صراع الديكة وتصدير الكراهية

جريدة الرياض
20-12-2019

لم تترك منصات مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها وتنوعها للبرامج الرياضية أي مساحة للتفرد بما يمكن أن يجذب لها المشاهد الرياضي كما كان سابقًا، فهذه المواقع أصبحت وجهة للمشجع الرياضي ليس اليوم بل منذ سنوات للبحث عما يريد من معلومة أو خبر يتعلق بأحداث ناديه، وأتاحت له حرية التواصل والتعليق بل أنتجت أسماء استطاعت أن تسحب البساط من البرامج الرياضية والإعلاميين، وأصبحت لها جماهيريتها التي تثق بها وبما تبث من أخبار ومعلومات، لم يقتصر الأمر على حصرية الأخبار وتفردها، بل إن المعلن وجد في هذه المواقع وفي مشاهيرها نافذة للوصول للجماهير التي يريدها عبر نجوم ومشاهير هذه المواقع، وهذه معاناة أخرى للبرامج والقنوات الرياضية التي افتقدت حصرية الأخبار، وافتقدت الموارد المالية التي تحولت لمنافسها الجديد، هذا التحول الكبير لم يقابله عمل وتخطيط سليم من الكثير من البرامج والقنوات الرياضية لمواجهة هذا التحول الكبير الذي هو بمثابة الموت البطيء لها، فسلك بعض مسؤولي ومعدي ومقدمي هذا البرامج مسلكًا مختلفًا وبعيداً كل البعد عن المهنية واحترام المشاهد الرياضي، بل أصبحت تنهج ما من شأنه لفت أنظار المتابع لها وإبقاؤها في دائرة التنافس بافتعال الإثارة تارة بالتشكيك في منجزات الأندية وأخرى بافتعال صراعات بين ضيوفها مضحكة كصرعات الديكة التي لا يتجاوز تأثيرها أسوار الحظيرة التي تحيط بهم، وهم يظنون بأن الكون توقف لمشاهدتهم.

هذا النهج لأغلب البرامج الرياضية وإن كان تأثيره محدوداً في ظل وعي المشجع الرياضي لدينا والذي أصبح مثل هذا النهج يثير سخريته أكثر من مشاعره، إلا أنه لا يمكن إغفاله في تأسيس سلوك خطير قائم على التشكيك بكل منجز وطني يتحقق لأنديتنا ورياضتنا، ومساهمته في قتل الروح الرياضية والمنافسة الشريفة بين أنصار الأندية ومحبيها، وهذا ما يجب أن يعيه القائمون على رياضتنا وإعلامنا من الهيئة العامة للرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم ووزارة الإعلام وكل من له صلة من نقاد حقيقيين وإعلام صادق مهني بوضع حلول عاجلة قبل أن يصبح هذا المنهج من صراعات الديكة سلوكًا معتادًا لدى بعض صغار السن من المتعصبين لأنديتهم دون دراية وعلم بخطره وبما يسببه من تعصب وكراهية في المستقبل القريب.

فاصلة 

أتعاطف كثيرًا مع المشجع الرياضي الذي وصلت به الحال إلى أن يربط كل مجريات حياته بالرياضة، فلا يرتدي إلا لون شعار ناديه، ولا يصادق إلا من يشاركه في الميول، بل أتعاطف معه أكثر عندما أرى مثل هذا المشجع أصبح أسيرًا لمتابعة، متعصبًا لا يعرف من الرياضة ومن الإعلام إلا التشكيك في منجزات منافسه بأسلوب رخيص يثير الاشمئزاز، هذا النوع من المشجعين بحاجة لبرامج تثقيفية وإرشادية في كيفية الانتماء لناديه واحترام منافسه، وقبل ذلك معرفة أن الرياضة تسلية لا أكثر.