مكروهات الصلاة

قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال صلى الله عليه وسلم: (ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا) قال: ففعلت فأذهبه الله عني.
وروى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عزوجل: (قسمت الصلاة (1) بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل) فإذا قال (الحمد لله رب العالمين) قال الله عزوجل: حمدني عبدي، وإذا قال (الرحمن الرحيم) قال عزوجل: أثنى علي عبدي، وإذا قال (مالك يوم الدين) قال مجدني عبدي وفوض إلي عبدي، وإذ قال (إياك نعبد وإياك نستعين) قال هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) .

مكروهات الصلاة:
يكره للمصلي أن يترك سنة من سنن الصلاة المتقدم ذكرها، ويكره له أيضا ما يأتي:
(1) العبث بثوبه أو ببدنه إلا إذا دعت إليه الحاجة فإنه حينئذ لا يكره: فعن معيقب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال: (لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلا فواحدة: تسوية الحصى) رواه الجماعة.
وعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى) أخرجه أحمد وأصحاب السنن.
وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغلام له يقال له يسار، وكان قد نفخ في الصلاة: (ترب وجهك لله) رواه أحمد بإسناد جيد.
(2) التخصر في الصلاة: فعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة.
رواه أبو داود وقال: يعني يضع يده على خاصرته.

(1) قسمت الصلاة: أي الفاتحة.

(3) رفع البصر إلى السماء: فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أون لتخطفن أبصارهم) رواه أحمد ومسلم والنسائي.
(4) النظر إلى ما يلهي: فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حميصة لها أعلام (1) فقال: (شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم (2) واتوني بأنبجانيته) (3) رواه البخاري ومسلم.
وروى البخاري عن أنس قال: كان قرام لعائشة (4) سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أميطي قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي) .
وفي هذا الحديث دليل على أن استثبات الخط المكتوب في الصلاة لا يفسدها.
(5) تغميض العينين: كرهه البعض وجوزه البعض بلا كراهة، والحديث المروي في الكراهة لم يصح.
قال ابن القيم: والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهناك لا يكره التغميض قطعا والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة.
(6) الاشارة باليدين عند السلام: فعن جابر بن سمرة قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس (5) إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم السلام عليكم) رواه النسائي وغيره وهذا لفظه.

(1) الحميصة: هي كساء من خز أو صوف معلم.
(2) أبو جهم: هو عامر بن حذيفة.
(3) الانبجانية: كساء غليظ له وبر ولا علم له. وأبو جهم كان قد أهدى النبي صلى الله عليه وسلم الحميصة وطلب أنبحانيته بدلها جبرا لخاطره.
(4) كان قرام لعائشة: أي ستر رقيق.
(5) الشمس: جمع شموس، النفور من الدواب.

(7) تغطية الفم والسدل: فعن أبي هريرة قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) .
رواه الخمسة والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
قال الخطابي: السدل إرسال الثوب حتى يصيب الارض، وقال
الكمال بن الهمام: ويصدق أيضا على لبس القباء من غير إدخال اليدين في كمه.
(8) الصلاة بحضرة الطعام: فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء) (1) رواه أحمد ومسلم.
وعن نافع أن ابن عمر كان يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه يسمع قراءة الامام. رواه البخاري.
قال الخطابي: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه فيدخل المصلي في صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوة الطعام فيعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها.
(9) الصلاة مع مدافعة الاخبثين ونحوهما مما يشغل القلب: لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا تحل لاحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم (2) ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن، فإن فعل فقد دخل (3) ولا يصلي وهو حاقن (4) حتى يتخفف) .
وعند أحمد ومسلم وأبي داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يصلي أحد بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الاخبثان) .

(1) قال الجمهور: يندب تقديم تناول الطعام على الصلاة إن كان الوقت متسعا وإلا لزم تقديم الصلاة. وقال ابن حزم وبعض الشافعية: يطلب تقديم الطعام وإن ضاق الوقت.
(2) هذا في الدعاء الذي يجهر فيه الامام ويشارك فيه المؤتمون، بخلاف دعاء السر الذي يخص به الامام نفسه فإنه لا يكره.
(3) فقد دخل، أي حكمه حكم الداخل بلا إذن.
(4) وهو حاقن: أي حابس للبول.