الاقتصاد العالمي ومجموعة العشرين

جريدة الرياض
24-01-2020

استمتعت الأسبوع الماضي بالمداخلات الذي دارت في مركز KAPSARC Apex عن مشكلات الاقتصاد العالمي، وذلك على هامش التحضير لقمة مجموعة العشرين الذي سوف تعقد في المملكة أواخر العام.

ومما يبعث على الارتياح أن الموضوعات التي أثرتها في مقالاتي الثلاث الأخيرة كانت محل اهتمام، وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية، التي أشرت إلى أنها قد أصبحت من مخلفات النظام العالمي الذي نشأ عام 1991، والذي تميز بطغيان العولمة، التي صارت تطرح وكما لو أنها دين جديد، يكفر كل من يعترض عليه أو ينتقد نواقصه. فمبشرو العولمة الذين انتشروا في كل أنحاء العالم، قد كونوا لأنفسهم مراكز ثقل، بحيث أصبحوا يؤثرون على صنع القرار في كل بلد.

وهكذا، أصبحت منظمة التجارة العالمية، التي تعد أحد أركان العولمة بمثابة الأيقونة التي يسعى كل بلد للتبرك بها. فوقفت أمام أبوابها البلدان طوابير تنتظر الواحدة منها تلوى الأخرى السماح لها بالدخول -إلى ما أصبح يسمى «نادي النخبة». وكأنما المؤسسون لهذا النادي قد توقعوا ما سيحدث، فوضعوا القواعد التي تحقق لهم مصالحهم- وذلك من خلال المفاوضات الثنائية. إذ اشترطوا أن الانضمام إلى هذا النادي يتطلب الجلوس مع كل الأعضاء الذين دخلوا قبله إليه. وخلال هذه الجلسات يطلب من متلهفي الدخول الموافقة على كل الشروط وشراء كل ما تنتجه البلدان الصناعية من سلع وخدمات. ولذلك تدوم المفاوضات الثنائية أعواماً قبل أن يتاح لأي بلد جديد الدخول إلى منظمة التجارة العالمية. بالفعل فإن المؤسسين لتلك المنظمة لم يكتفوا بالقواعد المجحفة التي وضعوها في جولات الأورغواي للدخول إلى المنظمة -وهي كثيرة- وإنما فرضوا شروطاً انفرادية على كل بلد بذاته دونما غيره، من خلال المفاوضات الثنائية. ولذلك انتظرت الصين والمملكة وروسيا وغيرها من بلدان العالم أعواماً طويلة قبل أن تفتح لها الأبواب  الموصدة للانضمام إلى هذا النادي.

ولكن مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد غير قواعد اللعبة. فهذا الأخير وضع على رأس أولوياته النهوض بأميركا مجدداً. ومن استمع إلى خطابه الأسبوع الماضي في منتدى دافوس يلاحظ مدى اعتداده بالنجاحات التي حققها في مجال الاقتصاد. من ناحية أخرى، فإن ترامب ليس راضياً لا عن العولمة ولا عن منظمة التجارة العالمية التي تأخذ من الولايات المتحدة أكثر مما تعطيها. فإذا كانت الولايات المتحدة -هذا الجبروت الاقتصادي- ترغب في حماية منتجاتها من المنافسة، فما بالك بالدول النامية التي بالكاد تقف فيها المصانع على أرجلها.

ولذلك فقد حان الأوان لكي تبادر مجموعة العشرين بإيجاد بديل لمنظمة التجارة العالمية، بديل يحقق مصالح جميع الأطراف المشاركة في العملية الاقتصادية العالمية.