مشكل إعراب القرآن

29 - شرح مُشكل اعراب سُورَة العنكبوت

قَوْله تَعَالَى {أَن يتْركُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب

قَوْله {أَن يَقُولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض أَي بِأَن يَقُولُوا أولأن يَقُولُوا وَقيل هِيَ بدل من الأول

قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} مَا فِي مَوضِع نصب وَهِي نكرَة أَي سَاءَ شَيْئا يحكمونه وَقيل مَا فِي مَوضِع رفع وَهِي معرفَة تَقْدِيره سَاءَ الشَّيْء الَّذِي يحكمونه وَقَالَ ابْن كيسَان مَا مَعَ الْفِعْل مصدر فِي مَوضِع رفع تَقْدِيره سَاءَ حكمهم

قَوْله {بِوَالِديهِ حسنا} أَي وصيناه بِوَالِديهِ ذَا حسن ثمَّ أَقَامَ الصّفة مقَام الْمَوْصُوف وَهُوَ الْأَمر ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ ذَا وَأقَام الْمُضَاف اليه مقَامه وَهُوَ حسن

قَوْله {ولنحمل خطاياكم} لَفظه الْأَمر وَمَعْنَاهُ الشَّرْط وَالْجَزَاء 2

قَوْله {ألف سنة} ألف نصب على الظّرْف وَخمسين نصب على الِاسْتِثْنَاء وانما انتصب الِاسْتِثْنَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ كالمفعول اذ هُوَ مُسْتَغْنى عَنهُ كالمفعول فَأتى بعد تَمام الْكَلَام فانتصب كالمفعول ونصبه عِنْد الْفراء بَان وأصل عِنْده إِن لَا فاذا نصب نصب بَان واذا رفع رفع بِلَا ونصبه عِنْد الْمبرد على أَنه مفعول بِهِ والا عِنْده قَامَت مقَام الْفِعْل الناصب للاسم فَهِيَ تقوم مقَام أستثنى فلَانا وَلَا يسْتَثْنى من الْعدَد إِلَّا أقل من النّصْف عِنْد أَكثر النَّحْوِيين

قَوْله {وَإِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ} نصب ابراهيم على الْعَطف على الْهَاء فِي فأنجيناه وَقيل هُوَ مَعْطُوف على نوح فِي قَوْله {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا} أَي وَأَرْسَلْنَا ابراهيم وَقيل هُوَ مَنْصُوب باضمار فعل أَي وَاذْكُر ابراهيم

قَوْله {وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء} أَي وَلَا من فِي السَّمَاء بمعجز فَيكون فِي السَّمَاء نعتا لمن المحذوفة فِي مَوضِع رفع ثمَّ يقوم النَّعْت مقَام المنعوت وَفِيه بعد لِأَن نعت النكرَة كالصلة لَهَا وَلَا يحسن حذف الْمَوْصُول وَقيام الصِّلَة مقَامه والحذف فِي الصّفة أحسن مِنْهُ فِي الصِّلَة

قَوْله وَقَالَ إِنَّمَا اخذتم من دون الله أوثانا مَوَدَّة بَيْنكُم مَا بِمَعْنى الَّذِي وَهِي اسْم إِن وَالْهَاء مضمره تعود على مَا تَقْدِيره إِن الَّذين اتخذتموهم وأوثانا مفعول ثَان لاتخذتم وَالْهَاء المحذوفة هِيَ الْمَفْعُول الأول لاتخذتم ومودة خبر إِن وَقيل هِيَ رفع باضمار هِيَ مَوَدَّة وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَفِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبران وَبَيْنكُم خفض باضافة مَوَدَّة اليه وَجَاز ان تجْعَل الَّذِي اتخذوه من دون الله مَوَدَّة على الاتساع وَتَصْحِيح ذَلِك أَن يكون التَّقْدِير ان الَّذين اتخذتموهم من دون الله أوثانا ذَوُو مَوَدَّة بَيْنكُم وَقد قرىء بِنصب مَوَدَّة وَذَلِكَ على أَن تكون مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل فَلَا ضمير مَحْذُوف فِي اتخذتم فَيكون أوثانا مَفْعُولا لاتخذتم لِأَنَّهُ تعدى الى مفعول وَاحِد وَاقْتصر عَلَيْهِ كَمَا قَالَ {إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم} وَتَكون مَوَدَّة مَفْعُولا من أَجله أَي انما اتخذتم الْأَوْثَان من دون الله للمودة فِيمَا بَيْنكُم لالأن عِنْد الْأَوْثَان نفعا أَو ضرا وَمن نون مَوَدَّة نصب أَو رفع جعل بَيْنكُم ظرفا فنصبه وَهُوَ الأصلا والاضافة اتساع فِي الْكَلَام وَالْعَامِل فِي الظّرْف الْمَوَدَّة وَيجوز ان تنصب بَيْنكُم فِي قِرَاءَة من نون مَوَدَّة على الصّفة للمصدر لِأَنَّهُ نكرَة والنكرات تُوصَف بالظروف والجمل وَالْأَفْعَال فاذا نصبت بَيْنكُم عل الظّرْف جَازَ ان يكون

