مشكل إعراب القرآن

3 - تَفْسِير سُورَة آل عمرَان

قَوْله تَعَالَى {الم} مثل لم ذَلِك فَأَما فَتْحة الْمِيم فَيجوز أَن تكون فتحت لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا وَيجوز أَن تكون فتحت لسكونها وَسُكُون الْيَاء قبلهَا وَلم ينْو عَلَيْهَا الْوَقْف وَيجوز أَن تكون فتحت لِأَنَّهُ نوى عَلَيْهَا الْوَقْف فَألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة ألف الْوَصْل الْمُبْتَدَأ بهَا كَمَا قَالُوا وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أَرْبَعَة فالقوا حَرَكَة الْهمزَة من أَرْبَعَة على الْهَاء من ثَلَاثَة وتركوها على حَالهَا وَلم يغلبوها تَاء عِنْد تحريكها إِذْ النِّيَّة فِيهَا الْوَقْف وَقَالَ ابْن كيسَان ألف الله وكل ألف مَعَ لَام التَّعْرِيف ألف قطع بِمَنْزِلَة قد وَإِنَّمَا وصلت لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَمن حرك الْمِيم ألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة الْهمزَة الَّتِي بِمَنْزِلَة الْقَاف من قد من الله فَفَتحهَا بفتحة الْهمزَة وَأَجَازَ الْأَخْفَش كسر الْمِيم لالتقاء الساكنين وَهُوَ غلط لَا قِيَاس لَهُ لثقله

قَوْله {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} الله مُبْتَدأ وَخَبره نزل عَلَيْك الْكتاب وَلَا اله إِلَّا هُوَ لَا اله فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف وَإِلَّا هُوَ بدل من مَوضِع لَا اله وَقيل هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الله وَقيل من الْمُضمر فِي نزل تَقْدِيره نزل الله عَلَيْك الْكتاب متوحدا بالربوبية وَقيل هُوَ بدل من مَوضِع لَا اله قَوْله بِالْحَقِّ فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب فالباء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره نزل عَلَيْك الْكتاب ثَابتا بِالْحَقِّ وَلَا تتَعَلَّق الْبَاء بِنزل لِأَنَّهُ قد تعدى إِلَى مفعولين أَحدهمَا بِحرف فَلَا يتَعَدَّى إِلَى ثَالِث وَكَذَلِكَ مُصدقا حَال من الْمُضمر فِي بِالْحَقِّ تَقْدِيره نزل عَلَيْك الْكتاب محققا مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ وهما حالان مؤكدان

قَوْله {الْحَيّ القيوم} نعتان لله والقيوم فيعول من قَامَ بِالْأَمر وَقد ذكر

قَوْله {التَّوْرَاة} وَزنهَا فوعلة وَأَصلهَا وورية مُشْتَقَّة من وري الزند فالتاء بدل من وَاو وَمن رُوِيَ الزند قَوْله تورون وَقَوله فالموريات قدحا وقلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَزنهَا تفعلة من وري الزند أَيْضا وَالتَّاء غير منقلبة عِنْدهم من وَاو وَأَصلهَا تورية وَهَذَا قَلِيل فِي الْكَلَام وفوعلة كثير فِي الْكَلَام فَحَمله على الْأَكْثَر أولى وَأَيْضًا فَإِن التَّاء لم تكْثر زيادتها فِي أول الْكَلَام كَمَا كثرت زِيَادَة الْوَاو ثَانِيَة

قَوْله {ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله} مفعولان من أجلهما

قَوْله {والراسخون فِي الْعلم} عطف على الله جلّ ذكره فهم يعلمُونَ الْمُتَشَابه وَلذَلِك وَصفهم الله تَعَالَى بالرسوخ فِي الْعلم وَلَو كَانُوا جُهَّالًا بِمَعْرِِفَة الْمُتَشَابه لما وصفوا بالرسوخ فِي الْعلم فَأَما مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وَيَقُول الراسخون فِي الْعلم آمنا بِهِ فَهِيَ قِرَاءَة تخَالف الْمُصحف وان صحت فتأويلها مَا يُعلمهُ إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير الَّذِي فِي يَقُولُونَ فَقَالَ وَيَقُول الراسخون وَقد أفردنا لهَذِهِ الْمَسْأَلَة كتابا لسعة الْكَلَام فِيهَا وَالْهَاء فِي تَأْوِيله تعود على الْمُتَشَابه وَقيل تعود على الْكتاب وَهُوَ الْقُرْآن كُله

قَوْله {كدأب آل فِرْعَوْن} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره عِنْد الْفراء كفرت الْعَرَب كفرا ككفر آل فِرْعَوْن وَفِي هَذَا القَوْل إِيهَام للتفرقة بَين الصِّلَة والموصول

قَوْله {فِئَة} أَي إِحْدَاهمَا فِئَة

قَوْله {تقَاتل} فِي مَوضِع النَّعْت لفئة وَلَو خفضت فِئَة عَن الْبَدَل من فئتين لجَاز وَهِي قِرَاءَة الْحسن وَمُجاهد وَتَكون أُخْرَى فِي مَوضِع خفض

قَوْله {وَأُخْرَى} فِي مَوضِع رفع على خبر الِابْتِدَاء وَهِي صفة قَامَت مقَام الْمَوْصُوف وَهُوَ فِئَة تَقْدِيره وَالْأُخْرَى فِئَة أُخْرَى كَافِرَة وَيجوز النصب فيهمَا على الْحَال أَي التقتا مختلفتين

قَوْله {ترونهم} من قَرَأَ بِالتَّاءِ فموضعه نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم أَو فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لأخرى أَو فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لأخرى أَن جَعلتهَا فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على فِئَة فِي قِرَاءَة من خفضها على الْبَدَل من فئتين وَالْخطاب فِي لكم للْيَهُود وَقيل للْمُسلمين وَفِي هَذِه الْآيَة وُجُوه من الْإِعْرَاب والمعاني على قدر الِاخْتِلَاف فِي رُجُوع الضمائر فِي قَوْله ترونهم مثليهم وعَلى اخْتِلَاف الْمعَانِي فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ فِي ترونهم يطول ذكرهَا وَقد رسمنا لشرحها كتابا مُفردا

قَوْله {مثليهم} نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي ترونهم لِأَنَّهُ من رُؤْيَة الْبَصَر بِدلَالَة قَوْله رَأْي الْعين والمضمر الْمَنْصُوب فِي ترونهم يعود على الفئة الْأُخْرَى الْكَافِرَة وَالْمَرْفُوع فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ يعود على الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم وَفِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ يعود على الفئة الْمُقَاتلَة فِي سَبِيل الله وَالْهَاء وَالْمِيم فِي مثليهم يعودان على الفئة الْمُقَاتلَة فِي سَبِيل الله هَذَا أبين الْأَقْوَال وفيهَا اخْتِلَاف كثير

قَوْله {وَالله عِنْده حسن المآب} الله ابْتِدَاء وَحسن ابْتِدَاء ثَان وَعِنْده خبر حسن وَحسن وَخَبره خبر عَن اسْم الله ولمآب وَزنه مفعل وَأَصله مأوب ثمَّ قلبت حَرَكَة الْوَاو على الْهمزَة وأبدل من الْوَاو ألف مثل مقَال وَمَكَان

قَوْله {جنَّات} ابْتِدَاء وللذين الْخَبَر وَاللَّام مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَت اللَّام مقَامه بِمَنْزِلَة قَوْلك لله الْحَمد وَيجوز الْخَفْض فِي جنَّات على الْبَدَل من بِخَير على أَن تجْعَل اللَّام فِي الَّذين مُتَعَلقَة بأنبئكم أَو تجعلها صفة لخير وَلَو جعلت اللَّام مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف قَامَت مقَامه لم يجز خفض جنَّات لِأَن حُرُوف الْجَرّ والظروف إِذا تعلّقت بِمَحْذُوف تقوم مقَامه صَار فِيهَا ضمير مُقَدّر مَرْفُوع واحتاجت إِلَى ابْتِدَاء يعود عَلَيْهِ ذَلِك الضَّمِير كَقَوْلِك لزيد مَال وَفِي الدَّار زيد وخلفك عَمْرو فَلَا بُد من رفع جنَّات إِذا تعلّقت اللَّام بِمَحْذُوف وَلَو قدرت أَن تتَعَلَّق اللَّام بِمَحْذُوف على أَن لَا ضمير فِيهَا لرفعت جنَّات بِفِعْلِهَا وَهُوَ مَذْهَب الْأَخْفَش فِي رَفعه مَا بعد الظروف وحروف الْخَفْض بالاستقرار وَإِنَّمَا يحسن ذَلِك عِنْد حذاق النَّحْوِيين إِذا كَانَت الظروف أَو حُرُوف الْخَفْض صفة لما قبلهَا فَحِينَئِذٍ يتَمَكَّن وَيحسن رفع الِاسْم بالاستقرار وَقد شرحناه بأبين من هَذَا فِي مَوَاضِع أُخْرَى فِي هَذَا الْكتاب ومثلناه بأمثله وَكَذَلِكَ إِن كَانَت أحوالا مِمَّا قبلهَا

