مشكل إعراب القرآن

74 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المدثر

قَوْله تَعَالَى المدثر أَصله المندثر ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الدَّال لِأَنَّهُمَا من مخرج وَاحِد وَالدَّال أقوى من الثَّاء لِأَنَّهَا مجهورة وَالتَّاء مهموسة فَردا بِلَفْظ الْأَقْوَى مِنْهُمَا لِأَن ذَلِك تَقْوِيَة للحرف وَلم يردا بِلَفْظ الناء لِأَنَّهُ اضعاف للحرف لِأَن رد الْأَقْوَى الى الأضعف نقص فِي الْحَرْف وَفِي اللَّفْظ وَكَذَلِكَ حكم أَكثر الادغام فِي الحرفين الْمُخْتَلِفين أَن يرد الأضعف مِنْهُمَا الى لفظ الْأَقْوَى

قَوْله وَلَا تمنن تستكثر ارْتَفع تستكثر لِأَنَّهُ حَال أَي لَا تعط عَطِيَّة لتأْخذ أَكثر مِنْهَا وَقيل ارْتَفع بِحَذْف أَن وَتَقْدِيره لاتضعف يَا مُحَمَّد أَن تستكثر من الْخَيْر فَلَمَّا حذف أَن رفع

قَوْله فاذا نقر فِي الناقور قَامَ مقَام مَا لم يسم فَاعله وَقبل الْمصدر مُضْمر يقوم مقَام الْفَاعِل

قَوْله فَذَلِك يَوْمئِذٍ ذَلِك ابْتِدَاء ويومئذ بدل مِنْهُ وَيَوْم عسير خبر الِابْتِدَاء وعسير نعت ليَوْم وَكَذَلِكَ غير يسير نعت ليَوْم أَيْضا وَقيل يَوْمئِذٍ نصب على أَعنِي

قَوْله ذَرْنِي وَمن خلقت من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على النُّون وَالْيَاء أَو مفعول مَعَه

قَوْله وحيدا حَال من الْهَاء المضمرة فِي خلقت أَي خلقته وحيدا قَوْله وَجعلت لَهُ مَالا ممدودا لَهُ فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعلت لِأَنَّهَا بِمَعْنى صيرت يتَعَدَّى الى مفعولين

قَوْله وبنين شُهُودًا واحده ابْن وانما حذفت ألف الْوَصْل فِي الْجمع وتحركت الْبَاء لِأَن الْجمع يرد الشَّيْء الى أَصله وَأَصله بني على فعل فَلَمَّا جمع رد الى أَصله فَقَالُوا بَنِينَ فَلَمَّا تحركت الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل وَانْفَتح مَا قبلهَا ألفا وحذفت لسكونها وَسُكُون يَاء الْجمع بعْدهَا وَكسر قبل الْيَاء على أصل يَاء الْجمع فِي النصب والخفض وَكَانَ حَقّهَا أَن يبْقى مَا قبلهَا مَفْتُوحًا ليدل على الْألف الذاهبة كَمَا قَالُوا مصطفين واعلين لَكِن ابْن جرى فِي علته فِي الْوَاحِد على غير قِيَاس وَكَانَ حَقه أَن يكون بِمَنْزِلَة عَصا ورحى وَأَن لَا تدخله ألف وصل وَلَا يسكن أَوله فَلَمَّا خرج عَن أَصله فِي الْوَاحِد خرج فِي الْجمع أَيْضا عَن أصُول الْعِلَل لِأَن الْجمع فرع بعد الْوَاحِد وَقد قَالُوا فِي النّسَب اليه بنوي فَردُّوهُ الى أَصله وأصل هَذِه الْوَاو ألف منقلبه عَن يَاء وَهِي لَام الْفِعْل وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ النّسَب اليه على لَفظه فَأجَاز ابْني وَمنعه غَيره

قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا سقر قد تقدم القَوْل فِيهِ لِأَنَّهُ مثل وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة قَوْله وَلَا تذر انما حذفت الْوَاو لِأَنَّهُ حمل على نَظِيره فِي الِاسْتِعْمَال وَالْمعْنَى وَهُوَ تدع لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُمَا جَمِيعًا لم يسْتَعْمل مِنْهُمَا مَاض فَحمل تذر على تدع فحذفت فاؤه كَمَا حذفت كَمَا حذفت فِي تدع وانما حذفت فِي تدع لوقوعها بَين يَاء وكسرة لِأَن فَتْحة الدَّال عارضة انما انفتحت من أجل حرف الْحلق وَالْكَسْر أَصْلهَا فَبنِي الْكَلَام على أَصله وَقدر ذَلِك فِيهِ فحذفت وَاو تدع لذَلِك وَحمل عَلَيْهِ تذر لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ ومشابه لَهُ فِي امْتنَاع اسْتِعْمَال الْمَاضِي مِنْهُمَا

