مشكل إعراب القرآن

75 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْقِيَامَة

قَوْله تَعَالَى لَا أقسم لَا زَائِدَة لِأَنَّهَا فِي حكم المتوسطة لِأَن الْقُرْآن كُله نزل مرّة وَاحِدَة الى سَمَاء الدُّنْيَا ثمَّ نزل على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بعد ذَلِك فِي نَيف وَعشْرين سنة على مَا شَاءَ الله مِمَّا يُرِيد أَن ينزل شَيْئا بعد شَيْء وَلَو ابْتِدَاء مُتَكَلم بِكَلَام لم يجز لَهُ أَن يَأْتِي بِلَا زَائِدَة فِي أول كَلَامه وَقيل لَا غير زَائِدَة انما هِيَ رد لكَلَام مُتَقَدم فِي سُورَة أُخْرَى وَلَا الثَّانِيَة غير زَائِدَة أخبرنَا الله جلّ ذكره انه أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة وَأَنه لم يقسم بِالنَّفسِ اللوامة وَمن قَرَأَ لأقسم بِغَيْر ألف جعل ذَلِك لَام قسم دخلت على أقسم وَفِيه بعد لحذف النُّون وانما حَقه لأقسمن وانما جَازَ ذَلِك بالحذف فِي هَذَا لِأَنَّهُ جعل أقسم حَالا فاذا كَانَ حَالا لم تلْزمهُ النُّون فِي الْقسم لِأَن النُّون انما تلْزم فِي أَكثر الْأَحْوَال لتفرق بَين الْحَال والاستقبال وَقد قيل انه للاستقبال وَلَكِن حذفت النُّون كَمَا أَجَازُوا حذف اللَّام من الْقسم واثبات النُّون وأنشدوا... وقتيل مرّة أثأرن فانه فرغ وَإِن أَخَاهُم لم يثأر ... وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ حذف النُّون الَّتِي تصْحَب اللَّام فِي الْقسم

قَوْله بلَى قَادِرين هُوَ نصب على الْحَال من فَاعل فِي فعل مُضْمر تَقْدِيره بلَى نجمعها قَادِرين وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَقيل انتصب قَادِرين لِأَنَّهُ وَقع فِي مَوضِع نقدر التَّقْدِير بلَى نقدر فَلَمَّا وضع الِاسْم مَوضِع الْفِعْل نصب وَهُوَ قَول بعيد من الصَّوَاب يلْزم مِنْهُ نصب قَائِم فِي قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل قَائِم لِأَنَّهُ فِي مَوضِع يقوم

قَوْله يسْأَل أَيَّانَ يَوْم القيامه أَيَّانَ ظرف زمَان بِمَعْنى مَتى وَهُوَ مَبْنِيّ وَكَانَ حَقه الاسكان لَكِن اجْتمع ساكنان الْألف وَالنُّون ففتحت النُّون لالتقاء الساكنين ككيف وَأَيْنَ وانما وَجب لأيان الْبناء لِأَنَّهَا بِمَعْنى مَتى فَفِيهَا معنى الِاسْتِفْهَام فَأَشْبَهت حرف الِاسْتِفْهَام فبنيت اذ الْحُرُوف أَصْلهَا الْبناء

قَوْله وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر انما أَتَى جمع بِلَفْظ التَّذْكِير وَالشَّمْس مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ حمل على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ وَجمع النوران أَو الضياءان وَهُوَ قَول الْكسَائي وَقيل لما كَانَ التَّقْدِير وَجمع بَين الشَّمْس وَالْقَمَر ذكر الْفِعْل لتذكير بَين وَقيل لما كَانَ الْمَعْنى تجمعَا اذ لَا يتم الْكَلَام الا بالقمر وَالْقَمَر مُذَكّر غلب الْمُذكر على الأَصْل فِي تَأْخِير الْفِعْل بعدهمَا وَقَالَ الْمبرد لما كَانَ تَأْنِيث الشَّمْس غيرحقيقي جَازَ فِيهِ التَّذْكِير اذ لم يَقع التَّأْنِيث فِي هَذَا النَّوْع فرقا بَين شَيْء وَشَيْء اخر

قَوْله أَيْن المفر المفر مصدر فَهُوَ بِمَعْنى أَيْن الْفِرَار

قَوْله بل الانسان على نَفسه بَصِيرَة الانسان ابْتِدَاء وبصيرة ابْتِدَاء ثَان وعَلى نَفسه خبر بَصِيرَة وَالْجُمْلَة خبر عَن الانسان وَتَحْقِيق تَقْدِيره بل على الانسان رقباء من نَفسه على نَفسه يشْهدُونَ عَلَيْهِ وَيجوز أَن تكون بَصِيرَة خَبرا عَن الانسان وَالْهَاء فِي بَصِيرَة للْمُبَالَغَة وَقيل لما كَانَ مَعْنَاهُ حجَّة على نَفسه دخلت لتأنيث الْحجَّة

