عن معنى السعادة

جريدة الرياض
20-12-2019

إن أسوأ الأمور في الحياة عندما تكون في حالة يأس حادة وهذه الحالة سوف تقربك لارتكاب أبشع جريمة في حق نفسك، وربما تؤدي بك إلى الانتحار. فاليأس والموت لا يختلفان عن بعضهما؛ إذ يكون الاكتئاب مصاحباً لليأس وبهذا يشكل لنا قلق النفس في وجودها الحاضر فهي غير مستقرة فتتشكل في وجدانها الماضي والمستقبل في لحظةٍ واحدة.

الإنسان لا يكون إنساناً وهو في قمة سعادته ولا يكون إنساناً وهو في قمة حزنه، فالإنسان هو وسط بين المشاعر الفياضة والأحاسيس المتعالية. وهذا الأمر يقودنا إلى تفاصيل حياته الأساسية التي لا بد أن يجاورها بهدوء تام، ولك أن تتأكد في قراءة جوهر كل دين؛ فمفاد الأديان أن يكون ضمير الإنسان أكثر صلة في الطبيعة، كممارسة لفهم وجوده ومن ثم التحليق في ما ورائيات العالم والتفكر أكثر بحاضره والولوج أكثر فيما يستنج من هذا التفكير حتى يصل إلى عالم الطمأنينة. فبعد هذا الخيال المستشرق تشرق له السعادة وتظهر له بكل تجلياتها.

إنها رحلة مكوكية داخل العقل وهذا العقل لو فكر بمسار صحيح ومتزن لن تحدث انحناءات داخل النفس بل تسير وفق آلة زمنية من السعادة الأبدية شرط ألا تكون مفرطة، فالإفراط ربما يوقعنا في دوامة الاعتلاءات النفسية.

السعادة الحقيقية هي أعظم ما نملكه وهي قريبة من أرواحنا، بل تسكن داخل نفوسنا وربما هي الكينونة أو المناداة الجوهرية، إن نفذت من حياتنا فلا أمل لحياةٍ جديدة بل الشقاء المستمر. فالحياة لا تعطيك بهجتها إلا بوجود السعادة فهما مرادفان لبعضهما وعلى الجانب الآخر من النقيض إذ نجد الحزن رديفاً للموت فالأحزان تُذكرنا بفناء كل شيء.

يظن البعض أن السعادة ما هي إلا صورة كأي صورة أو عرض من أعراض المادة أو الجوهر ولكن في حقيقة الأمر هي كل هذه الأشياء. فهي تفيض في حالة الخير ولا تكون في حالة الشر، فالحكمة من وجودها من أجل الخير والأخلاق.

أما السعادة مع الشر فلا يمكن وجودهما جنباً إلى جنب وإنما هو وهم بل الأفضل أن نقول دجل وعبث. فحين ينهي المجرم جريمته يشعر بسعادة وإنما حقيقة الأمر هو في حالة هستيرية تكون أشبه بالشعوذة، وإنما داخل نفسه حالة قلق بسبب هذا التناقض الذي يعيشه المجرم ضد إنسانيته.