دكتوراه في التشخيص والادعاء!

جريدة الرياض
02-04-2020

في البدء تحية إجلال واحترام لكل أطبائنا وكل الطواقم الصحية التي تعمل بصمت غير أنها في موقع المواجهة المباشرة؛ لكي تدحر هذا الوباء الخطر.. والتحية موصولة لكل من استنفر جهده لخدمة البلاد والعباد في هذه المحنة من رجال دولة وأمن وإعلام وباحثين.. ولن نألو في هذه المحنة أن نكتشف قيمة العمل الكبير الذي يُبذل.. والأهم أننا وقفنا جليا على حقيقة أن بلادنا تقدم نفسها بشكل رائع ومثالي أثناء الأزمات.. لكن ومع هذه التوطئة فإن هناك ما كشف لنا الفراغ الذي يعيشه البعض، وأقصد هنا الفراغ المعرفي الفكري والتعاملي.

تكشفت لنا كل الأمور بإيجابياتها وسلبياتها من جراء أننا ركزنا على ذلك أكثر ونحن نعيش الالتزام بالمنزل كجانب وقائي مهم جدا في حربنا مع كورونا.. بما سخر لنا أن نطلع على كثير مما يكتب خاصة فيما يدور في فلك بلادنا.. وبما كشفت من نواحي إيجابية عظيمة إلا أنها كانت ميدانا خصبا للبعض للتسابق باستعراض المعلومات أو الأفكار وحتى النصائح، ناهيك عن التفنن بالألقاب العلمية وتضخيمها بين آخرين.. ولا ننكر أن هناك المفيد المثمر الذي واكب الأزمة وساعد في تحسين الأفكار والتعامل تجاهها.. وهناك من مال إلى التشخيص وكأن الخوض في كل تفاصيل الأزمة سيمنحه ذِكرا إضافيا لمراكز أعلى ومتابعين جدد.

وفي هذا الشأن لن ننكر أن حملة الدكتوراة الحقيقيين نبيهون مطلعون وهذا لا يعني أنهم أقدر من غيرهم في غير مجالهم.. لكن لن نعدم بعضهم وإن كانوا يتكلمون في غير علمهم أن تكون لديهم المصداقية والجدارة والاطلاع الكافي.. لكن أن يكونوا منظرين يهرفون بما لا يعلمون، أو من أصحاب القص واللزق.. فتلك وصمة في جبين الدكتوراة.. والسبب أنهم رأوا خدمة ذاتهم على حساب المجتمع وأزماته!.

بعدما تابعناه تراءى لنا أن ليس كل من حمل الدكتوراة مفيدا لمجتمعه وقد تكون رسالته من تلك التي أخذها دراسة نظرية عبر أحد المعاهد العالية في فترة لا تتجاوز العام أو بزيادة عليها نصفها.. وهنا لا نعمم لكننا نؤكد على ما قاله وزير الإعلام الكويتي السابق أحمد الربعي - رحمه الله -: "أن يسبق اسمك "دال نقطة" فهذا قد يعني أنك دكتور أو.. دنبك"!.. وهو امتداد لرأي الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - الذي قال: "قابلت عبر السنين عدداً لا يستهان به من حملة الدكتوراة اللامعين وعدداً مماثلاً ولا أزال حائراً.. لا أعرف كيف حصلوا على الدرجة، وأستغفر الله من سوء الظن".

الأهم في القول أن قادة العلم والتخصص "وبلا شك أن الدكتوراة درجة متقدمة في ذلك".. دورهم توعية المجتمع لا أن يستغلوا أزماته باستعراض باهت بحثوا فيه عن أنفسهم.. وهو ما نعتبره تضليلا مضرا لأن الوطن كيان يحتاج في هذه الفترة الصعبة أن تقول خيرا أو تصمت.