المملكة.. قيادة دولية مسؤولة ورئاسة ملكية حكيمة

جريدة الرياض
31-03-2020

إن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - في افتتاح قمة مجموعة العشرين استطاعت بعث روح الأمل والتفاؤل لدى شعوب العالم التي أصابها الإحباط وسيطر عليها التشاؤم، وتمكنت من إحياء روح العمل والتعاون المشترك..

المملكة عندما تتولى قيادة منظمة دولية وتترأس اجتماعات قادتها فإنها تقوم بمسؤولياتها الدولية بكل احترافية، بهدف تحقيق الغايات السَّامية التي من أجلها تأسست تلك المنظمة، والارتقاء بمستوى الرئاسة بما يتناسب ويتماشى مع أهمية الأحداث الدولية العادية والاستثنائية. والمملكة، عندما تدعو قادة المنظمة الدولية التي تترأس دورتها السنوية لعقد قمة دورية أو استثنائية فإنها تقوم بمهامها وواجباتها الرئاسية للمنظمة بكل كفاءة واقتدار؛ بهدف توحيد الجهود الدولية، وتفعيل العمل الدولي المشترك، وتسخير الإمكانات الدولية المتاحة لخدمة الأهداف النبيلة التي من أجلها نشأت تلك المنظمة الدولية. وهذه الغايات السَّامية والأهداف النبيلة هي التي دفعت المملكة لدعوة قادة مجموعة العشرين، التي تترأس دورتها الحالية، لعقد قمة استثنائية تناقش تنسيق الجهود العالمية لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد COVID - 19"، والحد من تأثيره الإنساني والاقتصادي.

