مشكل إعراب القرآن

68 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة نون والقلم

قَوْله تَعَالَى نون والقلم قد تقدم وَجه الاظهار والادغام فِي النُّون فِي يس وَغَيرهَا وَقد قرىء بِفَتْح النُّون على أَنه مفعول بِهِ أَي اذكر نون أَو اقْرَأ نون وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ معرفَة وَهُوَ اسْم لؤنث وَهِي السُّورَة وَقيل لِأَنَّهُ اسْم أعجمي وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ انما فتحت النُّون لالتقاء الساكنين كأين وَكَيف كَأَن القارىء وصل قِرَاءَته وَلم يدغم فَاجْتمع ساكنان النُّون وَالْوَاو ففتحت النُّون وَقَالَ الْفراء انما فتحت على التَّشْبِيه بثم وَقَالَ غير فتحت لِأَنَّهَا اشتبهت نون الْجمع وَقَالَ أَبُو حَاتِم لما حذفت مِنْهَا وَاو الْقسم نصبت بِالْفِعْلِ الْمقسم بِهِ كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ فتنصب الأسم بِالْفِعْلِ كَأَنَّهُ فِي التَّمْثِيل وان كَانَ لَا يسْتَعْمل أقسم الله وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ الله لَأَفْعَلَنَّ بالخفض أعمل حرف الْقسم وَهُوَ مَحْذُوف وَجَاز ذَلِك فِي هَذَا وان كَانَ لَا يجوز فِي غَيره لِكَثْرَة اسْتِعْمَال الْحَذف فِي بَاب الْقسم وَمن جعل نون قسما جعل الْجَواب مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك

قَوْله أَن كَانَ ذَا مَال أَن مفعول من أَجله وَالْعَامِل فِيهِ فعل مُضْمر تَقْدِيره يكفر أَو يجْحَد من أجل أَن كَانَ ذَا مَال وَلَا يجوز أَن يكون الْعَامِل تتلى وَلَا قَالَ لِأَن مَا بعد اذا لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا لِأَن اذا تُضَاف الى الْجمل الَّتِي بعْدهَا وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِيمَا قبل الْمُضَاف وَقَالَ جَوَاب الْجَزَاء وَلَا يعْمل فِيمَا قبل الْجَزَاء لِأَن حكم الْعَامِل أَن يكون قبل الْمَعْمُول فِيهِ وَحكم الْجَواب أَن يكون بعد الشَّرْط فَيصير مقدما مُؤَخرا فِي حَال وَذَلِكَ لَا يجوز فلابد من اضمار عَامل لِأَن على مَا ذكرنَا

قَوْله مصبحين حَال من الْمُضمر فِي ليصر مِنْهَا الْمَرْفُوع وَلَا خبر لأصبح فِي هَذَا لِأَنَّهَا بِمَعْنى داخلين فِي الاصباح

قَوْله بأيكم الْمفْتُون الْبَاء وَالْمعْنَى أَيّكُم الْمفْتُون وَقيل الْبَاء غير زَائِدَة لَكِنَّهَا بِمَعْنى فِي وَقيل الْمفْتُون بِمَعْنى الْفُتُون وَالتَّقْدِير فِي أَيّكُم الْفُتُون أَي الْجُنُون وكتبت أَيّكُم فِي الْمُصحف فِي هَذَا الْموضع خَاصَّة بياءين والف قبلهمَا وَعلة ذَلِك أَنهم كتبُوا الْهمزَة صُورَة على التَّحْقِيق وَصُورَة على التَّخْفِيف فالألف صُورَة الْهمزَة على التَّحْقِيق وَالْيَاء الأولى صورتهَا على التَّخْفِيف لِأَن قبل الْهمزَة كسرة فاذا خففتها فَحكمهَا أَن تبدل مِنْهَا يَاء وَالْيَاء الثَّانِيَة صُورَة الْيَاء الْمُشَدّدَة وَكَذَلِكَ كتبُوا بأييد بياءين على هَذِه الْعلَّة وَكَتَبُوا ولأاوضعوا بِأَلفَيْنِ وَكَذَلِكَ أَولا أذبخنه وَلَا الى الْجَحِيم وَلَا الى الله تحشرون كتب كُله بِأَلفَيْنِ احدهما وَهِي الأولى صُورَة الْهمزَة على التَّحْقِيق وَالثَّانيَِة صورتهَا على التَّخْفِيف وَقد قيل الأولى صُورَة الْهمزَة وَالثَّانيَِة صُورَة حركتها وَقيل هِيَ فَتْحة أشبعت فتولدت مِنْهَا ألف وَفِيه بعد وَهَذَا انما هُوَ تَعْلِيل لخط الْمُصحف اذ قد أَتَى على ذَلِك وَلَا سَبِيل لتحريفه وَهَذَا الْبَاب يَتَّسِع وَهُوَ كثير فِي الْخط خَارج عَن الْمُتَعَارف بَين الْكتاب من الْخط فلابد أَن يخرج من ذَلِك وَجه يَلِيق بِهِ وسنذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى مستقصى مُعَللا فِي غير هَذَا