قَوْله {الَّذين يَقُولُونَ} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من للَّذين اتَّقوا وَإِن شِئْت فِي مَوضِع رفع على هم وَإِن شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْمَدْح

وَقَوله {الصابرين} بدل من الَّذين على اخْتِلَاف الْوُجُوه الْمَذْكُورَة

قَوْله {قَائِما بِالْقِسْطِ} حَال من هُوَ مُؤَكدَة

قَوْله {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} من فتح إِن وَهِي قِرَاءَة الْكسَائي جعلهَا بَدَلا من أَن الأولى فِي قَوْله شهد الله أَنه وَهُوَ بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ وَيجوز أَن يكون الْبَدَل بدل الاشتمال على تَقْدِير اشْتِمَال الثَّانِي على الأول لِأَن الْإِسْلَام يشْتَمل على شرائع كَثِيرَة مِنْهَا التَّوْحِيد الْمُتَقَدّم ذكره وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك سلب زيد ثَوْبه وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع خفض بَدَلا من الْقسْط بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ

قَوْله {بغيا بَينهم} مفعول من أَجله وَقيل حَال من الَّذين

قَوْله {وَمن يكفر بآيَات الله} من شَرط فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ

وَقَوله {فَإِن الله سريع الْحساب} خَبره وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط والعائد على الْمُبْتَدَأ من خَبره مَحْذُوف تَقْدِيره سريع الْحساب لَهُ وَيجوز رفع يكفر على أَن تجْعَل من بِمَعْنى الَّذين وتقدر حذف لَهُم من الْخَبَر

قَوْله {وَمن اتبعن} من فِي مَوضِع رفع عطف على التَّاء فِي أسلمت وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَمن اتبعن أسلم وَجهه لله وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع خفض عطفا على الله

قَوْله {فبشرهم بِعَذَاب} خبر إِن الَّذين يكفرون وَدخلت الْفَاء للإبهام الَّذِي فِي الَّذين مَعَ كَون الْفِعْل فِي صلَة الَّذين مَعَ أَن الَّذين لم يُغير مَعْنَاهَا الْعَامِل فَلَا يتم دُخُول الْفَاء فِي خبر الَّذِي حَتَّى يكون الْفِعْل فِي صلته وَيكون لم يدْخل عَلَيْهِ عَامل يُغير مَعْنَاهُ فبهذين الشَّرْطَيْنِ تدخل الْفَاء فِي خبر الَّذِي فَمَتَى نقصا أَو نقص وَاحِد مِنْهُمَا لم يجز دُخُول الْفَاء فِي خَبره وَقد تقدم ذكر هَذَا

قَوْله {وهم معرضون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت لفريق أَو فِي مَوضِع الْحَال لِأَن النكرَة فد نعتت وَلِأَن الْوَاو وَاو الْحَال

قَوْله {فَكيف إِذا جمعناهم} كَيفَ سُؤال عَن حَال وَهِي هُنَا تهدد ووعيد وموضعها نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهَا الْمَعْنى الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَيفَ تَقْدِيره فعلى أَي حَال يكونُونَ حِين يجمعُونَ ليَوْم لَا شكّ فِيهِ وَالْعَامِل فِي إِذا مَا دلّت عَلَيْهِ كَيفَ والظروف متسع فِيهَا تعْمل فِيهَا الْمعَانِي الَّتِي يدل عَلَيْهَا الْخطاب بِخِلَاف المفعولات فَهَذَا أصل يكثر دوره فِي الْقُرْآن وَالْكَلَام

قَوْله {لَا ريب فِيهِ} فِي مَوضِع خفض نعت ليَوْم

قَوْله {وهم لَا يظْلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي كسبت

قَوْله {مَالك الْملك} نصب على النداء الْمُضَاف وَلَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَن يكون نعتا لقَوْله اللَّهُمَّ وَلَا يُوصف عِنْده اللَّهُمَّ لِأَنَّهُ قد تغير بِمَا فِي آخِره وَأَجَازَ غَيره من الْبَصرِيين والكوفيين أَن يكون مَالك الْملك صفة اللَّهُمَّ كَمَا جَازَ مَعَ بِاللَّه

قَوْله {تؤتي الْملك من تشَاء} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي مَالك وَكَذَلِكَ وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وَكَذَلِكَ وتعز وتذل وَيجوز أَن يكون هَذَا كُله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي أَنْت تؤتي الْملك وتنزع الْملك قَوْله بِيَدِك الْخَيْر ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي مَالك وَيجوز أَن تكون الْجُمْلَة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَنْت بِيَدِك الْخَيْر

قَوْله {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} مثل تؤتي الْملك من تشَاء فِي وجهيه وَكَذَلِكَ وَتخرج وترزق

قَوْله {تقاة} وَزنهَا فعلة وَأَصلهَا وقية ثمَّ أبدلوا من الْوَاو تَاء كتجاه وتكأة فَصَارَت تقية ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَت تقاة

قَوْله {يَوْم تَجِد كل نفس} يَوْم مَنْصُوب بيحذركم أَي ويحذركم الله نَفسه فِي يَوْم تَجِد وَفِيه نظر وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ فعلا مضمرا أَي اذكر يَا مُحَمَّد يَوْم تَجِد وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ الْمصير أَي وَإِلَيْهِ الْمصير فِي يَوْم تَجِد وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ قَدِيرًا أَي قدير فِي يَوْم تَجِد

قَوْله {محضرا} حَال من الْمُضمر الْمَحْذُوف من صلَة مَا تَقْدِيره مَا عملته من خير محضرا

قَوْله {وَمَا عملت من سوء} مَا فِي مَوضِع نصب عطف على مَا الأولى وتود حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي عملت الثَّانِي فَإِن قطعتها مِمَّا قبلهَا وجعلتها للشّرط جزمت تود تَجْعَلهُ جَوَابا للشّرط وخبرا لما وَيجوز أَن تقطعها من الأول على أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وتود الْخَبَر

قَوْله {ذُرِّيَّة} نصب على الْحَال من الْأَسْمَاء الَّتِي قبلهَا بِمَعْنى متناسبين بَعضهم من بعض وَقيل هِيَ بدل مِمَّا قبلهَا

قَوْله {إِذْ قَالَت} الْعَامِل فِي إِذْ سميع عليم أَي وَالله سميع عليم حِين قَالَت وَقيل الْعَامِل اصْطفى أَي وَاصْطفى آل عمرَان إِذْ قَالَت وَفِيه نظر وَقيل الْعَامِل فِيهِ مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَت فعلى هَذَا التَّقْدِير يحسن الِابْتِدَاء بهَا وَلَا يحسن على غَيره

قَوْله {محررا} حَال من مَا وَقيل تَقْدِيره غُلَاما محررا أَي خَالِصا لَك وَوَقعت مَا لمن يعقل للإبهام كَمَا قَالَت الْعَرَب خُذ من عَبِيدِي مَا شِئْت وَحكى سِيبَوَيْهٍ سُبْحَانَ مَا سبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وكما قَالَ الله تَعَالَى فأنكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء وَالْهَاء فِي وَضَعتهَا تعود على مَا وَمَعْنَاهَا التَّأْنِيث

قَوْله {وَضَعتهَا أُنْثَى} أُنْثَى حَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي وَضَعتهَا وَيجوز أَن يكون بَدَلا مِنْهُ

قَوْله {وَالله أعلم بِمَا وضعت} من ضم التَّاء واسكن الْعين لم يبتدىء بقوله وَالله أعلم بِمَا وضعت لِأَنَّهُ من كَلَام أم مَرْيَم وَمن فتح الْعين واسكن التَّاء ابْتَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَام أم مَرْيَم وَمثله من كسر التَّاء واسكن الْعين وَهِي قِرَاءَة تروى عَن ابْن عَبَّاس قَوْله / زَكَرِيَّاء / همزَة زَكَرِيَّاء للتأنيث وَلَا يجوز أَن تكون للالحاق لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أصُول الابنية مِثَال على وَزنه فَيكون مُلْحقًا بِهِ وَلَا يجوز أَن تكون منقلبة لِأَن الانقلاب لَا يَخْلُو أَن يكون من حرف من نفس الْكَلِمَة أَو من حرف الالحاق فَلَا يجوز أَن يكون من نفس الْكَلِمَة لِأَن الْيَاء وَالْوَاو لَا يكونَانِ أصلا فِيمَا كَانَ على أَرْبَعَة أحرف وَلَا يجوز أَن يكون من حرف الالحاق إِذْ لَيْسَ فِي أصُول الابنية بِنَاء يكون هَذَا مُلْحقًا بِهِ فَلَا يجوز أَن تكون الْهمزَة إِلَّا للتأنيث وَكَذَلِكَ الْكَلَام على قِرَاءَة من قصر الْألف الَّتِي هِيَ للتأنيث لهَذِهِ الدَّلَائِل

