مشكل إعراب القرآن

58 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المجادلة

قَوْله تَعَالَى الَّذين يظهرون الَّذين ابْتِدَاء وماهن أمهاتهم الْخَبَر وَأَتَتْ مَا فِي هَذَا على لُغَة أهل الْحجاز وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع نصب ببصير على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي جَوَاز اعمال فعيل

قَوْله إِلَّا اللائي اللائي فِي مَوضِع رفع خبر مَا بعد إِلَّا الْمُوجبَة لِأَن ان بِمَعْنى مَا فِي قَوْله إِن أمهاتهم واللغتان متفقتان فِي الايجاب على الرّفْع فِي الْخَبَر وَكَذَلِكَ ان تقدم الْخَبَر على الِاسْم فالرفع فِي الْخَبَر لَا غير

قَوْله مُنْكرا وزورا نعتان لمصدر مَحْذُوف نصب بالْقَوْل اي ليقولون قولا مُنكر وقولا زورا أَي كذبا وبهتانا وَلَو رفعته لانقلب الْمَعْنى لِأَنَّك كنت تحكي قَوْلهم فتخبر أَنهم يَقُولُونَ هَاتين اللفظتين وَلَيْسَ اللَّفْظ بِهَاتَيْنِ اللفظتين يُوجب ذمهم

قَوْله ثمَّ يعودون لما قَالُوا اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون أَي يعودون لوطء الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَهن الْأزْوَاج فَمَا وَالْفِعْل مصدر أَي لقَولهم والمصدر فِي مَوضِع الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم هَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه فيصيرمعنى لقَولهم للمقول فِيهِ الظِّهَار أَي لوطئه بعد التظاهر مِنْهُ فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة من قبل الْوَطْء وَقيل التَّقْدِير ثمَّ يعودون لامساك الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَلَا يُطلق وَقَالَ الْأَخْفَش اللَّام مُتَعَلّقه بتحرير وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالْمعْنَى فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة لما نطقوا بِهِ من الظِّهَار فتقدير الاية عِنْده وَالَّذين يظهرون من نِسَائِهِم فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة للفظهم بالظهار ثمَّ يعودون للْوَطْء وَقَالَ أهل الظَّاهِر أَن اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون وان الْمَعْنى ثمَّ يعودون لقَولهم فيقولونه مرّة أُخْرَى فَلَا يلْزم الْمظَاهر عِنْدهم كَفَّارَة حَتَّى يظاهر مرّة أُخْرَى وَهَذَا غلط لِأَن الْعود لَيْسَ هُوَ أَن يرجع الانسان الى مَا كَانَ فِيهِ دَلِيله تسميتهم للاخرة الْمعَاد وَلم يكن فِيهَا أحد فَيَعُود اليها وَقد قَالَ قَتَادَة مَعْنَاهُ ثمَّ يعودون لما قَالُوا من التَّحْرِيم فيحلونه فَاللَّام على هَذَا مُتَعَلقَة بيعودون

قَوْله يَوْم يَبْعَثهُم يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ وللكافرين عَذَاب مهين أَي فِي هَذَا الْيَوْم

قَوْله مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة ثَلَاثَة خفض باضافة نجوى اليها والنجوى بِمَعْنى السركما قَالَ تَعَالَى نهوا عَن النَّجْوَى وَبَين يَدي نَجوَاكُمْ وَيجوز أَن يكون ثَلَاثَة بَدَلا من نجوى والنجوى بِمَعْنى المتناجين كَمَا قَالَ تَعَالَى لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر وَيجوز فِي الْكَلَام رفع ثَلَاثَة على الْبَدَل من مَوضِع نجوى لِأَن موضعهَا رفع وَمن زَائِدَة وَلَو نصبت ثَلَاثَة على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي نجوى اذا جعلته بِمَعْنى المتناجين جَازَ فِي الْكَلَام

قَوْله يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا جَمِيعًا نصب على الْحَال

قَوْله استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان هَذَا مِمَّا جَاءَ على أَصله وشذ على الْقيَاس وَكَانَ قياسة استحاذ كَمَا تَقول استقام الْأَمر واستجاب الدَّاعِي

قَوْله اباءهم أَو أَبْنَاءَهُم أصل أَب أَبُو على فعل دَلِيله قَوْلهم أَبَوَانِ فِي التَّثْنِيَة وحذفت الْوَاو مِنْهُ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَو جرى على أصُول الاعتلال وَالْقِيَاس لَقلت أَبَاك فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض ولقلت أَبَا فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض بِمَنْزِلَة عَصا وعصاك وَبَعض الْعَرَب يفعل فِيهِ ذَلِك وَلَكِن جرى على غير قِيَاس الاعتلال فِي أَكثر اللُّغَات وَحسن ذَلِك فِيهِ لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله وتصرفه فَأَما ابْن فالساقط مِنْهُ يَاء وَأَصله بني مُشْتَقّ من بنى يبْنى وَالْعلَّة فِيهِ كالعلة فِي أَب وَقد قيل إِن السَّاقِط مِنْهُ وَاو لقَولهم الْبُنُوَّة وَهُوَ غلط لِأَن الْبُنُوَّة وَزنهَا الفعولة وَأَصلهَا البنوية فادغمت الْيَاء فِي الْوَاو وغلبت الْوَاو للضمتين قبلهَا وَلَو كَانَت ضمة وَاحِدَة لغيرت الى الْكسر وغلبت الْيَاء وَلَكِن لَو أَتَى بِالْيَاءِ فِي هَذَا لوَجَبَ تَغْيِير ضمتين فتستحيل الْكَلِمَة