الصناعات الوطنية الطبية

جريدة الرياض
08-07-2020

تمثل الأزمات والكوارث بداية النهاية لكثير من الأحداث والخطط التي قد تتحول من أزمة إلى فرصة سانحة لخلق مشروعات واستثمارات هائلة تعود بالنفع على الاقتصادات الوطنية والمجتمعات لتعود أكثر سلامة وصحة ولعل أبزر الأمثلة الحادث الشهير الذي تعرضت له هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في أواخر الحرب العالمية الثانية العام 1945م حيث مثل الحدث الكبير والضرر الجامح الذي أصابهما في مقتل إلى استنهاض الهمة واستشراف المستقبل وبناء نهضة اليابان الحديثة حيث لم يكن لديهم وقت للدموع بل كانت الهمم عالية ونهض الجميع بلا استثناء ليشارك في الصناعة اليابانية الحديثة.

ونهضت اليابان وتطورت بفعل سواعد أبنائها وتعد اليابان اليوم في مقدمة الدول الصناعية وتحظى صناعاتها بموثوقية ومصداقية عالية بين المنتجات العالمية المختلفة لدى المستهلكين في جميع أنحاء العالم بفضل الإتقان والدقة والجودة التي صنعتها أنامل شعبها.

نحن في بلادنا - والله الحمد - نمتلك العديد من الثروات الطبيعية والصناعية والبشرية إذ تعد الأخيرة أهم عامل وهبة لنا كمجتمع شاب نشيط ومنتج والصناعات تتطور وتزدهر متى ما بدأ العمل والإنتاج.

ويقدر لدينا سوق الصناعات الطبية بنحو 10 مليارات ريال في ظل صعوبات وعقبات تعترضه حيث إن وجود الأجهزة الطبية المنافسة المستوردة بسعر رخيص، وعدم توفر المواد الخام والحاجة لاستيرادها تمثل تحدياً كبيراً، وكما تذكر بعض الجهات أن إحدى المعضلات هي أن الرسوم تطبق على المحلية الصنع بينما الأجهزة الطبية المستوردة ليس عليها رسوم، بالإضافة إلى أن كراسة الشروط ما تزال الترسية للمناقصات تكون للأقل سعراً دون النظر للجودة وهنا تكمن الحاجة إلى وجود مصانع مرنة تتواءم مع الاحتياجات وتتعامل مع المستجدات حيث تستطيع تموين السوق المحلي بالاحتياجات الأساسية وفق المؤشرات التي يحتاجها السوق في حين تستطيع إيقاف تصنيع منتج وخلق منتج جديد من خلال سيور الإنتاج المختلفة التي تعتمد على الكفاءات الوطنية وتعمل على سد النقص المحلي من جميع المستلزمات وفتح مجال التصدير أمامها خصوصاً في دول الخليج العربي حيث إن المساحة الجغرافية والكثافة السكانية العالية مقارنة بدول الخليج تجعل فرص نجاح الصناعة السعودية أكبر وذات جدوى ومردود اقتصادي عالٍ، إذ تكون تكاليف الإنتاج عالية في بعض الدول ذات المساحة المحدودة والتعداد السكاني القليل مرتفعة التكاليف واليد العاملة أيضاً تمثل عبئاً إضافياً ما يجعل الاستيراد أرخص من الاستثمار في الصناعة في ظل محدودية أسواقها.

حيث نستطيع العمل على سد النقص في السوق المحلي ودول الخليج أيضاً من خلال منتج عالي الجودة منخفض التكلفة إذ يساهم التقارب الجغرافي على تقليل تكاليف الشحن والنقل في آن واحد.

مع كل أزمة تظهر تؤكد لنا أن تأهيل وتدريب المواطن هما الخيار الاستراتيجي الأول وأن الشباب السعودي في بلادنا الغالية لديهم الكثير من الإبداع والأفكار العالمية، وهم على استعداد كبير للعمل بكل إخلاص وحب لخدمة الوطن بالغالي والنفيس في ظل دعم الحكومة السخي وقيادتنا الحكيمة من أجل مستقبلنا ومستقبل الأجيال المقبلة.

عبدالعزيز الساحلي