تجهيز الميت

2 - وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يوما.
فوعظهن وقال: " أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجابا من النار "، قالت امرأة: واثنان قال: " واثنان ".
أعمار هذه الامة روى الترمذي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين (1) وأقلهم من يجوز (2) ذلك ".

الموت راحة:
روى البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة، فقال: " مستريح ومستراح منه (3) "، فقالوا: يا رسول الله، ما المستريح وما المستراح منه؟ فقال: " العبد المؤمن يستريح من نصب (4) الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد (5) والبلاد والشجر والدواب ".

تجهيز الميت:
يجب تجهيز الميت فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن، وتفصيل ذلك فيما يلي: غسل الميت
يرى جمهور العلماء أن غسل الميت المسلم فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن جميع المكلفين، لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم به، ولمحافظة المسلمين عليه.

(1) السبعين: أي السبعين سنة.
(2) يجوز: أي يتجاوز.
(3) أي هذا البيت إما مستريح وإما مستراح منه.
(4) نصب الدنيا: تعبها.
(5) من أذاه.

(2) من يجب غسله ومن لا يجب: يجب غسل الميت المسلم الذي لم يقتل في معركة بأيدي الكفار.
(3) غسل بعض الميت: واختلف الفقهاء في غسل بعض الميت المسلم.
فذهب الشافعي وأحمد وابن حزم إلى أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وقال الشافعي: بلغنا أن طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل (1) ، فعرفوها بالخاتم، فغسلوها وصلوا عليها، وكان ذلك بمحضر من الصحابة.
وقال أحمد: صلى أبو أيوب على رجل، وصلى عمر على عظام.
وقال ابن حزم: ويصلى على ما وجد من الميت المسلم، ويغسل ويكفن إلا أن يكون من شهيد.
قال: وينوى بالصلاة على ما وجد منه، الصلاة على جميعه: جسده وروحه.
وقال أبو حنيفة ومالك: إن وجد أكثر من نصفه غسل وصلي عليه، وإلا فلا غسل ولا صلاة.
(4) الشهيد لا يغسل:
الشهيد الذي قتل بأيدي الكفرة في المعركة لا يغسل ولو كان جنبا (2) ، ويكفن في ثيابه الصالحة للكفن، ويكمل ما نقص منها، وينقص منها ما زاد على كفن السنة، ويدفن في دمائه، ولا يغسل شئ منها.
روى أحمد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تغسلوهم فإن كل جرح، أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة "، وأمر صلوات الله وسلامه عليه بدفن شهداء أحد في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم.
قال الشافعي: لعل ترك الغسل والصلاة لان يلقوا الله بكلومهم (3) لما جاء أن ريح دمهم ريح المسك، واستغنوا بإكرام الله لهم عن الصلاة عليهم، مع التخفيف على من بقي من المسلمين، لما يكون فيمن قاتل من جراحات وخوف

(1) كانت عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد.
(2) الشهيد الجنب: لا يغسل عند المالكية والاصح من مذهب الشافعية. ورأي محمد وأبي يوسف، ويشهد لهذا، أن حنظلة استشهد جنبا فلم يغسله النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) " كلومهم " جروحهم.

عبودة العدو، رجاء طلبهم وهمهم بأهلهم، وهم أهلهم بهم.
وقيل: الحكمة في ترك الصلاة عليهم: أن الصلاة على الميت، والشهيد حي، أو أن الصلاة شفاعة، والشهداء في غنى عنها لانهم يشفعون لغيرهم.
(5) الشهداء الذين يغسلون ويصلى عليهم: أما القتلى الذين لم يقتلوا في المعركة بأيدي الكفار، فقد أطلق الشارع عليهم لفظ الشهداء، وهؤلاء يغسلون، ويصلى عليهم، فقد غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات منهم في حياته.
وغسل المسلمون بعده عمر وعثمان وعليا، وهم جميعا شهداء، ونحن نذكر هؤلاء الشهداء فيما يلي:
1 - عن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون (1) شهيد، والغرق (2) شهيد، وصاحب ذات الجنب (3) شهيد، والمبطون (4) شهيد، وصاحب الحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع (5) شهيدة ". رواه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
2 - وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما تعدون الشهيد فيكم؟ " قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد.
قال: " إن شهداء أمتي إذا لقليل "، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: " من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله (6) فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد ".
رواه مسلم.
3 - وعن سعيد بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ". رواه أحمد والترمذي وصححه.

(1) المطعون: من مات بالطاعون
(2) الغرق: الغريق.
(3) ذات الجنب: القروح تصيب الانسان داخل جنبه وتنشأ عنها الحمى والسعال.
(4) المبطون: من مات بموت البطن.
(5) بجمع: أي التي تموت عند الولادة
(6) في سبيل الله: أي في طاعة الله.