التلمـذة

جريدة الرياض
09-07-2020

حينما كنّا في عمر الطفولة في مراحل التعليم المبكرة كانت كلمة تلميذ من الكلمات التي لها وقعها في أنفسنا ونشعر بالسعادة فقط لأننا ننتمي لفصلٍ مليء بالتلاميذ وكنا نبذل قصار جهدنا لكي نتميز في تحصيل العلوم واكتساب المعرفة، وذلك سببه انعدام الغرور والتكبر وعدم الإحساس بالانزعاج والتوتر من عدم المعرفة فنبادر مباشرة بالأسئلة والبحث عن الأجوبة لكل ما يجول في خواطرنا دون تردد وربطها بحياتنا اليومية، ومع تقدمنا في المراحل التعليمية بدأنا نشعر بالرغبة في الانتهاء من هذه المرحلة في أسرع وقت ممكن جاعلين ما نتعلمه حبيساً لجدران تلك الصفوف الدراسية والجامعية، وقد يكون من مسببات ذلك الأساليب التقليدية للعملية التعليمية أو البيئة الاجتماعية وغيرها، ولم نكن نعلم أننا لن نستطيع مهما ابتعدنا عن تلك الصفوف أنه يجب علينا البقاء تلاميذ بالاستمرار في عملية التعلم لمواكبة جميع التطورات والمتغيرات في زمن تعددت فيه العلوم وتنوعت فيه الصناعات والابتكارات، وتتجدد فيه المعلومات في كل ثانية، وأن ما تم معرفته بالأمس قد يصبح اليوم بعضه عديم الفائدة، لذلك وجب علينا تعلم فن (التلمذة) حتى وإن بقيت المعلومات والأشياء على حالها فنحن بحاجة لتقمص هذا الدور في كل مجال نسلكه في الحياة حيث إننا نتعلم منها وبها، وذلك لافتقارنا بالإحاطة بجميع العلوم والمعارف والممارسات، حيث إن دورنا في فن التلمذة يقوم على الإحساس بالتواضع والاعتراف بوجود من لديهم قدرات من العلم والمعرفة والخبرة أكثر من تلك التي نملكها، وألا نخجل من التعلم أو التتلمذ على أيدي أصحاب تلك القدرات والخبرات، وبإيماننا بذلك سوف نخطو بخطواتنا نحو التمكن من هذا الفن ونتجول في مراحلة ابتداء من مرحلة التلمذة، ثم إلى ترجمتها لواقع عملي من خلال مرحلة التدريب ووصولاً للممارسة ثم الإتقان.