قَوْله {كلما دخل} كلما ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ وجد أَي أَي وَقت دخل عَلَيْهَا وجد عِنْدهَا رزقا

قَوْله {هُنَالك} ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ دَعَا أَي دَعَا زَكَرِيَّا ربه فِي ذَلِك الْحِين وَقد تكون هُنَالك فِي مَوضِع آخر ظرف مَكَان وَهُوَ أَصْلهَا وَإِنَّمَا اتَّسع فِيهَا فَوَقَعت للزمان بِدلَالَة الْحَال وَالْخطاب وَرُبمَا احتملت الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا نَحْو قَوْله هُنَالك الْولَايَة لله وَيدل على أَن أَصْلهَا الْمَكَان أَنَّك تَقول اجْلِسْ هُنَالك تُرِيدُ الْمَكَان وَلَا يجوز سر هُنَالك تُرِيدُ الزَّمَان والظرف هُنَا وَاللَّام للتَّأْكِيد وَالْكَاف للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب

قَوْله {ذُرِّيَّة} وَزنهَا فعولة من ذَرأ الله الْخلق وَكَانَ أَصْلهَا على هَذَا ذروءة فأبدلوا من الْهمزَة يَاء فَاجْتمع يَاء وواو وَالْأول سَاكن فأدغموا الْيَاء فِي الْوَاو على ادغام الثَّانِي فِي الأول استثقالا للواوات وَكسرت الرَّاء لتصح الْيَاء الساكنة المدغمة وَقيل ذُرِّيَّة فعيلة من الذَّر فَكَانَ أصل الذُّرِّيَّة أَن يكون اسْما لصغار ولد الرجل ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَكَانَ أَصْلهَا على هَذَا ذريرة ثمَّ أبدلوا من الرَّاء الْأَخِيرَة يَاء وأدغمت الأولى فِيهَا وَذَلِكَ لِاجْتِمَاع الراءات كَمَا قَالُوا تظنيت فِي تظننت لِاجْتِمَاع النونات وَقيل وزن ذُرِّيَّة فعولة من ذروت فأصلها على هَذَا ذرورة ثمَّ فعل بهَا مثل الْوَجْه الْمُتَقَدّم الَّذِي قبل هَذَا وَكسرت الرَّاء الْمُشَدّدَة لتصح الْيَاء الساكنة

قَوْله {وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء فِي فنادته وَيُصلي فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي قَائِم

قَوْله {عَاقِر} إِنَّمَا جَاءَ بِغَيْر هَاء على النِّسْبَة وَلَو أَتَى على الْفِعْل لقَالَ عقيرة بِمَعْنى معقورة أَي بهَا عقر يمْنَعهَا من الْوَلَد

قَوْله {مُصدقا} حَال من يحيى وَهِي حَال مقدرَة وَكَذَلِكَ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا

قَوْله {كَذَلِك الله يفعل} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير يفعل الله مَا يَشَاء فعلا مثل ذَلِك

قَوْله {اجْعَل لي آيَة} اجْعَل بِمَعْنى صير فَهُوَ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين أَحدهمَا بِحرف وهما لي وَآيَة

قَوْله {أَلا تكلم النَّاس} أَن لَا فِي مَوضِع رفع خبر آيتك وَيجوز رفع تكلم على أَن تضمر الْكَاف مَعَ أَن أَي آيتك أَنَّك لَا تكلم النَّاس وَثَلَاثَة ظرف

قَوْله {إِلَّا رمزا} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وكل اسْتثِْنَاء لَيْسَ من جنس الأول فَالْوَجْه فِيهِ النصب

قَوْله {كثيرا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ذكرا كثيرا

قَوْله {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة} إِذْ معطوفة على إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان إِذا جَعلتهَا فِي مَوضِع نصب على اذكر

قَوْله {أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ابْتِدَاء وَخبر والحملة فِي مَوضِع نصب بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره إِذْ يلقون أقلامهم ينظرُونَ أَيهمْ يكفل مَرْيَم وَلَا يعْمل فِي لفظ أَي لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَلَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله

قَوْله {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة} الْعَامِل فِي إِذْ يختصمون أَي يختصمون حِين قَالَت الْمَلَائِكَة وَيجوز أَن يعْمل فِيهَا وَمَا كنت لديهم الثَّانِي كَمَا عمل الأول فِي إِذْ يلقون

قَوْله {وجيها} قَوْله وَمن المقربين قَوْله ويكلم النَّاس فِي المهد قَوْله وكهلا قَوْله وَمن الصَّالِحين كل ذَلِك حَال من عِيسَى وَكَذَلِكَ قَوْله ويعلمه وَقَوله ورسولا وَقيل تَقْدِيره ونجعله رَسُولا فَهُوَ مفعول بِهِ وَقيل هُوَ حَال تَقْدِيره ويكلمهم رَسُولا وَمن جعل قَوْله بِكَلِمَة مِنْهُ الْكَلِمَة اسْما لعيسى جَازَ على قَوْله فِي غير الْقُرْآن وجيه بالخفض على النَّعْت لكلمة فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْخَفْض تَقْدِيره بِأَنِّي قد جِئتُكُمْ وَمن كسر اني فعلى الْقطع والابتداء وَيجوز أَن يكون من فتح أَنِّي أخلق جعلهَا بَدَلا من آيَة فَتكون أَن فِي مَوضِع خفض وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير حذف مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَنِّي أخلق

قَوْله {ومصدقا} نصب على الْحَال من التَّاء فِي جِئتُكُمْ أَي جِئتُكُمْ مُصدقا وَلَا يحسن أَن يعْطف ومصدقا على وجيها لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون اللَّفْظ لما بَين يَدَيْهِ والتلاوة لما بَين يَدي

قَوْله {كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره خلقا مثل هَيْئَة الطير وَالْهَاء فِي فِيهِ تعود على المهيأ لِأَن النفخ إِنَّمَا كَانَ فِي المهيأ وَهِي الصُّورَة والهيئة إِنَّمَا هِيَ الْمصدر اسْم الْفِعْل لَا نفخ فِيهَا لَكِن وَقع الْمصدر موقع الْمَفْعُول كَمَا قَالَ هَذَا خلق الله أَي مخلوقة وَهَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه وَقد يجوز أَن تعود الْهَاء على الْمَخْلُوق لِأَن أخلق يدل عَلَيْهِ إِذْ هُوَ دَال على الْخلق من حَيْثُ كَانَ مشتقا مِنْهُ والخلق يدل على الْمَخْلُوق وَيجوز أَن تعود الْهَاء على الْكَاف فِي كَهَيئَةِ إِذْ هِيَ بِمَعْنى مثل

قَوْله {إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى} إِذْ فِي مَوضِع نصب باذكر مضمرة

قَوْله {وجاعل الَّذين اتبعوك} جَاعل غير مَعْطُوف على مَا قبله لِأَنَّهُ خطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأول لعيسى وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الأول وَكِلَاهُمَا لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام

قَوْله {الْحق من رَبك} خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي هُوَ الْحق أَو هَذَا الْحق

قَوْله {وَمَا من إِلَه إِلَّا الله} اله مُبْتَدأ إِلَّا الله خَبره كَمَا تَقول مَا من أحد إِلَّا شاكرك فأحد فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمن زَائِدَة للتوكيد وَألا شاكرك خبر الِابْتِدَاء وَيجوز أَن يكون خبر الِابْتِدَاء محذوفا وَإِلَّا الله بدل من اله على الْموضع تَقْدِيره مَا اله معبود أَو مَوْجُود إِلَّا الله

قَوْله {إِلَى كلمة سَوَاء} سَوَاء نعت لكلمة وَقَرَأَ الْحسن سَوَاء بِالنّصب على الْمصدر فَهُوَ فِي مَوضِع اسْتِوَاء أَي اسْتَوَت اسْتِوَاء

قَوْله {أَلا نعْبد} أَن فِي مَوضِع خفض بدل من كلمة وان شِئْت فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَن لَا نعْبد وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى أَي مفسرة على أَن تجزم نعْبد وَنشر ك بِلَا وَلَو جَعلتهَا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة رفعت نعْبد نشْرك وأضمرت الْهَاء مَعَ أَن

قَوْله {وَهَذَا النَّبِي} رفعت النَّبِي على النَّعْت لهَذَا أَو على الْبَدَل أَو على عطف الْبَيَان وَهَذَا فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على الَّذين وَلَو قيل فِي الْكَلَام وَهَذَا النَّبِي بِالنّصب لحسن أَن يعطفه على الْهَاء فِي اتَّبعُوهُ

