آفة الفساد وآثاره

جريدة الرياض
09-11-2020

بتاريخ 15 / 10 / 2020م نشرت عدد من صحفنا المحلية ورقية وإلكترونية تصريحاً لمصدر مسؤول في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بأن الهيئة باشرت مؤخراً (889) قضية جنائية وتأديبية وعدد أبرز القضايا المعالجة فمنها ما حصل من موظفي البلديات بإحدى المحافظات التابعة لمنطقة الرياض، وقبض على 13 مذنباً كان إجمالي ما جرى التحفظ عليه من مبالغ نقدية وعقارات وأرصدة بنكية وقيم عملات أجنبية وبطاقات مسبقة الدفع يزيد على ست مئة مليون ريال، وكانت تلك أبرز 13 قضية تحدث عنها المصدر، وبتاريخ 14 / 3 / 1442هـ، نشرت عدد من صحفنا تصريحاً آخر لا يقل أهمية عن سابقه لتماثل طرق الفساد وتماثل المفسدين.

في البداية الكل (المتعلم والجاهل) يعرف معنى الفساد وقد عرف الفساد على أنّه أعمال غير نزيهة يقوم بها الأشخاص الذين يشغلون مناصب في السلطة لتحقيق مكاسب خاصة، وتضم أفعال الفساد قائمة كبيرة من الأعمال غير الأخلاقية منها إعطاء وقبول الرشاوى والهدايا غير الملائمة، والمعاملات السياسية غير القانونية، والغش أو الخداع، وغسيل الأموال وغيرها. ومن دواعي ظهور الفساد في المجتمعات الأطماع الشخصية كرغبة المسؤولين المطلقة في المال والسلطة، وانخفاض الحس الوطني والأخلاقي وانخفاض الوعي وعدم وجود الشجاعة بين بقية الناس لمواجهة الفساد والفاسدين، ووجود البيئات الثقافية التي تشجع الفساد وتتغاضى عنه إلى جانب وجود القوانين واللوائح غير الرادعة، وأخيراً بطء العمليات القضائية وعرقلة سير العدالة وما يماثل ذلك، أعود فأقول: إن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ومن كان خلفهم ممن هم وراء الكواليس من إدارات أخرى متعاونة مع الهيئة لا تقل مسؤولياتها عن الهيئة تقوم مشكورة بجهود جيدة جداً؛ وخير دليل على ذلك ما ورد بهذين التصريحين وأشار الأول إلى أن أكثر من ست مئة مليون ريال كانت حصيلة فساد 13 شخصاً؛ وتضمن التصريح الآخر 123 قضية جنائية، وأجزم أن هناك قضايا جنائية في الطريق؛ وقد تحدث المصدر في التصريحين أن من هؤلاء ومن أولئك المسؤول الكبير في أي من الوزارات ومنهم من يحمل رتباً عسكرية ومنهم الوافد الذي أطلقت يده لإدارة شؤون مالية أو إدارية في الإدارات الحكومية بمعنى منحوا الثقة من قبل مرؤوسيهم؛ والعجيب أن ممن اتهموا بالفساد يعرفون عواقب الخيانة.

ولا شك أن مرض الفساد مرض سرطاني مدمر للشعوب؛ وأن آفة الفساد على اختلاف مظاهرها تُعد المعوَّق الأكبر لكافة محاولات التقدم، والمقوَّض الرئيس لكافة دعائم التنمية، مما يجعل آثار الفساد ومخاطره أشد فتكاً وتأثيراً من أي خلل آخر، إذ إنه لا يقتصر دوره المخرب على بعض نواحي الحياة دون البعض الآخر، بل يمتد إلى شتى نواحي الحياة الاقتصادية كإعاقة النمو الاقتصادي وإهدار لأموال الدولة؛ والاجتماعية كانهيار النسيج الاجتماعي؛ والسياسية كتشويه الدور المطلوب من الدولة وضياع وانهيار هيبة القانون أو النظام وإضعاف كل جهود الإصلاح وغير ذلك؛ ومن هنا نشد على أيدي مسؤولي هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ومن ساندوهم وندعو إلى التعاون معها بالإشعار عن كل مفسد لمقدرات هذا الوطن.