قَوْله لواحة رفع على اضمار هِيَ لواحةوَلم تَنْصَرِف سقر لِأَنَّهَا معرفَة مؤنث

قَوْله عَلَيْهَا تِسْعَة عشر تِسْعَة عشر فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَعَلَيْهَا الْخَبَر وهما اسمان حذف بَينهمَا حرف الْعَطف وتضمناه فبنيا لتضمنهما معنى الْحَرْف وبنيا على الْفَتْح لخفته وَقيل بنيا على الْفَتْح الَّذِي كَانَ للواو المحذوفة وَأَجَازَ الْفراء اسكان الْعين فِي الْكَلَام من ثَلَاثَة عشر الى تِسْعَة عشر

قَوْله تَعَالَى أَصْحَاب جمع صَاحب على حذف الزَّائِد من صَاحب كَأَنَّهُ جمع لصحب مثل كتف وأكتاف قَوْله مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا ان جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا كَانَت فِي مَوضِع نصب بأراد وان جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت مَا استفهاما اسْما تَاما رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَذَا الْخَبَر وَأَرَادَ صلَة ذَا وَالْهَاء محذوفة مِنْهُ أَي مَا الَّذِي أَرَادَهُ الله بِهَذَا على تَقْدِير أَي شَيْء الَّذِي أَرَادَهُ الله بِهَذَا مثلا ومثلا نصب على الْبَيَان

قَوْله كَذَلِك يضل الله من يَشَاء الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف

قَوْله إِنَّهَا لاحدى الْكبر لَا يجوز حذف الْألف وَاللَّام من الْكبر وَمَا هُوَ مثله إِلَّا أخر فانه قد حذفت مِنْهُ الْألف وَاللَّام وتضمن مَعْنَاهُمَا فتعرف بتضمنه مَعْنَاهُمَا فَلذَلِك لم ينْصَرف فِي النكرَة فَهُوَ معدول عَن الْألف وَاللَّام

قَوْله نذيرا للبشر نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي قُم من قَوْله قُم فَأَنْذر هَذَا قَول الْكسَائي وَقيل هُوَ حَال من الْمُضمر فِي إِنَّهَا وَقيل من إِحْدَى وَقيل من هُوَ وَقيل هُوَ نصب على اضمار فعل اي صيرها الله نذيرا أَي ذَات انذار فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر أَي انذار ذَات أنذار فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر أَي انذار للبشر كَمَا قَالَ فَكيف كَانَ نَكِير أَي إنكاري لَهُم وَقيل هُوَ نصب على اضمار أَعنِي

قَوْله وَكُنَّا نكذب وَكُنَّا نَخُوض انما ضمت الْكَاف فِي هَذَا وَفِي أول مَا كَانَ مثله نَحْو قمنا وَقُلْنَا وَأَصله كُله الْفَتْح لتدل الضمة على أَنه نقل من فعل الى فعل وَقيل انما ضمت لتدل على أَنه من ذَوَات الْوَاو وَقيل لتدل على أَن السَّاقِط وَاو وكلا الْقَوْلَيْنِ يسْقط لكسرهم الأول من خفت وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو فِي الْعين مثل كَانَ والساقط مِنْهُ وَاو فِي الِاخْتِيَار كالساقط من قُمْت وَقلت وَكنت فكسرهم أول خفت يدل على أَنهم انما كسروا ليدل على أَنه من فعل بِكَسْر الْعين فَأَما كسرهم لأوّل بِعْت فليدل ذَلِك على أَنه نقل من فعل إِلَى فعل وليد على أَنه من ذَوَات الْيَاء وعَلى أَن السَّاقِط يَاء فلاجتماع هَذِه الْعِلَل وَقع الضَّم وَالْكَسْر فِي أول ذَلِك فاعلمه

قَوْله وَمَا يذكرُونَ أَلا أَن يَشَاء الله مفعول يذكرُونَ مَحْذُوف أَي يذكرُونَ شَيْئا وَأَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء أَو فِي مَوضِع خفض على اضمار الْخَافِض ومفعول يَشَاء مَحْذُوف أَي إِلَّا أَن يشاءه الله