سفه التيك توك

جريدة الرياض
13-08-2020

ربما يكون الجهل في الزمن الحديث من الصفات التى تدمر وتنسف الجهود الكبيرة في بناء المجتمع بقدر ما يجود أناس أذكياء قادرون على تميز الخبيث من السمين هناك عقول لا يستهان بها تجهل بواطن الأمور وخفايا الحروب، كورونا علمتنا النظافة والتباعد وغيره ألا هناك من يريد أن يعيدنا إلى المربع الأول عبر التاريخ تنوعت الحروب التي تتغذى على ثقافة موت الآخر سلوك استعماري في أوروبا ظهر الفكر النازي الفاشي الذي شن حروب الإبادة ضد الجنس البشري حصدت ملايين الأرواح في القرن العشرين حروب وليدة النشأة فكر إنساني مريض على مسرح الأضواء واستخدام وسائل المحرمات ماذا ننتظر حتى يكتمل المشهد الفوضوي السفة المضمحل واللعب على وتر الرفاهية والفكر الآخر؟

سفه التيك توك من اسمه مدلول واضح "أعرضُ وأمشي" بدأنا نلمس بعض الأمراض وإسقاطات من خلال تصرفات رعناء هوجاء تارة وتارة أخرى تصرفات لا أخلاقية واغتيال براءة الأطفال! ما المغزى من تمايل الجسد واللباس غير المحتشم أصبح معرضا للصور والعضلات المفتولة بحركات وإيحاءات سوقاً لعرض البضاعة مما لذ وطاب وتنوع (كثير من الأمثلة على ذلك من النطيحة والمتردية) يخجل الإسلام منها جملة وتفصيلًا والضرب بعرض الحائط هويتنا وثقافتنا وحضاراتنا القديمة نحن فعلا أمام معضلة حقيقية لا يكفي مواجهتها بالمقولات والشعارات بل الحراك والاطلاع على التفاصيل التي قد تكون مروعة في ظل الغفلة العامة ومسايرة تحديثات العصر الذي أثر تأثيرًا بالغًا على مخرجات المجتمع التي تظهر جليًا على مواصفات الجيل الجديد أصبح هناك لبس بين علاقة القوانين بالحرية لأن القوانين لا تمنح الحرية كما يتوهم الكثيرون بل تقوم بجوهرها على حماية الحرية وصيانتها وممارستها بطريقة متحضرة وراقية.

ليس هناك أكثر خطوره من انهيار بناء كامل من القيم التربوية وليس هناك أشد رعبًا من انهيار المرجعية "القدوة العليا" التى نحتكم إليها وغيابها غير المبرر خاصة في الأوقات التى أصبحت الثقافات مفتوحة ووسائل التواصل متاحة في متناول الجميع دون ضوابط وقيود لم نكن يوما أمةً متخلفة ورجعية ولم نكن يوما ضد الانفتاح المعرفي على الحضارات والثقافات المختلفة ولم نكن يوما بصدد تضييق الاتصال والخناق على مدعي الحرية بقدر ما نريد تسليط الضوء على قضية مهمة وخطيرة قائمة على شرائح الأعمار الصغيرة بذهول فعل تلك اليرعات الصغيرة مع تغيب الرقيب الأول ما يستوجب قرع الجرس واستنفارًا عامًا لوضع حد للسفه الآثم على كياننا ومجتمعنا، وإيجاد البيئة السليمة هدف مجتمعي كبير ينبغى أن يكون محل عناية جميع القوى وجميع الاتجاهات بلا استثناء على الأقل أسوة بالبلدان الأخرى التي رأت أنه يهدد أمنها.