حرب البسوس.. بين بلغاريا واليونان

جريدة الرياض
29-03-2020

إنها من أشهر القصص في التراث العربي. حرب شرسة استمرت عشرات السنين بين قبيلتي بكر وتغلب أيام الجاهلية، لم ترَ العرب صراعاً أهلياً كهذا، اشتهر فيها الزعيم كليب بن ربيعة، وهو الذي بدأ الحرب بحماقته بأن قتل ناقة بلا سبب، وأيضاً من غلظة قلبه أنه اكتسب اسمه بأن كان يحمل جرواً إذا ارتحل فإذا أراد أن ينزل ضرب الجرو المسكين وتركه يعوي ويصيح فإذا سمع الناس ذلك تجنبوا الاقتراب، وخرجت صاحبة الناقة تصيح وتستنجد بقومها، وشيئاً فشيئاً استفحل النزاع حتى صار حرباً طاحنة دامت 40 سنة.

حرب ضارية أبادت خلقاً كثيراً بسبب ناقة! ولا تعتقد أن هذه هي المرة الوحيدة التي كان سبب الحرب فيها تافهاً، فبلغاريا واليونان طالما كانت علاقتهما متوترة، وفي أوائل القرن الماضي احتدت الخلافات لما كثرت غارات الناس بين الطرفين على بعضهم، فتذهب مجموعة من الرجال وتقطع الحدود وتنهب ماشية وأملاك أناس من الأمة الأخرى، والذين بدورهم يثأرون فيما بعد، حلقة مفرغة. في 1925م ثارت الحرب أخيراً، ليس بسبب قتل شخصية مهمة أو سرقة شيء ثمين بل بدأها.. كلب! كان جندي يوناني يمشي مع كلبه قرب الحدود وتملص من رسنه وانطلق يركض إلى بلغاريا، فتبعه صاحبه وما أن رآه جندي بلغاري حتى أطلق النار على الجندي، فأطلق أصحابه النار على البلغاريين، وأتى يوناني يحمل الراية البيضاء محاولاً الصلح فقتله البلغاريون! اشتعلت الحرب وغزت اليونان بلغاريا التي قاومت بشراسة فاستنجدت اليونان بحلفائها الصربيين، وانتهت الحرب بسرعة بعد مقتل العشرات.

وهناك قصيدة وصلتنا من الهند تحديداً من عام 3000 قبل الميلاد، تحكي قصة الحرب التي نشبت بين أمتين هنديتين كبيرتين وهما أمة باندافا وأمة كورافا، فقد كان أبناء قادة الأمتين يلعبون النرد، وتراهنوا هذه المرة على شيء كبير: الفائز سيحكم الدولة الأخرى 13 سنة. ندم ابن قائد الكورافا أنه وافق على رهان بهذا الحجم فقرر الغش، وفاز، لكن أمة باندافا التزمت رغم ذلك بشروط الرهان، وذهبوا إلى أراضٍ أخرى ينتظرون مرور الفترة، ولما عادوا بعد 13 سنة جحدت أمة كورافا وأصرت أن أراضي باندافا لها مدى الدهر، ما اضطرهم لإعلان الحرب على الغاصبين، وتقول القصيدة التي سجلت هذه الحادثة أن الدماء سالت سيلاناً، وأن القتلى ربما وصلوا لعشرات الألوف في أقل تقدير.

أينما ذهبتَ في المكان والزمان ستجد مثل هذه القصص، عجباً للبشر!