قَوْله قَالَ اساطير الْأَوَّلين أَي هَذِه أساطير فأساطير خبر ابْتِدَاء مُضْمر

قَوْله كَذَلِك الْعَذَاب الْعَذَاب ابْتِدَاء وَكَذَلِكَ الْخَبَر أَي الْعَذَاب الَّذِي يحل بالكفار مثل هَذَا الْعَذَاب قَوْله مَا لكم كَيفَ تحكمون مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَلكم الْخَبَر وَكَيف فِي مَوضِع نصب بتحكمون

قَوْله أم لكم أَيْمَان علينا بالغه أَيْمَان ابْتِدَاء وعلينا خبر وبالغة نعت لأيمان وَقَرَأَ الْحسن بَالِغَة بِالنّصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي علينا

قَوْله يَوْم يكْشف انتصب يَوْم على اذكر يامحمد فتبتدىء بِهِ وَيجوز أَن ينصبه يَأْتُوا أَي يَأْتُوا بشركائهم فِي هَذَا الْيَوْم وَلَا يحسن الِابْتِدَاء بِهِقَوْله خاشعة أَبْصَارهم نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يدعونَ أَو من الْمُضمر فِي يَسْتَطِيعُونَ وأبصارهم رفع بِفِعْلِهَا وترهقهم فِي مَوضِع الْحَال مثل الأول وان شِئْت كَانَ مُنْقَطِعًا من الأول

قَوْله فذرني وَمن يكذب من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على ضمير الْمُتَكَلّم وان شِئْت على أَنه مفعول مَعَه

قَوْله لَوْلَا أَن تَدَارُكه أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف وَلَا يكَاد يسْتَعْمل مَعَ لَوْلَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ الا محذوفا وَالتَّقْدِير لَوْلَا مداركة الله اياه لحقته أَو استنقذته وَشبهه ولنبذ جَوَاب لَوْلَا وَذكر تَدَارُكه لِأَن النِّعْمَة وَالنعَم بِمَعْنى وَاحِد فَحمل على الْمَعْنى وَقيل ذكر لِأَنَّهُ فرق بَينهمَا بِالْهَاءِ وَقيل لِأَن تَأْنِيث النِّعْمَة غير حَقِيقِيّ إِذْ لَا ذكر لَهَا من لَفظهَا وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود لَوْلَا أَن تداركته بِالتَّاءِ على تَأْنِيث اللَّفْظ

قَوْله وَهُوَ مَذْمُوم ابْتِدَاء وخب فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي نبذ

قَوْله وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك إِن عِنْد الْكُوفِيّين بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا وَتَقْدِيره وَمَا يكَاد الَّذين كفرُوا الا يزلقونك وَإِن عِنْد الْبَصرِيين مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مُضْمر مَعهَا وَاللَّام لَام التَّأْكِيد لَزِمت هَذَا النَّوْع لِئَلَّا تشبه إِن الَّتِي بِمَعْنى مَا وَقد مضى نَظِيره