محمد المحفوظ - طاقات بحرينية

31-10-2016

ومضة قلم

ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها شباب البحرين تميزهم وإبداعهم أمام العالم، فالسنوات الماضية حفلت بإنجازات متعددة لأبناء البحرين وريادتهم في كل الميادين العلمية والثقافية. الأيام الفائتة شهدت إنجازا فريدا لإحدى الطالبات البحرينيات - ولاء البقاليّ - بإحرازها المركز الثالث من بين ثلاثة ملايين طالب عربيّ في أكبر مشروع إقليمي عربيّ لتشجيع القراءة تحت عنوان “تحدي القراءة العربي”، وهو المشروع الذي أطلقه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية حاكم دبيّ، ويهدف هذا المشروع الثقافي الكبير إلى تنمية حبّ القراءة لدى الأجيال العربية الشابة وبالأخص جيل الأطفال والشباب، وتنمية مهارات التفكير والتعبير والنقد لديهم، أما الفلسفة التي يشتغل عليها القائمون على هذا المشروع الحضاري الكبير فهي تعزيز قيم التسامح والانفتاح الفكري والثقافيّ بتعريفهم بما أنجزه الكتاب والمفكرون.
باعتقادي إنّ مشروع تحدي القراءة يعد من أفضل المشاريع الثقافية العربية على مدى عقود، وطبقا لما أشار اليه الشيخ محمد بن راشد على حسابه بتويتر “تحدي القراءة العربيّ أبرز أفضل ما لأجيالنا العربية من اصرار وعزيمة وهمة عالية. الحقيقة إنّ من تم تتويجهم ليسوا 18 فائزا بل 3.5 ملايين في جيل عربيّ يبعث على التفاؤل”.
لم يكن التوجه إلى فئة الشباب عشوائيا كما قد يذهب إليه خيال البعض منا، ذلك أن هذا الجيل من أبناء الأمة يواجه تحديات جمة، ولا تتم مواجهتها إلاّ بغرس حب القراءة في وجدانهم، ويبدو لنا أنّ اللجنة المشرفة على هذا المشروع كانت تدرك أنّ اللحاق بالأمم التي سبقتنا في ركب التقدم الحضاري لا يتجسد إلاّ عبر القراءة.
هناك حقيقة تقول إنّ ربع سكان عالمنا العربيّ لا يقرأون، وإذا أحسنا الظنّ فإنّ قراءة البعض الهدف منها المتعة الشخصية أو قتل الوقت كما يشاع غالبا. وكشف استطلاع أجرته احدى الصحف العربية قبل أشهر عن انّ سكان مملكة البحرين ومصر والمغرب الأكثر رغبة في القراءة بنسبة 24 %، أما مجالات القراءة فإنها تتركز في عالم الروايات التاريخية كونها الأكثر شعبية بين أنواع المؤلفات في العالم العربيّ، بينما تنصرف الأغلبية عن الكتب الجادة التي تثري عقولهم وتوسع مداركهم وتجعلهم اكثر قدرة على مجاراة العصر.
 الأكثر إدهاشا أنّ المعدل الوسطي للقراءة للفرد العربيّ لا يتجاوز الـ 6 دقائق فقط، أما الأوروبيّ فيقرأ 200 ساعة سنوياً! بالطبع قراءة الصحف والمجلات والكتب المدرسية لم يتم إدراجها ضمن نسبة القراءة المشار اليها باعتبارها قراءة تسلية وهذا يعني ببساطة أنّ وضع القراءة في عالمنا العربيّ والعالم الثالث هو وضع بائس يدعو إلى التفكير بجدية لمعالجته، من هنا جاء مشروع تحدي القراءة العربيّ لمعالجة هذا الخلل الفادح في بنية الثقافة العربيّة.