حكم الزواج

يرضاه الله ويحمده الناس، ويثمر الثمار المباركة.
6 - على أن ما يثمره الزواج من ترابط الاسر، وتقوية أواصر المحبة بين العائلات، وتوكيد الصلات الاجتماعية مما يباركه الاسلام ويعضده ويسانده.
فإن المجتمع المترابط المتحاب هو المجتمع القوي السعيد.
7 - جاء في تقرير هيئة الامم المتحدة الذي نشرته صحيفة الشعب الصادرة يوم السبت 6 / 6 / 1959 م أن المتزوجين يعيشون مدة أطول مما يعيشها غير المتزوجين سواء كان غير المتزوجين أرامل أم مطلقين أم عزابا من الجنسين.
وقال التقرير: إن الناس بدءوا يتزوجون في سن أصغر في جميع أنحاء
العالم، وان عمر المتزوجين أكثر طولا.
وقد بنت الامم المتحدة تقريرها على أساس أبحاث وإحصائيات تمت في جميع أنحاء العالم خلال عام 1958 بأكمله، وبناء على هذه الاحصاءات قال التقرير: انه من المؤكد أن معدل الوفاة بين المتزوجين - من الجنسين - أقل من معدل الوفاة بين غير المتزوجين، وذلك في مختلف الاعمار.
واستطرد التقرير قائلا: وبناء على ذلك فإنه يمكن القول بأن الزواج شئ مفيد صحيا للرجل والمرأة على السواء.
حتى ان أخطار الحمل والولادة قد تضاءلت فأصبحت لا تشكل خطرا على حياة الامم.
وقال التقرير: إن متوسط سن الزواج في العالم كله اليوم هو 24 للمرأة و 27 للرجل.
وهو سن أقل من متوسط سن الزواج منذ سنوات.
حكم الزواج (1) :
الزواج الواجب: يجب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي العنت (2) .
لان صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب، ولا يتم ذلك إلا بالزواج.

(1) حكمه: وصفه الشرعي من الوجوب أو الحرمة..الخ.
(2) العنت: الزنا.
ويطبق على الاثم والفجور والامر الشاق.

قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عن ذلك إلا بالتزوج، لا يختلف في وجوب التزويج عليه.
فإن قلت نفسه إليه وعجز عن الانفاق على الزوجة فانه يسعه قول الله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) .
وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر (1) الشباب، من استطاع منكم الباءة (2) فليتزوج، فإنه (3) أغض للبصر. وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) (4) .
من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه. فليتزوج. ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء.

الزواج المستحب:
أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم الله عليه الزواج يستحب له، ويكون أولى من التخلي للعبادة، فإن الرهبانية ليست من الاسلام في شئ.
روى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة) (5) .
وروى البيهقي من حديث أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا فإني مكاثر بكم الامم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى) (6) .
وقال عمر لابي الزوائد: إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور.

(1) المعشر: الطائفة يشملهم وصف، فالانبياء معشر، والشيوخ معشر، والشباب معشر، والنساء معشر ... وهكذا.
(2) الباءة: الجماع.
(3) اغض واحصن: أشد غضا للبصر، واشد إحصانا للفرج ومنعا من الوقوع في الفاحشة.
(4) الوجاء: رض الخصيتين، والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء.
(5) إذ انها مخالفة لطبيعة الانسان، وما كان الله ليشرع إلاما يتفق وطبيعته.
(6) في مسنده محمد بن ثابت وهو ضعيف.

وقال ابن عباس: لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج.
الزواج الحرام: ويحرم في حق من يخل بالزوجة في الوطء والانفاق، مع عدم قدرته عليه وتوقانه إليه.
قال الطبري: فمتى علم الزواج أنه يعجز عن نفقة زوجته، أو صداقها أو شئ من حقوقها الواجبة عليه، فلا يحل له أن يتزوجها حتى يبين لها، أو يعلم من نفسه القدرة على أداء حقوقها.
وكذلك لو كانت به علة تمنعه من الاستمتاع، كان عليه أن يبين كيلا يغر المرأة من نفسه.
وكذلك لا يجوز أن يغرها بنسب يدعيه ولا مال ولا صناعة يذكرها وهو كاذب فيها.
وكذلك يجب على المرأة إذا علمت من نفسها العجز عن قيامها بحقوق الزوج، أو كان بها علة تمنع الاستمتاع، من جنون، أو جذام، أو برص، أو داء في الفرج، لم يجز لها أن تغره، وعليها أن تبين له ما بها في ذلك.
كما يجب على بائع السلعة أن يبين ما بسلعته من العيوب.
ومتى وجد أحد الزوجين بصاحبه عيبا فله الرد.
فإن كان العيب بالمرأة ردها الزوج وأخذ ما كان أعطاها من الصداق.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني بياضة فوجد بكشحها (1) برصا فردها وقال: (دلستم علي) .
واختلف الرواية عن مالك في امرأة العنين (2) إذا أسلمت نفسها ثم فرق بينهما بالعنة فقال مرة: لها جميع الصداق.
وقال مرة: لها نصف الصداق.
وهذا ينبني على اختلاف قوله.
بم تستحق الصداق؟ بالتسليم أو بالدخول؟ قولان (3) .

(1) أي خاصرتها.
(2) أي العاجز عن اتيان النساء.
(3) سيأتي ذلك مفصلا.