«يا نعيش سوا أو ننتهي سـوا»

جريدة الرياض
13-08-2020

لم أتجاوز الثانية عشرة من عمري عندما حلّت كارثة الغزو العراقي الغادر على دولة الكويت الشقيقة في الثاني من أغسطس 1990م، ورغم ذلك أحسست بألم ذلك الحدث من الأعماق؛ فالكويت لها مكانها الرحب في قلبي وفي قلب كل خليجي، كيف لا ونحن نقرأ منذ الصغر في شارة ختام المسلسلات الكرتونية المدبلجة اسمها كمقر رئيس لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج؛ كيف لا وقد نشأنا على أعمال كويتية خالدة عاش أبطالها معنا كما لو كانوا من أفراد الأسرة؛ كيف لا ونحن ننجذب للأغنية الكويتية بسحرها الآخاذ وبجمال أصوات فنانيها؟ وعلى الصعيد الشخصي أحببت منتخب الكويت لكرة القدم وكنت أشجعه بعد منتخبنا الوطني الأخضر البطل؛ نظراً لما كان يملكه من نجوم كبار أعطوا للكرة ألقاً وإضافة؟ إذاً كانت الكويت ملء السمع والبصر في شتى المجالات، وبالتالي لم يكن مستغرباً أبداً حجم التعاطف الشعبي والدولي الكبير معها في ذلك الحدث الجلل.

في هذه الأيام مضى ثلاثون عاماً على الغزو، وأبرز من نستذكرهم في هذه الذكرى هو الوالد الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - الذي أطلق كلمته الخالدة التي رددتها وسترددها الأجيال عندما قال: «تساوت الحياة والموت بعد اللي حصل وبعد ما شفت بعيني وش اللي عُمل بالشعب الكويتي ما عاد فيه كويت ولا فيه سعودية.. فيه بلد واحد.. يا نعيش سوا أو ننتهي سوا». ما أعظمها من كلمات وما أبلغها من أفعال وهي تصدر من رجل عظيم ألقيت على عاتقه مسؤولية تاريخية كبيرة، فتصرف بكل حكمة وحنكة ودهاء مواصلاً الليل بالنهار مع قادة التحالف الدولي لأجل تحرير الكويت سلماً إن أمكن ذلك أو حرباً إذا لم يكن هناك حل سوى الحرب حتى انتهت تلك الأزمة بعودة الحق لأصحابه ورجوع الكويت إلى أهلها، وقد تصدرت هذه الكلمة التاريخية في تغريدة للحساب الرسمي لمعرض الملك فهد «الفهد روح القيادة» في تويتر إمعاناً في الارتباط الوثيق بين الفهد وتحرير الكويت.

وهنا أسجل كلمة فخر وشكر وإعجاب بالمعرض الذي أقيم للمرة الأولى العام 2015 في مدينة الرياض برعاية وحضور مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - ثم أقيم لاحقاً في منطقة مكة المكرمة والمنطقة الشرقية، ثم استهل جولته الخارجية مطلع العام 2019 في دولة الكويت؛ وإزاء ذلك لا أجد أبلغ من كلمة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس اللجنة التنفيذية للمعرض - وفقه الله - في لقائه مع تلفزيون الكويت في برنامج ليالي الكويت عندما قال سموه: لو أن الملك فهد حياً لاختار الكويت لتكون أولى المحطات الخارجية للمعرض. ما أروع هذا الحديث الذي يجسد عمق العلاقة التي تربط القيادتين والشعبين الشقيقين الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ. رحم الله الملك فهد بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد وجميع من رحل من قادتنا، وحفظ الله مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأسبغ لباس الصحة والعافية على صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة.