بعلي أن توطأ مراكبه فسأل عنها عمر، فقيل له: هذه فلانة، زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها تكون معه، وبعث إلى زوجها فأقفله (1) ، ثم دخل على حفصة، فقال: يا بنية. كم تصبر المرأة عن زوجها؟.
فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟.
فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك.
قالت: خمسة أشهر. ستة أشهر.
فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر.
يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر، ويسيرون راجعين شهرا.
وقال الغزالي من الشافعية: وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، لان عدد النساء أربعة، فجاز التأخير إلى هذا الحد.
نعم ينبغي أن يزيد، أو ينقص حسب حاجتها في التحصين، فإن تحصينها واجب عليه، وإن كان لا تثبت المطالبة بالوطء، فذلك لعسر المطالبة والوفاء بها.
وعن محمد بن معن الغفاري قال: " أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب
رضي الله عنه فقالت: يا أمير المؤمنين: إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه - وهو يعمل بطاعة الله عز وجل - فقال لها: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرر هذا القول ويكرر عليها الجواب.
فقال له كعب الاسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه، فقال عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما.
فقال كعب: علي بزوجها، فأتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكوك.
قال: أفي طعام، أو شراب؟ وقال: لا، فقالت المرأة: يا أيها القاضي الحكيم رشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي تعبده فاقض القضا، كعب، ولا ترده نهاره وليله ما يرقده فلست في أمر النساء أحمده فقال زوجها: زهدني في النساء وفي الحجل أني امرؤ أذهلني ما نزل

(1) أقفله: أرجعه

في سورة النحل وفي السبع الطول وفي كتاب الله تخويف جلل فقال كعب: إن لها عليك حقايا رجل نصيبها في أربع لمن عقل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال: إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك، فقال عمر: والله ما أدري من أي أمريك أعجب؟.
أمن فهمك أمرهما، أم من حكمك بينهما؟ اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.
وقد ثبت في السنة أن جماع الرجل زوجته من الصدقات التي يثيب الله عليها.
روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ... ولك في جماع زوجتك أجر.
قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر! فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ".
ويستحب المداعبة، والملاعبة، والملاطفة، والتقبيل، والانتظار حتى تقضي المرأة حاجتها.
روى أبو يعلى عن أنس بن مالك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها " وقد تقدم: " هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ".
التستر عند الجماع: أمر الاسلام بستر العورة في كل حال إلا إذا اقتضى الامر كشفها.
فعن بهزبن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: " يا نبي الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك.
قلت: يارسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يراها أحد فلا يراها.
قال: قلت: إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيا من الناس ".
رواه الترمذي، وقال حديث حسن.