مشكل إعراب القرآن

45 - شرح مُشكل اعراب سُورَة الجاثية

قَوْله تَعَالَى {آيَات لقوم يوقنون} وآيات لقوم يعْقلُونَ من قَرَأَ آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَسْر التَّاء عطفه على لفظ اسْم إِن فِي

قَوْله {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض لآيَات} وتقدر حذف فِي من قَوْله تَعَالَى {وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار} أَي وَفِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار فتحذف فِي لتقدم ذكرهَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَفِي خَلقكُم} فَلَمَّا تقدّمت مرَّتَيْنِ حذفهَا مَعَ الثَّالِث لتقدم ذكرهَا فَبِهَذَا يَصح النصب فِي آيَات الْآخِرَة وَإِن لم تقدر هَذَا الْحَذف كنت قد عطفت على عاملين مُخْتَلفين وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين والعاملان هما إِن الناصبة فِي الخافضة فتعطف بِالْوَاو على عاملين مختلفي الاعراب ناصب وخافض فاذا قدرت حذف فِي لتقدم ذكرهَا لم يبْق إِلَّا أَن تعطف على عَامل وَاحِد وَذَلِكَ حسن وَقد جعله بعض الْكُوفِيّين من بَاب الْعَطف على عاملين وَلم يقدر حذف فِي وَذَلِكَ بعيد وعَلى تَقْدِير الْحَذف من مثل هَذِه الْآيَة أنْشد سِيبَوَيْهٍ .. أكل امرىء تحسبين امرا ... ونار توقد بِاللَّيْلِ نَارا ...فخفض ونار وَنصب نَارا الاخير عطفه على كل الْمَنْصُوب بتحسبين وعَلى امرىء المخفوض بِكُل فعطف على عاملين مُخْتَلفين فقدره سِيبَوَيْهٍ على حذف كل مَعَ نَار لتقدم ذكرهَا كَأَنَّهُ قَالَ وكل نَار ثمَّ حذف كلا لتقدم ذكرهَا فَيسلم بِهَذَا التَّقْدِير من الْعَطف على عاملين وَحذف حرف الْجَرّ اذا تقدم ذكره جَائِز وعَلى ذَلِك أجَاز سِيبَوَيْهٍ مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِلَّا صَالح فَصَالح يُرِيد الا بِصَالح ثمَّ حذف الْبَاء لتقدم ذكرهَا وَقد قيل إِن قَوْله وَاخْتِلَاف اللَّيْل مَعْطُوف على السَّمَوَات وآيات نصب على التكرير لما طَال الْكَلَام فِي الأولى لَكِن كررت فيهمَا لما طَال الْكَلَام كَمَا تَقول مَا زيد قَائِما وَلَا جَالِسا زيد فتنصب جَالِسا على أَن زيدا الْأَخير هُوَ الأول وَلَكِن أظهرته ثَانِيَة للتَّأْكِيد وَلَو كَانَ الْأَخير غير الأول لم يجز نصب جَالس لِأَن خبر مَالا يتَقَدَّم على اسْمهَا لِأَنَّهَا لَا تتصرف فَهِيَ بِخِلَاف لَيْسَ وَكَذَلِكَ آيَات الْأَخِيرَة هِيَ الأولى لَكِن أظهرت لما طَال الْكَلَام للتَّأْكِيد فَلَا يلْزم فِي ذَلِك عطف على عاملين على هَذَا التَّقْدِير فافهمه فَأَما من رفع آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ فانه عطف ذَلِك على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمَوْضِع ان وَمَا عملت فِيهِ رفع على الِابْتِدَاء لِأَنَّهَا لَا تدخل الا على مُبْتَدأ وَخَبره فَرفع وَعطف على الْموضع قبل دُخُول إِن ولابد من اضمار فِي والا يدْخلهُ أَيْضا الْعَطف على عاملين على الِابْتِدَاء والمخفوض وَقد منع البصريون زيد فِي الدَّار والحجرة عَمْرو بخفض الْحُجْرَة وَيجوز أَن يكون انما رفع على الْقطع والاستئناف فعطف جملَة على جملَة وَمذهب الْأَخْفَش أَن ترْتَفع الْآيَات بالاستقرار وَهُوَ الظّرْف فَلَا يدْخلهُ عطف على عاملين

قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين} هُوَ مجزوم مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى قل لَهُم اغفروا يغفروا وَقد مضى ذكر هَذَا بأشبع من هَذَا

قَوْله {ثمَّ يصر مستكبرا} هُوَ حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يصر وَكَذَلِكَ مَوضِع قَوْله كَأَن لم يسْمعهَا وَقَوله كَأَن فِي أُذُنَيْهِ وقرا كِلَاهُمَا حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يصر وَمن الْمُضمر فِي مستكبر تَقْدِيره ثمَّ يصر على الْكفْر بآيَات الله فِي حَال تكبره وَحَال تصامه وَإِن شِئْت قدرته ثمَّ يصر مستكبرا مشبها من لم يسْمعهَا مشبها من فِي أذنية وقر

قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} ان جعلت مَا معرفَة كَانَت فِي مَوضِع رفع بساء فَاعل وان جَعلتهَا نكرَة كَانَت فِي مَوضِع نصب على الْبَيَان

قَوْله {فَمن يهديه} من اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا

قَوْله {سَوَاء محياهم ومماتهم} سَوَاء خبر لما بعده ومحياهم مُبْتَدأ أَي محياهم ومماتهم سَوَاء أَي مستو فِي الْبعد من رَحْمَة الله والضميران فِي محياهم ومماتهم للْكفَّار فَلَا يحسن أَن تكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الَّذين آمنُوا اذلا عَائِد يعود عَلَيْهِم من حَالهم وَيبعد عِنْد سِيبَوَيْهٍ رفع محياهم بِسَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ باسم فَاعل وَلَا يشبه باسم الْفَاعِل انما هُوَ مصدر فَأَما من نصب سَوَاء فانه جعله حَالا من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَجْعَلهُ وَيرْفَع محياهم ومماتهم بِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنى مستو وَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل الْكَاف فِي كَالَّذِين وَيكون الضميران فِي محياهم ومماتهم يعودان على الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ وفيهَا نظر

قَوْله {مَا كَانَ حجتهم إِلَّا أَن قَالُوا} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وحجتهم الْخَبَر وَيجوز رفع حجتهم وَتجْعَل أَن فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ

قَوْله {وَخلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ} بِالْحَقِّ فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَلَيْسَت الْبَاء للتعدية

قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يخسر المبطلون} يَوْم الأول مَنْصُوب بيخسر ويومئذ تَكْرِير للتَّأْكِيد

قَوْله {ينْطق عَلَيْكُم} فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب أَو من ذَا وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لذا وَيجوز أَن يكون كتَابنَا بَدَلا من هَذَا وينطق الْخَبَر

قَوْله {والساعة لَا ريب فِيهَا} السَّاعَة رفع على الِابْتِدَاء أَو على الْعَطف على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمن نصب السَّاعَة عطفها على وعد

قَوْله {إِن نظن إِلَّا ظنا} تَقْدِيره عِنْد الْمبرد ان نَحن الا نظن ظنا وَقيل الْمَعْنى إِن نظن إِلَّا أَنكُمْ تظنون ظنا وانما احْتِيجَ الى هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْمصدر فَائِدَته كفائدة الْفِعْل فَلَو جرى الْكَلَام على غير حذف لصار تَقْدِيره إِن نظن إِلَّا نظن وَهَذَا كَلَام نَاقص وَلم يجز النحويون مَا ضربت إِلَّا ضربا لِأَن مَعْنَاهُ مَا ضربت إِلَّا ضربت وَهَذَا كَلَام لَا فَائِدَة فِيهِ