قَوْله {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} ثمَّ قَالَ أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أَن مفعول بتؤمنوا وَتَقْدِير الْكَلَام وَلَا تؤمنوا أَن يُؤْتى أحد بِمثل مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا من تبع دينكُمْ فَاللَّام على هَذَا زَائِدَة وَمن فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وقيا التَّقْدِير وَلَا تصدقوا إِلَّا من تبع دينكُمْ بِأَن يُؤْتى أحد وَقَالَ الْفراء انْقَطع الْكَلَام عِنْد قَوْله دينكُمْ ثمَّ قَالَ لمُحَمد عَلَيْهِ السَّلَام قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ فَلَا مقدرَة وَيجوز أَن تكون اللَّام غير زَائِدَة وتتعلق بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام لِأَن معنى الْكَلَام لَا تقروا بِأَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا لمن تبع دينكُمْ فَيتَعَلَّق الحرفان بتقروا كَمَا تَقول أَقرَرت لزيد بِأَلف وَجَاز ذَلِك لِأَن الأول كالظرف فَصَارَ بِمَنْزِلَة قَوْلك مَرَرْت فِي السُّوق بزيد وَإِنَّمَا دخلت أحد لتقدم لفظ النَّفْي فِي قَوْله وَلَا تؤمنوا فَهُوَ نهي وَلَفظه لفظ النَّفْي فَأَما من مده واستفهم وَهِي قِرَاءَة ابْن كثير فَإِنَّهُ أَتَى بِهِ على معنى الْإِنْكَار من الْيَهُود أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتُوا حِكَايَة عَنْهُم فَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ إِذْ لَا يعْمل فِي أَن وَمَا قبلهَا لأجل الِاسْتِفْهَام وَخبر الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف تَقْدِيره أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ تصدقُونَ أَو تقرون وَنَحْوه وَحسن الِابْتِدَاء بِأَن لِأَنَّهَا قد اعتمدت على حرف الِاسْتِفْهَام فَهُوَ فِي التَّمْثِيل بِمَنْزِلَة أَزِيد ضَربته وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع نصب وَهُوَ الِاخْتِيَار كَمَا كَانَ فِي قَوْلك أزيدا ضَربته النصب الِاخْتِيَار لِأَن الِاسْتِفْهَام عَن الْفِعْل فتضمر فعلا بَين الْألف وَبَين أَن تَقْدِيره أتذيعون أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ وأتشيعون وأتذكرون وَنَحْوهَا مِمَّا دلّ عَلَيْهِ الْإِنْكَار الَّذِي قصدُوا إِلَيْهِ بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام وَدلّ على قصدهم لهَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى عَنْهُم فِيمَا قَالُوا لأصحابهم أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم يعنون أتحدثون الْمُسلمين بِمَا وجدْتُم من صفة نَبِيّهم فِي كتابكُمْ ليحاجوكم بِهِ عِنْد ربكُم وَاحِد فِي قِرَاءَة من مد بِمَعْنى وَاحِد وَإِنَّمَا جمع فِي قَوْله ليحاجوكم لِأَنَّهُ رده على معنى أحد لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْكَثْرَة لَكِن أحد إِذا كَانَ فِي النَّفْي أقوى فِي الدّلَالَة على الْكَثْرَة مِنْهُ إِذا كَانَ فِي الْإِيجَاب وَحسن دُخُول أحد بعد لفظ الِاسْتِفْهَام لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْإِنْكَار والجحد فَدخلت أحد بعده كَمَا تدخل بعد الْجحْد الملفوظ بِهِ فيصلح على هَذَا أَن تكون على أَصْلهَا فِي الْعُمُوم وَلَيْسَت بِمَعْنى وَاحِد

قَوْله {دمت} من ضم الدَّال جعله فعل يفعل مثل قَالَ يَقُول ودام يَدُوم وَمن كسر الدَّال جعله فعل يفعل مثل خَافَ يخَاف على دَامَ يدام وَكَذَلِكَ مت فِيمَن كسر الْمِيم أَو ضمهَا قَرَأَ حميد يلون بواو وَاحِدَة مَعَ ضم اللَّام وأصل هَذِه الْقِرَاءَة يلوون ثمَّ همز الْوَاو الأولى لانضمامها ثمَّ ألْقى حَرَكَة الْهمزَة على اللَّام على أصل التَّخْفِيف الْمُسْتَعْمل فِي كَلَام الْعَرَب

قَوْله {وَلَا يَأْمُركُمْ أَن تَتَّخِذُوا} من نصب يَأْمُركُمْ عطفه على أَن يؤتيه الله أَو على ثمَّ يَقُول وَالضَّمِير فِي يَأْمُركُمْ للبشر وَمن رَفعه قطعه مِمَّا قبله وَجعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَيكون الضَّمِير فِي يَأْمُركُمْ لله جلّ ذكره

قَوْله {لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} من كسر اللَّام وَهُوَ حَمْزَة علقها بِالْأَخْذِ أَي أَخذ الله الْمِيثَاق لما أعْطوا من الْكتاب وَالْحكمَة لِأَن من أُوتِيَ ذَلِك فَهُوَ الْأَفْضَل وَعَلِيهِ يُؤْخَذ الْمِيثَاق وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فَأَما من فتح اللَّام فَهِيَ لَام الِابْتِدَاء وَهِي جَوَاب لما دلّ عَلَيْهِ من معنى الْقسم لِأَن أَخذ الْمِيثَاق إِنَّمَا يكون بالأيمان والعهود فَاللَّام جَوَاب الْقسم وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْهَاء محذوفة من آتيتكم تَقْدِيره للَّذي آتيتكموه من كتاب وَالْخَبَر من كتاب وَحِكْمَة وَمن زَائِدَة وَقيل الْخَبَر لتؤمنن بِهِ وَهُوَ جَوَاب قسم مَحْذُوف تَقْدِيره وَالله لتؤمنن بِهِ والعائد من الْجُمْلَة المعطوفة على الصِّلَة مَحْمُول على الْمَعْنى عِنْد الْأَخْفَش لِأَن لما مَعكُمْ مَعْنَاهُ لما آتيتموه من الْكتاب كَمَا قَالَ إِنَّه من يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ فَحَمله على الْمَعْنى فِي الضَّمِير إِذْ هُوَ بِمَعْنى فَإِن الله لَا يضيع أجرهم وَلَا بُد من تَقْدِير هَذَا الْعَائِد فِي الْجُمْلَة المعطوفة على الصِّلَة وَهِي ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ فهما جملتان لموصولين حذف الثَّانِي للاختصار وَقَامَ حرف الْعَطف مَكَانَهُ فَلَا بُد من عَائِد فِي الصلتين على الموصولين أَلا ترى أَنَّك لَو قلت الَّذِي قَامَ أَبوهُ ثمَّ زيد منطلق عَمْرو لم يجز حَتَّى تَقول إِلَيْهِ أَو من أَجله عَمْرو وَنَحْو ذَلِك فَيكون فِي الْجُمْلَة المعطوفة مَا يعود على الَّذِي هُوَ الْمَحْذُوف كَمَا كَانَ فِي الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ صلَة الَّذِي ثمَّ تَأتي بِخَبَر الِابْتِدَاء بعد ذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون الْعَائِد من الصِّلَة الثَّانِيَة محذوفا تَقْدِيره ثمَّ جَاءَكُم رَسُول بِهِ أَي بتصديقه أَي بِتَصْدِيق مَا آتيتكموه وَهَذَا الْحَذف على قِيَاس مَا أجَاز الْخَلِيل من قَوْلك مَا أَنا بِالَّذِي قَائِل لَك شَيْئا أَي بِالَّذِي هُوَ قَائِل وكما قرىء تَمامًا على الَّذِي احسن بِالرَّفْع أَي هُوَ احسن ثمَّ حذف الضَّمِير من الصِّلَة وَإِنَّمَا بعد هَذَا الْحَذف عِنْد الْبَصرِيين لاتصال الضَّمِير بِحرف الْجَرّ فالمحذوف من الْكَلَام هُوَ ضمير وحرف فَبعد لذَلِك وَيجوز أَن تكون مَا فِي قِرَاءَة من فتح اللَّام للشّرط فَتكون فِي مَوضِع نصب بآتيتكم وَجَاءَكُم مَعْطُوف عَلَيْهِ فِي مَوضِع جزم أَيْضا وَتَكون اللَّام فِي لما لَام تَأْكِيد وَلَيْسَت بِجَوَاب الْقسم كَمَا كَانَت فِي الْوَجْه الأول وَلكنهَا دخلت لتلقى الْقسم بِمَنْزِلَة اللَّام فِي لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ فَهِيَ تنذر بإتيان الْقسم بعْدهَا وَهُوَ قَوْله لتؤمنن بِهِ كَمَا كَانَت لَئِن إنذارا للقسم فِي قَوْله لنغرينك فَهِيَ تَوْطِئَة للقسم وَلَيْسَت بِجَوَاب الْقسم كَمَا كَانَت فِي الْوَجْه الأول لِأَن الشَّرْط غير مُتَعَلق بِمَا قبله وَلَا يعْمل فِيهِ مَا قبله فَصَارَت مُنْقَطِعَة مِمَّا قبلهَا بِخِلَاف مَا إِذا جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي لإنه كَلَام مُتَّصِل بِمَا قبله وَجَوَاب لَهُ وحذفها جَائِز قَالَ الله تَعَالَى وان لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن فَإِذا كَانَت مَا للشّرط لم تحتج الْجُمْلَة المعطوفة إِلَى عَائِد كَمَا لم تحتج إِلَيْهِ الأولى وَلذَلِك أختاره الْخَلِيل وسيبويه لما لم يريَا فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة عَائِدًا جعلا مَا للشّرط وَهَذَا تَفْسِير الْمَازِني وَغَيره لمَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَقد تَأَول قوم أَن مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء فِي بِهِ تعود على مَا إِذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وَلَا يجوز أَن تعود على رَسُول وَالْهَاء فِي لتنصرنه تعود على رَسُول فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهَذِه آيَة غَرِيبَة الْإِعْرَاب فافهمها

