بين النظام والمرونة

جريدة الرياض
02-04-2020

الموظف الذي يقوم بعمله بالتزام دقيق جداً بالوصف الوظيفي ولا يتصرف إلا حسب النظام هو في نظر البعض موظف تقليدي غير مبدع ينتظر التوجيه ولا يملك القدرة على اتخاذ القرار حين يواجه مواقف طارئة أو مواقف تتطلب تطبيق روح النظام. أما الموظف المبدع فهو حسب رأي آخر الواثق من نفسه الذي لا يقيد نفسه بالنصوص في كل الظروف. الأول والثاني كلاهما سيتلقيان الإشادة أو اللوم ولكن حسب الظروف والنتائج.

الأنظمة وجدت لكي تحترم وتنفذ تحقيقاً لسلاسة العمل وترسيخ العدالة، هكذا تقدمت الدول. السؤال المتكرر حول هذا الموضوع هو: متى يستخدم الموظف المرونة وإلى أي حد، هل يكسر النظام في ظروف معينة لكي يقال إنه مرن؟

وفي حالة اتباع النظام مع الجميع تطبيقاً للعدالة، هل سيدعم رئيسه هذا الموقف أم يرى أنه يجب أن يتصرف بمرونة في بعض الحالات. متى تكون المرونة باباً للفساد، ومتى تكون باباً لفعل الخير وتقدير ظروف الحالة؟ عندما يوجه الرئيس المرؤوس بعبارة (حسب النظام) فهذا توجيه في الغالب يتسم بالوضوح، لكنه أحياناً يحتمل المرونة حين يكون شفرة متفقاً عليها كي يتصرف المرؤوس باتخاذ الإجراء المناسب حسب تقديره للحالة.

تلك أسئلة تتوقف الإجابة عليها على طبيعة العمل، ومسؤوليات الموظف وحدود صلاحياته. إذا كانت الثقة موجودة في المرؤوس فإن المطلوب منه أن يتصرف ويتخذ القرار ويخفف العبء عن الرئيس، وهذا الأمر يتطلب تفويض الصلاحيات. وهناك مقولة مشهورة وهي أن الصلاحيات تؤخذ ولا تعطى. هذه المقولة تشجع المرؤوس على اتخاذ القرار في بعض المواقف مما يضع الرئيس في حالة اختبار. هل سيقف الرئيس مع المرؤوس داعماً لقراره بصرف النظر عن توافقه أو مخالفته للنظام؟

تفادي هذا الاختبار يتحقق حين يبادر الرئيس بتفويض الصلاحيات للمرؤوس بما يتناسب مع مسؤولياته. في هذا التوازن بين الصلاحيات والمسؤوليات يكمن الحل، مع الأخذ في الاعتبار أن تفويض الصلاحيات لا يعني تفويض المسؤولية. التفويض له شروط ومعايير من أهمها توفر الثقة والتأهيل والتدريب في الموظف المفوض إليه، وهذه مسؤولية الرئيس.