استحباب صنع الطعام لأهل الميت

إلا إذا ظهرت، تمس نبذة من قسط، أو اظفار (1) ".
والاحداد ترك ما تتزين به المرأة من الحلي والكحل والحرير والطيب والخضاب.
وإنما وجب على الزوجة ذلك مدة العدة، من أجل الوفاء للزوج، ومراعاة لحقه.

استحباب صنع الطعام لأهل الميت:
عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا
لآل جعفر طعاما، فإنه قد أتاهم أمر يشغلهم " رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي.
وقال: حسن صحيح.
واستحب الشارع هذا العمل، لانه من البر والتقرب إلى الاهل والجيران.
قال الشافعي: وأحب لقرابة الميت أن يعملوا لاهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم، فإنه سنة وفعل أهل الخير.
واستحب العلماء الالحاح عليهم ليأكلوا، لئلا يضعفوا بتركه استحياء أو لفرط جزع.
وقالوا: لا يجوز اتخاذ الطعام للنساء إذا كن ينحن لانه إعانة لهن على معصية.
واتفق الائمة على كراهة صنع أهل الميت طعاما للناس يجتمعون عليه، لما في ذلك من زيادة المصيبة عليهم وشغلا لهم إلى شغلهم وتشبها بصنع أهل الجاهلية لحديث جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
وذهب بعض العلماء إلى التحريم.
قال ابن قدامه: فإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز، فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والاماكن البعيدة.
ويبيت عندهم، ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه ".

(1) القسط والاظفار: نوعان من العود الذي يتطيب به.
و" النبذة " القطعة: أي يجوز لها وضع الطيب عند الغسل من الحيض لازالة الرائحة الكريهة.

جواز اعداد الكفن والقبر قبل الموت قال البخاري: باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه، وروى عن سهل رضي الله عنه أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة، فيها حاشيتها (1) أتدرون ما البردة (2) ؟ قالوا: الشملة.
قال: نعم.
قالت: نسجتها بيدي، فجئت لاكسوها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا، وإنها إزارة، فحسنها فلان فقال: اكسنيها.
ما أحسنها.
قال القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لايرد، قال: إني والله ما سألته لالبسها، إنما سألته لتكون كفني، قال سهل فكانت كفنه.
قال الحافظ معلقا على الترجمة: وإنما قيد " أي البخاري " الترجمة بذلك.
أي بقوله: " فلم ينكر ليشير إلى أن الانكار وقع من الصحابة، كان على الصحابي في طلب البردة، فلما أخبرهم بعذره لم ينكروا ذلك عليه، فيستفاد منه جواز تحصيل ما لابد منه للميت من كفن ونحوه في حال حياته، وهل يلتحق بذلك حفر القبر؟ ثم قال: قال ابن بطال: فيه جواز إعداد الشئ قبل وقت الحاجة إليه.
قال: وقد حفر جماعة من الصالحين قبورهم قبل الموت، وتعقبه الزين بن المنير: بأن ذلك لم يقع من أحد من الصحابة، قال: ولو كان مستحبا لكثر فيهم.
وقال العيني: لا يلزم من عدم وقوعه من أحد من الصحابة عدم جوازه.
لان ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، ولاسيما إذا فعله قوم من العلماء الاخيار.
قال أحمد: لا بأس أن يشتري الرجل موضع قبره، ويوصي أن يدفن فيه.
وروي عن عثمان وعائشة وعمر بن عبد العزيز رضيا لله عنهم أنهم فعلوا ذلك.

(1) حاشيتا الثوب: ناحيتاه اللتان في طرفهما الهدب.
(2) مقول سهل.