قَوْله {طَوْعًا وَكرها} مصدران فِي مَوضِع الْحَال أَي طائعين ومكرهين

قَوْله {قل آمنا بِاللَّه} أَي قل قُولُوا آمنا فَالضَّمِير فِي آمنا للمأمورين والآمر لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيجوز أَن يكون الْأَمر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرَاد بِهِ أمته

قَوْله {دينا} نصب على الْبَيَان وَغير مفعول بيبتغي وَيجوز أَن يكون غير حَالا ودينا مفعول يَبْتَغِي

قَوْله {وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} الظّرْف مُتَعَلق بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام أَي وَهُوَ خاسر فِي الْآخِرَة من الخاسرين وَلَا يحسن تعلقه بالخاسرين لتقدم الصِّلَة على الْمَوْصُول إِلَّا أَن يَجْعَل الْألف وَاللَّام للتعريف لَا بِمَعْنى الَّذِي فَيحسن

قَوْله {أَن عَلَيْهِم لعنة الله} أَن فِي مَوضِع رفع خبر جزاؤهم وجزاؤهم وَخَبره خبر أُولَئِكَ وَيجوز أَن يكون جزاؤهم بَدَلا من أُولَئِكَ بدل الاشتمال وَأَن خبر جزاؤهم

قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْمُضمر المخفوض فِي عَلَيْهِم

قَوْله {لَا يُخَفف عَنْهُم} مثله وَيجوز أَن يكون مُنْقَطِعًا من الأول

قَوْله {وماتوا وهم كفار} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الضَّمِير فِي مَاتُوا

قَوْله {وَمَا لَهُم من ناصرين} ابْتِدَاء وَخبر وَمَا نَافِيَة وَمن زَائِدَة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر المخفوض فِي لَهُم الأول

قَوْله {مُبَارَكًا وَهدى} حالان من الْمُضمر فِي مَوضِع نصب وَيجوز الرّفْع على هُوَ مبارك وَيجوز الْخَفْض على النَّعْت لبيت

قَوْله {مقَام إِبْرَاهِيم} أَي من الْآيَات مقَام إِبْرَاهِيم فَهُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف خَبره وَيجوز أَن يكون مقَام بَدَلا من الْآيَات على أَن يكون مقَام إِبْرَاهِيم الْحرم كُله فَفِيهِ آيَات كَثِيرَة وَهُوَ قَول مُجَاهِد وَدَلِيله وَمن دخله كَانَ آمنا يُرِيد الْحرم بِلَا اخْتِلَاف وَقيل ارْتَفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هِيَ مقَام إِبْرَاهِيم

قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} من معطوفة على مقَام على وجوهه وَيجوز أَن تكون مُبتَدأَة مُنْقَطِعَة وَكَانَ آمنا الْخَبَر

قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} من فِي مَوضِع خفض بدل من النَّاس وَهُوَ بدل بعض من كل وَأَجَازَ الْكسَائي أَن يكون من شرطا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ واستطاع فِي مَوضِع جزم بِمن وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيهِ الْحَج وَدلّ على ذَلِك قَوْله وَمن كفر فَأن الله هَذَا شَرط بِلَا اخْتِلَاف وَالْأول مثله وَهُوَ عِنْد الْبَصرِيين مُنْقَطع من الأول مُبْتَدأ شَرط وَالْهَاء فِي إِلَيْهِ تعود على الْبَيْت وَقيل على الْحَج

قَوْله {وَأَنْتُم شُهَدَاء} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تَبْغُونَهَا

قَوْله {وَأَنْتُم تتلى عَلَيْكُم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تكفرون وَمثله وَفِيكُمْ رَسُوله

قَوْله {تُقَاته} أَصله وقية وَقد تقدّمت علته فِي تقاه

قَوْله {وَأَنْتُم مُسلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تموتن أَي الزموا هَذِه الْحَال حَتَّى يأتيكم الْمَوْت وَأَنْتُم عَلَيْهَا

قَوْله {جَمِيعًا} حَال وإخوانا خبر أصبح

قَوْله {إِلَّا أَذَى} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول فِي مَوضِع نصب

قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء} اسْم لَيْسَ فِيهَا وَسَوَاء خَبَرهَا أَي لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ والفاسقون الْمُتَقَدّم ذكرهم سَوَاء

قَوْله {من أهل الْكتاب} أمة ابْتِدَاء وَخبر وَأَجَازَ الْفراء رفع أمة سَوَاء فَلَا يعود على اسْم لَيْسَ من خَبره شَيْء وَهَذَا لَا يجوز مَعَ قبح عمل سَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ بجار على الْفِعْل مَعَ أَنه يضمر فِي لَيْسَ مَالا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذْ قد تقدم ذكر الْكَافرين وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة أمة اسْم لَيْسَ وَسَوَاء خَبَرهَا وأتى الضَّمِير فِي لَيْسَ على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَهَذَا بعيد لِأَن الْمَذْكُورين قد تقدمُوا قبل لَيْسَ وَلم يتَقَدَّم فِي أكلوني شَيْء فَلَيْسَ هَذَا مثله

قَوْله {يَتلون آيَات الله} فِي مَوضِع رفع نعت لأمة وَكَذَلِكَ وهم يَسْجُدُونَ مَوضِع الْجُمْلَة رفع نعت لأمة وان شِئْت جعلت موضعهَا نصبا على الْحَال من الْمُضمر فِي قَائِمَة أَو من أمة إِذا رفعتها بِسَوَاء وَتَكون حَالا مقدرَة لِأَن التِّلَاوَة لَا تكون فِي السُّجُود وَلَا فِي الرُّكُوع وَالْأَحْسَن فِي ذَلِك أَن تكون جملَة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَن النكرَة إِذا قويت بالنعت قربت من الْمعرفَة فَحسن الْحَال مِنْهَا كَمَا قَالَ وَهَذَا كتاب مُصدق لِسَانا عَرَبيا

قَوْله {يُؤمنُونَ} فِي مَوضِع النَّعْت لأمة أَيْضا أَو فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يَسْجُدُونَ أَو من الْمُضمر فِي يَتلون أَو من الْمُضمر فِي قَائِمَة وَمعنى قَائِمَة مُسْتَقِيمَة وَمثله ويأمرون وَينْهَوْنَ ويسارعون وَيجوز أَن يكون كل ذَلِك مستأنفا

قَوْله {آنَاء اللَّيْل} نصب على الظّرْف فَهُوَ ظرف زمَان بِمَعْنى ساعاته وواحده إِنِّي وَقيل إِنِّي وَقيل أَنِّي

قَوْله {فِيهَا صر} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لريح وَكَذَلِكَ أَصَابَت حرث قوم

قَوْله {ظلمُوا أنفسهم} الْجُمْلَة فِي مَوضِع خفض نعت لقوم

قَوْله {خبالا} نصب على التَّفْسِير

قَوْله {لَا يألونكم خبالا} فِي مَوضِع نصب نعت لبطانة وَكَذَلِكَ ودوا مَا عنتم وَلَا يحسن أَن يكون ودوا حَالا إِلَّا بإضمار قد لِأَنَّهُ مَاض

قَوْله {هَا أَنْتُم} يجوز أَن تكون الْهَاء بَدَلا من همزَة وَيجوز أَن تكون هَا الَّتِي للتّنْبِيه إِلَّا فِي قِرَاءَة قنبل عَن ابْن كثير هأنتم بِهَمْزَة مَفْتُوحَة بعد الْهَاء فَلَا تكون إِلَّا بَدَلا من همزَة

قَوْله {تحبونهم} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُبْهم أَو صلَة لَهُ أَن جعلته بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ مثل الَّذِي فِي الْبَقَرَة ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ وَقد شرح

