نقل الميت

منهى عنها.
قال ابن قدامة: إنما هو مثلة في حق من تغير وهولا ينبش.
قال: وإن دفن بغير كفن ففيه وجهان: أحدهما يترك، لان القصد بالكفن ستره وقد حصل ستره بالتراب، والثاني ينبش ويكفن، لان التكفين واجب، فأشبه الغسل.
قال أحمد: إذا نسي الحفار مسحاته في القبر جاز أن ينبش عنها.
وقال في الشئ يسقط في القبر - مثل الفأس والدراهم - ينبش.
قال: إذا كان له قيمة - يعني ينبش - قيل: فإن أعطاه أولياء الميت؟ قال: إن أعطوه حقه أي شئ يريد.
وقد ورد في ذلك ما رواه البخاري عن جابر.
قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل في حفرته فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصا، وروى عنه أيضا.
قال: دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته (1) فجعلته في قبر على حدة.
وقد بوب البخاري لهذين الحديثين.
فقال: " باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ ".
وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا إلى الطائف، فمررنا بقبر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا قبر أبي رغال، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك: أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه، فابتدره الناس، فاستخرجوا الغصن ".
قال الخطابي: فيه دليل على جواز نبش قبور المشركين إذا كان فيه أرب أو نفع للمسلمين.
وأنه ليست حرمتهم في ذلك كحرمة المسلمين.

نقل الميت:
يحرم عند الشافعية نقل الميت من بلد إلى بلد إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس، فإنه يجوز النقل إلى إحدى هذه البلاد لشرفها وفضلها.

(1) كان إخراجه له بعد مضي ستة أشهر على وفاته

ولو أوصى بنقله إلى غير هذه الاماكن الفاضلة لا تنفذ وصيته لما في ذلك من تأخير دفنه وتعرضه للتغير.
ويحرم كذلك نقله من القبر إلا لغرض صحيح، كأن دفن من غير غسل، أو إلى غير القبلة، أو لحق القبر سيل أو ندوة.
قال في المنهاج: ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة، كأن دفن بلا غسل أو في أرض، أو ثوب مغصوبين، أو وقع مال، أو دفن لغير القبلة.
وعند المالكية: يجوز نقله من مكان إلى مكان آخر، قبل الدفن وبعده لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يغرقه البحر أو يأكله السبع، أو لزيارة أهله له، أو لدفنه بينهم، أو رجاء بركته للمكان المنقول إليه ونحو ذلك.
فالنقل حينئذ جائز ما لم تنتهك حرمة الميت بانفجاره أو تغيره أو كسر عظمه.
وعند الاحناف: يكره النقل من بلد إلى بلد، ويستحب أن يدفن كل في مقبرة البلد التي مات بها، ولا بأس بنقله قبل الدفن نحو ميل أو ميلين لان المسافة إلى المقابر قد تبلغ هذا المقدار، ويحرم النقل بعد الدفن إلا لعذر كما تقدم.
ولو مات ابن لامرأة ودفن في غير بلدها وهي غائبة ولم تصبر، وأرادت نقله، لاتجاب إلى ذلك.
وقالت الحنابلة: يستحب دفن الشهيد حيث قتل.
قال أحمد: أما القتلى، فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ادفنوا القتلى في مصارعهم " وروى ابن ماجه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمر بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم.
فأما غيرهم فلا ينقل الميت من بلد إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح، وهذا مذهب الاوزاعي وابن المنذر.
قال عبد الله بن ملكيه: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبش فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبره.
ثم قالت: والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك.
لان ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغير، فأما إن كان فيه غرض صحيح جاز.
قال أحمد: ما أعلم بنقل الرجل يموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا.
وسئل الزهري عن ذلك؟ فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة.