أول لقاء مع غوريلا.. وردود فعل أخرى

جريدة الرياض
31-03-2020

لو أنك عشت قبل ألف سنة وعثرت على جوال أتى من المستقبل فماذا ستكون ردة فعلك؟ ستمسك به مدهوشاً، تتفحصه من كل زاوية، "ما هذه القطعة المستطيلة السوداء الغريبة؟"، تضغط نتوءاً فتضيء الشاشة وتُسقط الجوال من يدك بخوف، لا شك أنه من أعمال السحرة والمشعوذين!

ردات فعل البشر متوقعة عندما يواجهون شيئاً غير مألوف، ولا تعتقد أننا أذكى ممن سبقونا لأننا أكثر تطوراً وتعليماً، فالفطرة البشرية ثابتة لا تتغير، والمخ لديه مخطط كمخطط البناء الذي يعتمد عليه المهندسون ويسيرون عليه بثبات، ومن السيناريوهات التي يسير عليها المخ الريبة والخوف من شيء جديد مجهول، وللبشر طرائف في هذا المجال، فماذا فعل البشر لما رأوا الغوريلا للمرة الأولى؟ قبل 2500 سنة كان المستكشف هانو أول أوروبي يشاهد الغوريلا ويسجل ملاحظاته عنها، وقد أُرسِل لأفريقيا ليستكشفها ودُهِش من مرأى هذا الكائن الغريب، وسبب دهشته أنه ظنهم بشراً! لو أنه ربطهم مع القردة لخفَّ تعجبه فيرى أنها مجرد قردة كبيرة لكن حجم وتصرفات الغوريلا العاقلة شوشه، وكتب: "إنهم بشر همجيون، أكثرهم نساء، أجسادهم مشعرة، ويسميهم مترجمنا الإفريقي بالغوريلا". حاول هانو أن يقدم نفسه للغوريلات ولكنها لم تفهم كلام البشر طبعًا وظنت أنه يريد إيذاءهم فقذفوه بالحجارة وفر هو وأصحابه، وأمسكوا بثلاث غوريلات أصغر وحاولوا إقناعها أن ترجع معهم!

لما عثر العالم الإنجليزي روبرت بلوت عام 1676م على عظام ديناصور كبيرة ظنها عظام فيل، لكن لما قارنها مع عظام فيل حقيقية لاحظ اختلافاً، فتوصل إلى استنتاج واحد: إنها عظام جالوت. في تراثهم أن الملك جالوت ضخم الحجم ولا شك أن هذه عظامه! غاليليو العالم الكبير لما رأى زحل لأول مرة بالتلسكوب كانت الصورة مشوشة، ولم تظهر حلقات زحل واضحة بل رأى شيئاً دائرياً يبرز من طرفيه جسمان، فظن أن الكوكب له آذان، هكذا وصفه.

الآن أستراليا يستوطنها الأوروبيون ولكنهم لما وصلوها للمرة الأولى وصفها المستكشف الهولندي ويليم جانسون أنها لا قيمة لها، ولعل تجربته مع السكان المحليين أتت بهذا الانطباع لما قتلوا تسعة من رفاقه وأكلوا لحومهم، غير أن أستراليا مليئة بمناطق قاحلة وكائنات خطرة. من كائناتها العجيبة خلد الماء، كائن تراه فتظن أنه لعبة لغرابة تركيبه، جسم الخلد ومنقار البطة وذيل القندس، يعيش في البر والماء، من الثدييات لكنه يبيض! حتى العلماء كذّبوا وجوده وظنوا أنه خرافة.

أما على هذه الأخيرة فلا ألومهم!