قَوْله {وتؤمنون} عطف على تحبونهم

قَوْله {لَا يضركم} من شدده وَضم الْوَاو أحتمل أَن يكون مَجْزُومًا على جَوَاب الشَّرْط لكنه لما احْتَاجَ إِلَى تَحْرِيك المشدد حركه بِالضَّمِّ وَأتبعهُ ضم مَا قبله كَمَا قيل لم يردهَا بِالضَّمِّ وَقيل هُوَ مَرْفُوع على إِضْمَار الْفَاء وَقيل هُوَ مَرْفُوع على نِيَّة التَّقْدِيم قبل وَأَن تصبروا كَمَا قَالَ ... إِنَّك إِن يصرع أَخُوك تصرع ... فَرفع تصرع على نِيَّة التَّقْدِيم وَالْأول أحْسنهَا على أَن فِيهِ بعض الأشكال وَقد حُكيَ عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ بِفَتْح الرَّاء مُشَدّدَة وَهُوَ أحسن من الضَّم وَمن خفف جزم الرَّاء لِأَنَّهُ جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ من ضاره يضيره وَحكى الْكسَائي يضوره فَوَجَبَ أَن يجوز ضم الضَّاد

قَوْله {وَإِذ غَدَوْت} إِذْ فِي مَوضِع نصب باذكر مضمرة وَقَوله تبوىء الْمُؤمنِينَ فِي مَوضِع الْحَال من التَّاء فِي غَدَوْت

قَوْله {إِذْ هَمت} إِذْ فِي مَوضِع نصب وَالْعَامِل فِيهِ سميع عليم وَقيل الْعَامِل فِيهِ تبوىء وَالْأول أحسن

قَوْله {وَأَنْتُم أَذِلَّة} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي يضركم

قَوْله {إِذْ تَقول} الْعَامِل فِي إِذْ يضركم

قَوْله {أَن يمدكم} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل ليكفي تَقْدِيره ألن يكفيكم امداد ربكُم إيَّاكُمْ بِثَلَاثَة الآف

قَوْله {منزلين} نعت لثَلَاثَة ومسومين نعت لخمسه قَوْله وَمَا جعله الله الْهَاء تعود على الامداد وَدلّ عَلَيْهِ يمددكم وَقيل تعود على المدد وهم الْمَلَائِكَة وَقيل تعود على التسويم وَدلّ عَلَيْهِ مسومين والتسويم والتعليم أَي معلمين تعرفونهم بالعلامة وَقيل تعود على الانزال دلّ عَلَيْهِ منزلين وَقيل تعود على الْعدَد دلّ عَلَيْهِ خَمْسَة آلَاف الْألف وَثَلَاثَة آلَاف وَذَلِكَ عدد

قَوْله {ليقطع طرفا} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره ليقطع طرفا يضركم وَيجوز أَن تتَعَلَّق بيمدكم

قَوْله {أَو يكبتهم} الأَصْل فِيهِ عِنْد كثير من الْعلمَاء يكبدهم ثمَّ أبدل من الدَّال تَاء كَمَا قَالُوا هرت الثَّوْب وهرده إِذا خرقه فَهُوَ مَأْخُوذ من أصَاب الله كبده بشر أَو حزن أَو غيظ

قَوْله {أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم} هَذَا مَعْطُوف على ليقطع وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَقيل هُوَ نصب بإضمار أَن مَعْنَاهُ وَأَن يَتُوب أَو أَن يعذبهم

قَوْله {أضعافا} نصب على الْحَال أَو مصدر فِي مَوضِع الْحَال ومضاعفة نَعته

قَوْله {عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض نعت لجنة وَكَذَلِكَ أعدت لِلْمُتقين

قَوْله {تجْرِي من تحتهَا} تجْرِي فِي مَوضِع رفع نعت لجنات

قَوْله {خَالِدين} حَال من أُولَئِكَ

قَوْله {قرح} من ضمه أَرَادَ ألم الْجراح وَمن فَتحه أَرَادَ الْجرْح نَفسه وَقيل هما لُغَتَانِ بِمَعْنى الْجراح

قَوْله {نداولها} فِي مَوضِع نصب حَال من الْأَيَّاموَقَرَأَ مُجَاهِد {من قبل أَن تلقوهُ} بِضَم اللَّام من قبل جعلهَا غَايَة فَيكون مَوضِع أَن مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْمَوْت وَهُوَ بدل الاشتمال وَمن كسر لَام قبل فموضع أَن مَوضِع خفض بِإِضَافَة قبل إِلَيْهَا وَالْهَاء فِي تلقوهُ رَاجِعَة على الْمَوْت وَكَذَلِكَ الَّتِي فِي رَأَيْتُمُوهُ وَيَعْنِي بِالْمَوْتِ هُنَا لِقَاء الْعَدو لِأَنَّهُ من أَسبَاب الْمَوْت وَالْمَوْت بِنَفسِهِ لَا تعاين حَقِيقَته

قَوْله {وَيعلم} نصب بإضمار أَن

قَوْله {وَمَا كَانَ لنَفس أَن تَمُوت} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ إِلَّا بأذن الله الْخَبَر ولنفس تَبْيِين مقدم

قَوْله {كتابا مُؤَجّلا} مصدر

قَوْله {وكأين} هِيَ أَي دخلت عَلَيْهَا كَاف التَّشْبِيه فَصَارَ الْكَلَام بِمَعْنى كم وَثَبت فِي الْمَصَاحِف بعد الْيَاء نون لِأَنَّهَا كلمة نقلت عَن أَصْلهَا فالوقف عَلَيْهَا بالنُّون اتبَاعا للمصحف وَعَن أبي عمر وَأَنه وقف بِغَيْر نون على الأَصْل لِأَنَّهُ تَنْوِين فَأَما من أخر الْهمزَة وَجعله مثل فَاعل وَهُوَ ابْن كثير فَقيل أَنه فَاعل من الْكَوْن وَذَلِكَ بعيد لإتيان من بعده ولبنائه على السّكُون وَقيل هِيَ كَاف التَّشْبِيه دخلت على أَي وَكثر اسْتِعْمَالهَا بِمَعْنى كم فَصَارَت كلمة وَاحِدَة فقلبت الْيَاء قبل الْهمزَة فَصَارَت كيء فَخفف المشدد كَمَا خففوا مَيتا وهينا فَصَارَت كيء مثل فيعل فأبدلوا من الْيَاء الساكنة ألفا كَمَا أبدلوا فِي آيَة وَأَصلهَا أأيية فَصَارَت كأين وأصل النُّون التَّنْوِين فَالْقِيَاس حذفه فِي الْوَقْف وَلَكِن من وقف بالنُّون اعتل بِأَن الْكَلِمَة تَغَيَّرت وقلبت فَصَارَ التَّنْوِين حرفا من الأَصْل وَقَالَ بعض الْبَصرِيين الأَصْل فِي هَذِه الْقِرَاءَة وكأي ثمَّ قدمت إِحْدَى الياءين فِي مَوضِع الْهمزَة فتحركت بِالْفَتْح كَمَا كَانَت الْهمزَة فَصَارَت الْهمزَة سَاكِنة فِي مَوضِع الْيَاء الْمُتَقَدّمَة فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا قلبت ألفا وَالْألف سَاكِنة بعْدهَا همزَة سَاكِنة فَكسرت الْهمزَة لالتقاء الساكنين وَبقيت إِحْدَى الياءين متطرفة فأذهبها التَّنْوِين بعد زَوَال حركتها استثقالا كَمَا تحذف يَاء قَاض وغاز فَصَارَت كاء مثل جَاءَ فَاعل من جَاءَ وَحكي هَذَا القَوْل عَن الْخَلِيل

قَوْله {مَعَه ربيون} فِي مَوضِع خفض صفة لنَبِيّ إِذا أسندت الْقَتْل إِلَى النَّبِي وَجَعَلته صفة لَهُ وربيون على هَذَا مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ أَو بالظرف وَهُوَ أحسن لِأَن الظّرْف صفة لما قبله فَفِيهِ معنى الْفِعْل فيقوى الرّفْع بِهِ وَإِنَّمَا يضعف الرّفْع بالاستقرار إِذا لم يعْتَمد الظّرْف على شَيْء قبله كَقَوْلِك فِي الدَّار زيد فَإِن قلت مَرَرْت بِرَجُل فِي الدَّار أَبوهُ حسن رفع الْأَب بالاستقرار لاعتماد الظّرْف على مَا قبله فيتبين فِيهِ معنى الْفِعْل وَالْفِعْل أولى بِالْعَمَلِ من الِابْتِدَاء لِأَن الْفِعْل عَامل لَفْظِي والابتداء عَامل معنوي واللفظي أقوى من الْمَعْنَوِيّ فافهمه ليتبين لَك معنى الْآيَة وَالْهَاء فِي مَعَه تعود على نَبِي وَيجوز أَن تجْعَل مَعَه ربيون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من نَبِي أَو من الْمُضمر فِي قتل وَتَكون الْهَاء فِي مَعَه تعود على الْمُضمر فِي قتل وَمَعَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ تتَعَلَّق بِمَحْذُوف قَامَت مقَامه وَفِيه ذكر من الْمَحْذُوف كَأَنَّك قلت مُسْتَقر مَعَه ربيون فَإِن أسندت الْفِعْل إِلَى ربيون ارتفعوا بقتل وَصَارَ مَعَه مُتَعَلقا بقتل فَيصير قتل وَمَا بعده صفة لنَبِيّ وَفِي الْوَجْه الأول كَانَا صفتين لَهُ أَو قتل صفة وَمَعَهُ ربيون حَال من نَبِي أَو من الْمُضمر فِي قتل وَهُوَ أحسن فَأَما خبر كأين فَإنَّك إِذا أسندت قتل إِلَى نَبِي جعلت مَعَه ربيون الْخَبَر وان شِئْت جعلته صفة لنَبِيّ أَو حَالا من الْمُضمر فِي قتل أَو من نَبِي لِأَنَّك قد وَصفته على مَا ذَكرْنَاهُ وأضمرت الْخَبَر تَقْدِيره وكأين من نَبِي مضى أَو فِي الدُّنْيَا وَنَحْوه وَإِذا أسندت قتل إِلَى الربيين جعلت قتل مَعَه ربيون الْخَبَر وان شِئْت جعلته صفة لنَبِيّ وأضمرت الْخَبَر كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ تَقْدِير هَذِه الْآيَة على قِرَاءَة من قَرَأَ قَاتل الْأَمر وَاحِد فيهمَا وكأين بِمَعْنى كم وَلَيْسَ فِي الْكَاف معنى تَشْبِيه فِي هَذَا وَهُوَ أَصْلهَا لَكِنَّهَا تَغَيَّرت عَنهُ وَجعلت مَعَ أَي كلمة وَاحِدَة تدل على مَا تدل عَلَيْهِ كم فِي الْخَبَر فَهِيَ زَوَال معنى التَّشْبِيه عَنْهَا بِمَنْزِلَة قَوْلك لَهُ كَذَا وَكَذَا أصل الْكَاف التَّشْبِيه لَكِنَّهَا جعلت مَعَ ذَا كلمة وَاحِدَة فَزَالَ معنى التَّشْبِيه مِنْهَاوَأَجَازَ الْفراء {بل الله مولاكم} بِالنّصب على معنى بل أطِيعُوا الله

قَوْله {مَا لم ينزل} مَا مفعول بأشركوا

قَوْله {أَمَنَة نعاسا} مفعول بأنزل ونعاسا بدل من آمِنَة وَقيل آمِنَة مفعول من أَجله ونعاس مَنْصُوب بأنزل

قَوْله {وَطَائِفَة} ابْتِدَاء وَالْخَبَر قد أهمتهم وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَهَذِه الْوَاو قيل هِيَ وَاو الِابْتِدَاء وَقيل وَاو الْحَال وَقيل هِيَ بِمَعْنى إِذْ

قَوْله {يظنون} {وَيَقُولُونَ} كِلَاهُمَا فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لطائفة أَو فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي أهمتهم

قَوْله {كُله لله} من نَصبه جعله تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ وَللَّه خبر أَن وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ بدل من الْأَمر وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَللَّه خَبره وَالْجُمْلَة خبر أَن

قَوْله {وليبتلي الله مَا فِي صدوركم} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره وليبتلي الله مَا فِي صدوركم فرض عَلَيْكُم الْقِتَال وليمحص عطف على وليبتلي

قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} رَحْمَة مخفوضة بِالْبَاء وَمَا زَائِدَة للتوكيد وَقَالَ ابْن كيسَان مَا نكرَة فِي مَوضِع خفض بِالْبَاء وَرَحْمَة بدل من مَا أَو نعت لَهَا وَيجوز رفع رَحْمَة على أَن تجْعَل مَا بِمَعْنى الَّذِي وتضمر هُوَ فِي الصِّلَة وتحذفها كَمَا قرىء تَمامًا على الَّذِي أحسن وَالْهَاء فِي من بعده تعود على الله جلّ ذكره وَقيل تعود على الخذلان

قَوْله {أَن يغل} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ فَمن قَرَأَ أَن يغل بِفَتْح الْيَاء وَضم الْغَيْن فَمَعْنَاه مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يخون أحدا فِي مغنم وَلَا غَيره وَمن قَرَأَ بِضَم الْيَاء وَفتح الْغَيْن مَعْنَاهُ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يُوجد غالا كَمَا تَقول أحمدت الرجل وجدته مَحْمُودًا وأحمقته وجدته أَحمَق وَقيل مَعْنَاهُ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يخان أَو يخونه أَصْحَابه فِي مغنم وَلَا غَيره

قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} الَّذين فِي مَوضِع نصب على النَّعْت للَّذين نافقوا أَو على الْبَدَل أَو على إِضْمَار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ

قَوْله {فرحين} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يرْزقُونَ وَلَو كَانَ فِي الْكَلَام لجَاز فَرِحُونَ على النَّعْت لأحياء

قَوْله {أَلا خوف} أَن فِي مَوضِع خفض بدل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على معنى بِأَن لَا

قَوْله {الَّذين اسْتَجَابُوا} ابْتِدَاء وَخَبره من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع خفض بَدَلا من الْمُؤمنِينَ أَو من الَّذين لم يلْحقُوا بهم

قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} بدل من الَّذين اسْتَجَابُوا

قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم} أَن تقوم مقَام مفعولي حسب وَالَّذين فاعلون وَمَا فِي إِنَّمَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من نملي هَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْبَاء وَخير خبر أَن وان شِئْت جعلت مَا ونملي مصدرا فَلَا تضمر هَاء تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَن الْإِمْلَاء خير لَهُم فَأَما من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَكسر أَن من إِنَّمَا فَإِنَّمَا يجوز على أَن يعلق حسب وَيقدر الْقسم كَمَا تفعل بلام الِابْتِدَاء فِي قَوْلك لَا يَحسبن زيد لأخوه أفضل من عَمْرو كَأَنَّك قلت وَالله لأخوه أفضل من عَمْرو فَأَما من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَهُوَ حَمْزَة فانه جعل الَّذين مَفْعُولا أول لتحسبن وَالْفَاعِل هُوَ الْمُخَاطب وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَجعل إِنَّمَا وَمَا بعْدهَا بَدَلا من الَّذين فيسد مسد المفعولين كَمَا مضى فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي هَذِه الْقِرَاءَة وَالْهَاء محذوفة من نملي وَلَا يحسن أَن تجْعَل أَن مَفْعُولا ثَانِيًا لحسب لِأَن الثَّانِي فِي هَذَا الْبَاب هُوَ الأول فِي الْمَعْنى إِلَّا أَن تضمر محذوفا تَقْدِيره وَلَا تحسبن شَأْن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم فتجعل مَا ونملي مصدرا على هَذَا فَإِن لم تقدر محذوفا فجوازه على أَن تكون أَن بَدَلا من الَّذين ويسد مسد المفعولين وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وَفِي جَوَاز مَا وَالْفِعْل مصدر وان بدل من الَّذين نظر وَقد كَانَ فِي وَجه الْقِرَاءَة لمن قَرَأَ بِالتَّاءِ أَن يكسر إِنَّمَا فَتكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَلم يقْرَأ بِهِ أحد عَلمته وَقد قيل أَن من قَرَأَ بِالتَّاءِ فجوازه على التكرير تَقْدِيره لَا تحسبن الَّذين كفرُوا وَلَا تحسبن إِنَّمَا نملي لَهُم فَإِنَّمَا سدت مسد المفعولين لتحسب الثَّانِي وَهِي وَمَا عملت فِيهِ مفعول ثَان لتحسب الأول كَمَا أَنَّك لَو قلت الَّذين كفرُوا لَا تحسبن إِنَّمَا نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ لجَاز فَيدْخل تحسب الأول على الْمُبْتَدَأ

قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ} من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ جعل الَّذين فاعلين لحسب وَحذف الْمَفْعُول الأول لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ وَهُوَ فاصلة وَخيرا مفعول ثَان تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله الْبُخْل خيرا لَهُم فَدلَّ يَبْخلُونَ على الْبُخْل فَجَاز حذفه فَأَما من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَهُوَ حَمْزَة فَأَنَّهُ جعل الْمُخَاطب هُوَ الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذين مفعول أول على تَقْدِير حذف مُضَاف وَإِقَامَة الَّذين مقَامه وَهُوَ فاصلة وَخيرا مفعول ثَان تَقْدِيره وَلَا تحسبن يَا مُحَمَّد بخل الَّذين يَبْخلُونَ خيرا لَهُم وَلَا بُد من هَذَا الْإِضْمَار ليَكُون الْمَفْعُول الثَّانِي هُوَ الأول فِي الْمَعْنى وفيهَا نظر لجَوَاز مَا فِي الصِّلَة تَفْسِير مَا قبل الصِّلَة على أَن فِي هَذِه الْقِرَاءَة مزية على الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ لِأَنَّك حذفت الْمَفْعُول وأبقيت الْمُضَاف إِلَيْهِ يقوم مقَامه وحذفت الْمَفْعُول فِي قِرَاءَة الْيَاء وَلم يبْق مَا يقوم مقَامه وَفِي الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ أَيْضا مزية على الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ وَذَلِكَ أَنَّك حذفت الْبُخْل بعد تقدم يَبْخلُونَ وَفِي الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ حذفت الْبُخْل قبل إتْيَان يَبْخلُونَ وَجعلت مَا فِي صلَة الَّذين تَفْسِير مَا قبل الصِّلَة والقراءتان متوازيتان فِي الْقُوَّة والضعف

قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من الَّذين فِي قَوْله لقد سمع الله قَول الَّذين أَو فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار هم

قَوْله {أَلا نؤمن} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن لَا نؤمن وَأَن تكْتب مُنْفَصِلَة من لَا أَن أدغمتها فِي الْكَلَام بغنة فان أدغمتها بِغَيْر غنة كتبتها مُتَّصِلَة هَذَا قَول الملهم صَاحب الْأَخْفَش وَقَالَ غَيره بل تكْتب مُنْفَصِلَة على كل حَال وَقيل أَن قدرتها مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة كتبتها مُنْفَصِلَة لِأَن مَعهَا مضمرا يفصلها فِي النِّيَّة مِمَّا بعْدهَا وان قدرتها الناصبة للْفِعْل كتبتها مُتَّصِلَة إِذْ لَيْسَ بعْدهَا مُضْمر مُقَدّر

قَوْله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون} من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ جعل الْفِعْل غير مُتَعَدٍّ وَالَّذين يفرحون فاعلون وَمن قَرَأَ فَلَا يحسبنهم بِالْيَاءِ جعله بَدَلا من لَا يَحسبن الَّذين يفرحون على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَالْفَاء فِي فَلَا زَائِدَة فَلم تمنع من الْبَدَل وَلما تعدى فَلَا يحسبنهم إِلَى مفعولين اسْتغنى بذلك عَن تعدى وَلَا يَحسبن الَّذين يفرحون لِأَن الثَّانِي بدل مِنْهُ فَوجه الْقِرَاءَة لمن قَرَأَ لَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِالْيَاءِ أَن يقْرَأ فَلَا يحسبنهم بِالْيَاءِ ليَكُون بَدَلا من الأول فيستغني بتعديه عَن تعدى الأول فَأَما من قَرَأَ الأول بِالْيَاءِ وَالثَّانِي بِالتَّاءِ فَلَا يحسن فِيهِ الْبَدَل لاخْتِلَاف فاعليهما وَلكم يكون مَفْعُولا الأول حذفا لدلَالَة مفعولي الثَّانِي عَلَيْهِمَا فَأَما من قَرَأَ وَلَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِالْيَاءِ وهم الْكُوفِيُّونَ فَإِنَّهُم أضافوا الْفِعْل إِلَى الْمُخَاطب وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذين يفرحون مفعول أول لحسب وَحذف الثَّانِي لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ وَهُوَ بمفازة من الْعَذَاب وَقد قيل أَن بمفازة من الْعَذَاب هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الأول على تَقْدِير التَّقْدِيم فَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الثَّانِي محذوفا لدلَالَة الأول عَلَيْهِ تَقْدِيره لَا تحسبن يَا مُحَمَّد الَّذين يفرحون بِمَا أُوتُوا بمفازة من الْعَذَاب فَلَا تحسبنهم بمفازة من الْعَذَاب ثمَّ حذف الثَّانِي كَمَا تَقول ظَنَنْت زيدا ذَاهِبًا وظننت عمرا تُرِيدُ 2 ذَاهِبًا فتحذفه لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَيجوز أَن يكون تحسبنهم فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ بَدَلا من تحسبن الَّذين يفرحون فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ أَيْضا لِاتِّفَاق الفاعلين والمفعولين وَالْفَاء زَائِدَة لَا تمنع من الْبَدَل فَأَما من قَرَأَ الأول بِالتَّاءِ وَالثَّانِي بِالْيَاءِ فَلَا يحسن فِي الثَّانِي الْبَدَل لاخْتِلَاف فاعليهما وَلَكِن يكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الأول محذوفا لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ أَو يكون بمفازة من الْعَذَاب هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي لَهُ وَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الثَّانِي محذوفا كَمَا ذكرنَا أَولا

قَوْله {وَإِنَّمَا توفون أجوركم} مَا كَافَّة لإن عَن الْعَمَل وَلَا يحسن أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي لِأَنَّهُ يلْزم رفع أجوركم وَلم يقْرَأ بِهِ أحد لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير وَإِن الَّذِي توفونه أجوركم كَمَا تَقول أَن الَّذِي أكرمته عَمْرو وَأَيْضًا فَإنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء

قَوْله {الَّذين يذكرُونَ الله} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من أولي أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على هم الَّذين وَوَاحِد أولي ذِي الْمُضَاف فَإِن كَانَ مَنْصُوبًا نَحْو يَا أولي الْأَلْبَاب فواحدهم ذَا الْمُضَاف وَإِن كَانَ مَرْفُوعا نَحْو أولُوا بَقِيَّة فواحدهم ذُو الْمُضَاف وَقد ذكرنَا أَن وَاحِد أُولَئِكَ ذَا الْمُبْهم من قَوْلك هَذَا

قَوْله {قيَاما وقعودا} حالان من الْمُضمر فِي يذكرُونَ قَوْله وعَلى جنُوبهم حَال مِنْهُ أَيْضا فِي مَوضِع نصب فَكَأَنَّهُ قَالَ ومضطجعين قَوْله ويتفكرون عطف على يذكرُونَ دَاخل فِي صلَة الَّذين

قَوْله {بَاطِلا} مفعول من أَجله أَي للباطل

قَوْله {سُبْحَانَكَ} مَنْصُوب على الْمصدر فِي مَوضِع تسبيحا أَي نسبحك تسبيحا وَمَعْنَاهُ ننزهك تَنْزِيها من السوء ونبرئك مِنْهُ تبرئة

قَوْله {أَن آمنُوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْخَفْض أَي بِأَن آمنُوا

قَوْله {وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} أَي توفنا ابرارا مَعَ الْأَبْرَار كَمَا قَالَ ... كَأَنَّك من جمال بني أقيش ... يقعقع خلف رجلَيْهِ بشن ...أَي كَأَنَّك جمل من جمال بني أقيش وَوَاحِد الْأَبْرَار بار وَيجوز أَن يكون واحدهم برا وَأَصله برر مثل كتف

قَوْله {أَنِّي لَا أضيع عمل} أَن فِي مَوضِع نصب أَي بِأَنِّي وَقَرَأَ ابْن عمر إِنِّي بِالْكَسْرِ على تَقْدِير فَقَالَ إِنِّي لَا أضيع

قَوْله {ثَوابًا من عِنْد الله} نصب على الْمصدر عِنْد الْبَصرِيين فَهُوَ مصدر مُؤَكد وَقَالَ الْكسَائي هُوَ مَنْصُوب على الْقطع أَي على الْحَال وَقَالَ الْفراء هُوَ مَنْصُوب على التَّفْسِير

قَوْله {وَالله عِنْده حسن الثَّوَاب} الله مُبْتَدأ وَحسن ابْتِدَاء ثَان وَعِنْده خبر حسن وَحسن وَخَبره خبر عَن اسْم الله عز وَجل

قَوْله {فَالَّذِينَ هَاجرُوا} مُبْتَدأ وَخَبره لأكفرن

قَوْله {مَتَاع قَلِيل} رَفعه على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هُوَ مَتَاع أَو ذَلِك مَتَاع وَنَحْوه

قَوْله {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لجنات وان شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي لَهُم إِذْ هُوَ كالفعل الْمُتَأَخر بعد الْفَاعِل أَن رفعت جنَّات بالإبتداء فَإِن رفعتها بالإستقرار لم يكن فِي لَهُم ضمير مَرْفُوع إِذْ هُوَ كالفعل الْمُتَقَدّم على فَاعله فافهمه

قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْمُضمر المخفوض فِي لَهُم وَالْعَامِل فِي الْحَال الناصب لَهَا أبدا هُوَ الْعَامِل فِي صَاحب الْحَال لِأَنَّهَا هُوَ

قَوْله {نزلا} القَوْل فِيهِ وَالِاخْتِلَاف مثل ثَوابًا

قَوْله {خاشعين} حَال من الْمُضمر فِي يُؤمن أَو فِي إِلَيْهِم وَكَذَلِكَ لَا يشْتَرونَ مثل خاشعين