جرح الحيوان عند تعذر الذكاة

أي أن هذه الاشياء محرمة عليكم، إلا ما أدركتموه، فإن ذكاته تحله.
وقد سئل ابن عباس عن ذئب عداعلى شاة فشق بطنها ثم انتثر قصبها (1) فذبحت فقال: كل، وما انتثر من قصبها فلا تأكل.
رفع اليد قبل تمام الذكاة: وإذارفع المذكي يده قبل تمام الذكاة ثم رجع فورا وأكمل الذكاة فإن هذا جائز لانه جرحها ثم ذكاها بعد وفيها الحياة فهي داخلة في وقول الله تعالى " إلا ما ذكيتم ".
جرح الحيوان عند تعذر الذكاة:
الحيوان الذي يحل بالذكاة إن قدر على ذكاته ذكي في محل الذبح، وإن لم يقدر عليها كانت ذكاته بجرح جزء منه في أي موضع من بدنهبشرط أن يكون الجرح مدميا يجوز وقوع القتل به.
قال رافع بن خديج: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سفر فند (2) بعير من إبل القوم ولم يكن معهم خيل، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله،

(1) القصب: الامعاء.
(2) ند، بمعنى شردوذهب على وجهه.

صلى الله عليه وسلم،: " إن لهذه البهائم أوابد (1) كأوابد الوحش، فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا ".
رواه البخاري ومسلم.
وروى أحمد وأصحاب السنن عن أبي العشراء عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة؟ قال: " لو طعنت في فخذها أجزأ عنك ".
قال أبو داود: وهذا لا يصح إلا في المتردية والمتوحش.
قال الترمذي: وهذا في حال الضرورة كالحيوان الذي تمرد أو شرد فلم نقدر عليه أو وقع في بحر وخفنا غرقه فنضربه بسكين أو بسهم فيسيل دمه فيموت فهو حلال.
وروى البخاري عن علي وابن عباس وابن عمرو عائشة: ما أعجزك من البهائم مما في يدك فهو كالصيد، وما تردى في بئر فذكاته حيث قدرت عليه.
ذكاة الجنين:
إذا خرج الجنين من بطن أمه وفيه حياة مستقرة وجب أن يذكى. فإن ذكيت أمه وهو في بطنها فذكاته ذكاة أمه إن خرج ميتا أو به رمق.

 

(1) الاوابد التي تأبدت أي توحشت جمع آبدة.

 

لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين: " ذكاته ذكاة أمه ".
رواه عن أبي سعيد: أحمد، وابن ماجه، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني، وابن حبان وصححه.
وقال ابن المنذر: وممن قال: " ذكاته ذكاة أمه ولم يذكر أشعر أو لم يشعر ": علي بن أبي طالب، وسعيد بن المسيب، وأحمد، وإسحاق، والشافعي وقال: إنه لم يرد عن أحد من الصحابة ولامن العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه، إلاما روي عن أبي حنيفة رحمه الله.
وقال ابن القيم: وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة بأن ذكاة الجنين ذكاة أمه، خلاف الاصول، وهو تحريم الميتة.
فيقال: الذي جاء على لسانه تحريم الميتة استثنى السمك والجراد من الميتة، فكيف وليست بميتة فإنها جزء من أجزاء الام والذكاة قد أتت على جميع أعضائها، فلا يحتاج أن يفرد كل جزء منها بذكاة.

 

والجنين تابع للأم، جزء منها، فهذا مقتضى الاصول الصحيحة، ولو لم ترد السنة بالاباحة، فكيف وقد وردت بالاباحة الموافقة للقياس والاصول.
وقد اتفق النص والاصل والقياس، ولله الحمد.