ضاعت فلوسك يا صابر

جريدة الرياض
08-07-2020

كشفت لنا جائحة فيروس كورونا التفكير المنطقي الذي كان غائباً عن فئة ليست بقليلة وذلك في تعاملاتهم المالية والتوثيقية وكشفت لهم أوجه القوة في توثيق التزاماتهم وحقوقهم إلا أنه على النقيض لدى من يخجل من توثيق تعامله بحجة الحياء أو الثقة المفرطة وفي نهاية الأمر نجد أنه ينعى مآله وحاله بـ(راحت فلوسك يا صابر)، فما التوثيق إلا وجهاً من الأوجه الشرعية التي أُمرنا بها ومع ذلك لا يحرص الكثير عليها ويتساهل بها.

بدأت الدول التي عرف عنها قوتها القانونية والتوثيقية في بداية القرن التاسع عشر ميلادي إلزام المتعاملين بتوثيق تعاملاتهم وكان هناك عدم رضا من الناس ومع ذلك وجدت النتائج الإيجابية مع مرور الوقت وأصبحت كالعادة لديهم، أما نحن فبدأت لدينا منذ بزوغ فجر الإسلام ولكن الكثير لم يعمل بها ما نتج عنه إثقال عاتق القضاء بكثرة المتداعين والدعوجية وبطلبهم (أطلب شرع الله) وكأنهم لم يعرفوا منه إلا حلف اليمين.

اتضح لنا في الآونة الأخيرة بروز اهتمام وزارة العدل في المملكة في تثقيف وإلزام الأطراف بالتوثيق، ونرى ذلك جلياً في اتفاقياتها وعدم نظر بعض أنواع الدعاوى غير الموثقة وهذا الذي كان مفترضاً منها إلا أنها تأخرت في فرضه، فما هو إلا من أسس العدل وبيان للمتقاضين ورحمة لهم خصوصاً بعد تطور أساليب النصب والاحتيال.

إن في توثيق الالتزامات والحقوق طمأنينةً للنفس، وإصلاحاً بين المستفيدين، وثقافةً لابد أن ننتمي لها، فالمحامون القانونيون يقدمون خدماتهم في كل مكان في مملكتنا الحبيبة، ومن يحتج بالتكلفة فإن خسارته تساوي عشرة أضعاف ما ينفقه للتوثيق، لنكن على قدر من المسؤولية في التزاماتنا وحقوقنا.

  • مستشار قانوني