قَوْله وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة وُجُوه ابْتِدَاء وناضرة نعت لَهَا والى رَبهَا ناظرة خبر الِابْتِدَاء وَيجوز ان تكون ناضرة خَبرا والى رَبهَا ناظرة خبر ثَان وَيجوز أَن تكون ناظرة كنعتا لناضرة أَو لوجوه وناضرة خبر عَن الْوُجُوه وَدخُول الى مَعَ النّظر بدل على أَنه نظر الْعين وَلَيْسَ من الِانْتِظَار وَلَو كَانَ من الِانْتِظَار لم تدخل مَعَه الى أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول انتظرت الى زيد وَتقول نظرت الى زيد فالى تصْحَب نظر الْعين وَلَا تصْحَب نظر الِانْتِظَار فَمن قَالَ ان ناظرة بِمَعْنى منتظرة فقد أَخطَأ فِي الْمَعْنى وَفِي الاعراب وَوضع الْكَلَام فِي غير مَوْضِعه وَقد ألحد بعض الْمُعْتَزلَة فِي هَذَا الْموضع وَبلغ بِهِ التعسف وَالْخُرُوج من الْجَمَاعَة الى أَن قَالَ إِلَى لَيست بِحرف جر انما هِيَ اسْم وَاحِد آلَاء وربها مخفوض باضافة إِلَى اليه لَا بِحرف الْجَرّ وَالتَّقْدِير عِنْده نعْمَة رَبهَا منظرة وَهَذَا محَال فِي الْمَعْنى لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة أَي ناعمة وَقد أخبرنَا أَنَّهَا ناعمة فَدخل النَّعيم بهَا وَظَهَرت دلائله عَلَيْهَا فَكيف ينْتَظر مَا أخبرنَا الله أَنه حَال فِيهَا إِنَّمَا ينْتَظر الشَّيْء الَّذِي هُوَ غير مَوْجُود فَأَما أَمر مَوْجُود حَال فَكيف ينْتَظر وَهل يجوز أَن تَقول أَنا انْتظر زيدا وَهُوَ مَعَك لم يفارقك وَلَا يؤمل مفارقتك هَذَا جهل عَظِيم من متأوله وَذهب بعض الْمُعْتَزلَة الى أَن ناظرة من نظر الْعين وَلَكِن قَالَ مَعْنَاهُ الى ثَوَاب رَبهَا ناظرة وَهُوَ أَيْضا خُرُوج عَن الظَّاهِر وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز نظرت الى زيد بِمَعْنى نظرت الى عَطاء زيد وَهَذَا نقض لكَلَام الْعَرَب وَفِيه اخْتِلَاط الْمعَانِي ونقضها على أَنا نقُول لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لَكَانَ أعظم الثَّوَاب المنتظر النّظر اليه لَا إِلَه إِلَّا هُوَقَوْله فَلَا صدق وَلَا صلى لَا الثَّانِيَة نفي وَلَيْسَت بعاطفة فَمَعْنَاه فَلم يصدق وَلم يصل

قَوْله يتمطى فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ذهب وَأَصله يتمطط من الْمُطَيْطَاء وَلَكِن أبدلوا من الطَّاء الثَّانِيَة يَاء وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا والتمطط التمدد

قَوْله سدى نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يتْرك وَأَن سدت مسد المفعولين لحسب

قَوْله الذّكر وَالْأُنْثَى بدل من الزَّوْجَيْنِ وَجعل بِمَعْنى خلق فَلذَلِك تعدت الى مفعول وَاحِد

قَوْله أَن يحيي الْمَوْتَى لَا يجوز الادغام فِي الياءين عِنْد النَّحْوِيين كَمَا لَا يجوز اذا لم تنصب الْفِعْل لِأَنَّك لَو أدغمت لالتقى ساكنان إِذْ الثَّانِي سَاكن وَالْأول لَا يدغم حَتَّى يسكن وَكَذَلِكَ كل حرف أدغمته فِي حرف بعده لابد من اسكان الأول وَقد أَجمعُوا على منع الادغام فِي حَال الرّفْع فَأَما فِي حَال النصب فقد أجَازه الْفراء لأجل تحرّك الْيَاء الثَّانِيَة وَهُوَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْحَرَكَة عارضة لَيست بِأَصْل