اكتتاب أرامكو وامتصاص الصدمات

جريدة الرياض
11-11-2019

سيكون 17 نوفمبر 2019م يوماً تاريخياً بطرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام وإدراجها في سوق الأسهم السعودية (تداول) في 11 ديسمبر والذي سيسمح للمكتتبين من المؤسسات والشركات والأفراد شراء أسهمها وتملك جزء من أصولها. ومن المحتمل أن يبقي صندوق الاستثمارات العامة على ملكية 95 % من أسهمها. ويأتي تخصيص أرامكو في الوقت المناسب بعد مراجعة تاريخ تملك الحكومات لشركات النفط بالكامل ثم تخصيصها واستقراء الحاضر والتنبؤ بمتغيرات المستقبل وتقييم مكاسب الصندوق من هذا الاكتتاب في حالة تدهور أسعار النفط واستثمار أرباحه الرأسمالية وعوائده في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه.

فقد أدى تخصيص بعض البلدان لشركاتها النفطية جزئياً أو كاملاً إلى تحسين شامل ومستدام في الأداء والكفاءة. ولهذا ينظر إلى التخصيص الجزئي لقطاع النفط على أنه فرصة كبيرة لتحسين الأداء المرتبط بأسواق رأس المال دون أن تتخلى الحكومة البائعة عن السيطرة على الأغلبية، مما سيسهم فعلاً في زيادة الربحية الثابتة، والكفاءة التجارية، والاستثمارات الرأسمالية، وتعظيم المخرجات، وزيادة لمدفوعات الربحية، كما أن بقاء الملكية الحكومية هي العليا يمنحها السيطرة والمسؤولية لتعظيم المنافع الاقتصادية والمحافظة على بقاء نسب العمالة مرتفعة في هذه الشركات. وبهذا تكون عملية الخصخصة المستدامة طويلة الأجل مفيدة أو حتى يجب أن تكون لحماية المكاسب الأولية للأداء والكفاءة والاستفادة منها.

ولنا عبرة في انتقال النرويج السلس من عدم الاعتماد على النفط إلى عالم الاستثمارات المتنوعة من خلال صندوق المعاشات التقاعدية (GPF-G) والأكبر عالمياً من نوعه، حيث تجاوز رأسماله تريليون دولار، وقد وجد لامتصاص الصدمات، مما يعني أن الاقتصاد النرويجي لم يعد تحت رحمة أسعار النفط العالمية، حيث أعلنت الحكومة في 2001 خصخصة وإدراج شركتها النفطية المعروفة حالياً باسم Equinor في بورصتي أوسلو ونيويورك، وما زالت الحكومة حتى اليوم تمتلك 67 ٪ من أسهمها، وتحصل على أرباح مثل المساهمين الآخرين ومن المتوقع وصول الأرباح المدفوعة للدولة إلى 20.4 مليار كرونة أو 2.241 مليار دولار في 2020.

أما الاقتصاد السعودي فهو مستمر في الانتقال من النفط إلى عالم ما بعد النفط بطريقة سلسة تمكنه من تنويع الصناعات غير النفطية، اغتنام الفرصة المتاحة، التركيز على الميز النسبية البديلة، جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق المال مع بقاء العين مفتوحة على المستقبل. وبهذا سيكون اكتتاب أرامكو خطوة متقدمة في مسار رؤية 2030، مما سيحسن من أدائها وكفاءتها ويرفع من مستوى شفافيتها، وكذلك سيدعم أصول الصندوق بأرباح رأسمالية بامتلاكه لأغلبية أسهمها والذي سيمكنه من تنويع استثماراته محلياً وعالمياً وقادراً على امتصاص أكبر للصدمات الاقتصادية وأسعار النفط.