وبما أن هذه الدعوة الملكية الكريمة لعقد قمة دولية، على مستوى قادة دول مجموعة العشرين ورؤساء وممثلي المنظمات الدولية المتعددة والمتخصصة، جاءت في ظل ظروف صحية وإنسانية مأساوية نتيجة لانتشار فيروس كورونا المستجد، وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها معظم دول العالم للحد من انتشار الفيروس؛ إلا أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -، رئيس الدورة الحالية لمجموعة العشرين، جاءت لتطمئن شعوب العالم الذين أصابهم الذعر من واقعهم والخوف على مستقبلهم، ولتدعو دول مجموعة العشرين بشكل خاص لأهمية توحيد الجهود ووجوب تغليب المصلحة الإنسانية العليا على المصالح الفردية للدول من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها جميع أطراف المجتمع الدولي من دون استثناء. وكما تضمنت تلك الكلمة الملكية الكريمة، التي بثتها "واس" في 26 مارس 2020م، كل المعاني والقيم الإنسانية النبيلة التي تبعث روح الأمل والاطمئنان والتفاؤل لدى الشعوب والدول النامية والأقل نمواً؛ أيضاً أكدت على المسؤولية الدولية العظيمة التي تقع على جميع دول مجموعة العشرين، وعلى أهمية الوفاء بمتطلباتها؛ وكذلك دعتهم جميعاً للقيام بواجباتهم الدولية، وحثتهم على سرعة النهوض لمواجهة التحديات القائمة والطارئة التي تسبب بها انتشار فيروس كورونا. نعم، إنها كلمة ملكية كريمة عبَّرت بحق عن معنى القيادة الدولية المسؤولة التي تستطيع مواجهة الأزمات وإيجاد الحلول؛ وتضمَّنت في ثناياها ومعانيها الحكمة الملكية المعهودة عن ملوك المملكة الذين يُحسنون التعامل مع كل الظروف والأحداث، وأعادت للمجتمع الدولي روح العمل والتعاون المشترك بين جميع أطرافه ووحداته، نعم إنها كلمة ملكية كريمة جاءت في وقت شعر فيه المجتمع الدولي بالإحباط، فساهمت في بث روح الحياة والتفاؤل والتعاون والعمل بروح جديدة وطاقة إيجابية متفائلة، لقد تضمَّنت كلمته - أيده الله - الكثير والكثير من المعاني الإنسانية الجليلة والسياسية النبيلة التي يمكن رؤيتها وقراءتها وتَمَعُّنها؛ ويمكن الإشارة هنا إلى بعضٍ مما جاء في الكلمة الملكية الكريمة، ومنه الآتي: "إننا نعقد اجتماعنا هذا تلبيةً لمسؤوليتنا كقادة أكبر اقتصادات العالم، لمواجهة جائحة كورونا التي تتطلب منا اتخاذ تدابير حازمة على مختلف الأصعدة، حيث لا تزال هذه الجائحة تخلف خسائر في الأرواح البشرية وتلحق المعاناة بالعديد من مواطني دول العالم".. كما أن تأثير هذه الجائحة قد توسع ليشمل الاقتصادات والأسواق المالية والتجارة وسلاسل الإمداد العالمية، مما تسبب في عرقلة عجلة التنمية والنمو.. إن هذه الأزمة الإنسانية تتطلب استجابة عالمية، ويُعول العالم علينا للتكاتف والعمل معاً لمواجهتها. وعلى الصعيد الصحي، بادرت المملكة بالعمل مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المتخصصة لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد وضمان سلامة الأفراد.. كما نؤكد دعمنا الكامل لمنظمة الصحة العالمية في تنسيقها للجهود الرامية إلى مكافحة هذه الجائحة. وسعياً من مجموعة العشرين لدعم هذه الجهود، فإنه يجب أن نأخذ على عاتقنا جميعاً مسؤولية تعزيز التعاون في تمويل أعمال البحث والتطوير سعياً للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا، وضمان توفر الإمدادات والمعدات الطبية اللازمة. كما ينبغي علينا تقوية إطار الجاهزية العالمية لمكافحة الأمراض المعدية التي قد تتفشى مستقبلًا، وعلى الصعيد الاقتصادي، وفي ظل تباطؤ معدلات النمو واضطراب الأسواق المالية، فإن لمجموعة العشرين دوراً محورياً في التصدي للآثار الاقتصادية لهذه الجائحة. لذلك، لا بد لنا من تنسيق استجابة موحدة لمواجهتها وإعادة الثقة في الاقتصاد العالمي. وعلى الصعيد التجاري، يتوجب على مجموعة العشرين إرسال إشارة قوية لإعادة الثقة في الاقتصاد العالمي، من خلال استعادة التدفق الطبيعي للسلع والخدمات، في أسرع وقت ممكن، وخاصة الإمدادات الطبية الأساسية، كما أن من مسؤوليتنا مد يد العون للدول النامية والأقل نمواً لبناء قدراتهم وتحسين جاهزية البنية التحتية لديهم لتجاوز هذه الأزمة وتبعاتها، لقد أثبتت مجموعة العشرين من قبل فاعليتها في التخفيف من حدة الأزمة المالية العالمية وقدرتها على تجاوزها. واليوم، بتعاوننا المشترك، نحن على ثقة بأننا سنتمكن معاً - بعون الله - من تجاوز هذه الأزمة والمضي قدماً نحو مستقبل ينعم فيه الجميع بالرخاء والصحة والازدهار".

وفي الختام من الأهمية التأكيد بأن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - في افتتاح قمة مجموعة العشرين استطاعت بعث روح الأمل والتفاؤل لدى شعوب العالم التي أصابها الإحباط وسيطر عليها التشاؤم، وتمكنت من إحياء روح العمل والتعاون المشترك لدى أطراف المجتمع الدولي ومنظماته الدولية المتعددة والمتخصصة؛ ووضعت آلية عمل دقيقة وموضوعية للخروج من هذه الأزمة الصحية والإنسانية التي اجتاحت العالم بأسره، فعلى هذا المستوى الرفيع والمسؤول والحكيم الذي قامت به المملكة بقيادتها لمجموعة العشرين تكون القيادة الدولية التي اعتادت عليها المملكة حتى أصبحت نموذجاً يحتذى به ورمزاً يشار إليه.