«برنامج مسافة».. آفاق للعقول

جريدة الرياض
08-07-2020

يتفهم المثقف مسؤولية ثقافته، ويعمل من أجل إثبات حقها أو بالأحرى إثبات حقه في إنصافها. 

برنامج مسافة أعاد للتفكّر مساحة هدوئه، بين الضيوف ومذيعها وبين المشاهد لها؛ إجادة في اختيار النصوص القائمة على نقاشها، لم تكن محصورة لبرنامجها، استطعنا نحن المشاهدين من خلالها أن نأخذها معنا بعد الانتهاء منها، ولم نشعر بذلك التشبث حتى النهاية من آخر كلمة تنطق من أفواههم. قوة الاستيعاب للنقاش لها أثر قيم في حراك ثقافتنا والتناقل بينها، كانت رسائل واقعية تخرج من العقل إلى النطق إلى المنطقية في قبولها أو رفضها فيما تترتب عليه أفكارها، نجاح النقاش في برنامج مسافة قد يكون الدور فيه للمذيع عبدالرحمن السعد في طريقته ومجاراته للنقاش واحترامه ورغبته في الإجابة لا في مهاجمة السؤال بالسؤال الآخر، كان يسمح للضيف بأن يأخذ التكيف المتلائم في تمعن طرحه وتكوين إجاباته، من المهم في البرامج الثقافية أن يرتاح المشاهد في حال اطلاعه عليها حتى يتمكن من الانسجام في تأثير المثقفين، وإضافة ثقافة أخرى كانت نتيجة عقول أخرى لكنّها بقيت تناقش في الأذهان حتى تشبعت العقول كما يليق بها. كان اختيار المثقفين موفقاً من حيث التجربة والخبرة والحكمة التي تشكلت منذ بداياتهم للبحث عن الثقافة الواعية في مفهومية المعنى حتى استمراريتهم لها. وأتمنى أن يستمر هذا البرنامج في رصد مسيرة المسافة الثقافية ليقربنا من مسافة الفكر الثقافي، واختلاق الفرص للعديد من المثقفين السعوديين القائمين على الحراك الثقافي في جميع أعمالهم، هناك أدباء آخرون يستحقون توثيق أسمائهم في سير الثقافة وبقاءها على حقائب الأزمنة حتى نتناقلها أجيالاً بعد أجيال كمرجع لنا في إنهاض ثقافتنا النقاشية مع الآخرين. 

"البرامج الثقافية الجيدة تستطيع أن تفعل بنا مثلما تفعله القراءة في تفتيح آفاق العقول والقدرة على نضوجها".