قَوْله {فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ظرفا للمودة أَيْضا وَكِلَاهُمَا مُتَعَلق بالعامل وَهُوَ مَوَدَّة لِأَنَّهُمَا ظرفا مَكَان أَو ظرفا زمَان وَلَا ضمير فِي وَاحِد من هذَيْن الظرفين اذا لم يقم وَاحِد مِنْهُمَا مقَام مَحْذُوف مُقَدّر وَإِذا جعلت قَوْله بَيْنكُم صفة لمودة كَانَ مُتَعَلقا بِمَحْذُوف وَفِيه ضمير كَانَ فِي الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ صفة على الْحَقِيقَة فَيكون فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي مَوضِع الْحَال من ذَلِك الضَّمِير فِي بَيْنكُم وَالْعَامِل فِيهِ الظّرْف وَهُوَ بَيْنكُم وَفِي الظّرْف وَهُوَ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ضمير يعود على ذِي الْحَال وَالصّفة لابد أَن يكون فِيهَا عَائِد على الْمَوْصُوف فاذا قَامَ مقَام الصّفة ظرف صَار ذَلِك الضَّمِير فِي الظّرْف كَمَا يكون فِي الظّرْف اذا كَانَ خَبرا لمبتدأ أَو حَالا وَقد تقدم شَرحه ولايجوز أَن يعْمل فِي قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُوَ حَال من الْمُضمر فِي بَيْنكُم مَوَدَّة لِأَنَّك قد وصفت الْمصدر بقوله بَيْنكُم وَلَا يعْمل بعد الصّفة لِأَن الْمَعْمُول فِيهِ دَاخل فِي الصِّلَة وَالصّفة غير دَاخِلَة فِي الصِّلَة فَتكون قد فرقت بَين الصِّلَة والموصول فَلَا يعْمل فِيهِ اذا كَانَ حَالا من الْمُضمر فِي بَيْنكُم إِلَّا بَيْنكُم وَفِيه ضمير يعود على الْمُضمر فِي بَيْنكُم وَهُوَ هُوَ لِأَن كل حَال لَا بُد أَن يكون فِيهِ ضمير يعود على ذِي الْحَال كالصفة وَأَيْضًا فان قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِذا جعلته حَالا من الْمُضمر فِي بَيْنكُم والمضمر فِي بَيْنكُم انما ارْتَفع بالظرف وَجب أَن يكون الْعَامِل فِي الْحَال الظّرْف أَيْضا لِأَن الْعَامِل فِي ذِي الْحَال هُوَ الْعَامِل فِي الْحَال أبدا لِأَنَّهَا هُوَ فِي الْمَعْنى فَلَا يخْتَلف الْعَامِل فيهمَا لِأَنَّهُ لَو اخْتلف لَكَانَ قد عمل عاملان فِي شَيْء وَاحِد اذ الْحَال هِيَ صَاحب الْحَال فَلَا يخْتَلف الْعَامِل فيهمَا وَيجوز أَن يكون فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا صفة لمودة وَبَيْنكُم صفة أَيْضا فَلَا بُد أَن يكون فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا ضمير يعود على الْمَوَدَّة وَالْعَامِل فِيهَا الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ صفة على الْحَقِيقَة وَفِيه كَانَ الضَّمِير فَلَمَّا قَامَ الظّرْف مقَامه انْتقل الضَّمِير الى الظّرْف كَمَا ينْتَقل الى الظروف إِذا كَانَت اخبارا للمبتدأ وَتَقْدِير الْمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا اتخذتم من دون الله أوثانا مَوَدَّة مُسْتَقِرَّة بَيْنكُم ثَابِتَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ حذفت مُسْتَقِرَّة وفيهَا ضمير وثابتة وفيهَا ضمير يعودان على الْمَوَدَّة وَقَامَ بَيْنكُم مقَام مُسْتَقِرَّة الَّتِي هِيَ صفة فَصَارَ الضَّمِير الَّذِي كَانَ فِيهَا يعود على الْمَوْصُوف فِي بَيْنكُم وَصَارَت صفة للمودة لِأَنَّهَا خلف عَن الصّفة وَكَذَلِكَ حذفت ثَابِتَة وفيهَا ضمير وأقمت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مقَامهَا فَصَارَ الضَّمِير فِي قَوْلك فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَذَلِك الْمَحْذُوف هُوَ الْعَامِل فِي الظرفين وَقَامَ مقَام المحذوفين الصفتين فصارا صفتين فيهمَا ضميران يعودان على الْمَوْصُوف وعَلى هَذَا يُقَاس كل مَا شابهه فَافْهَم هَذِه المسالة فقد كشفت لَك فِيهَا سرائر النَّحْو وغرائبه

قَوْله {وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين} حرف الْجَرّ فِي قَوْله فِي الْآخِرَة مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره وانه صَالح فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين وَقيل هُوَ تَبْيِين تقدم وَقيل هُوَ مُتَعَلق بالصالحين وَالْألف وَاللَّام للتعريف وليستا بِمَعْنى الَّذين

قَوْله {ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} هُوَ عطف على الْهَاء فِي أنجيناه وَقيل عطف رد على نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا} وَقيل هُوَ نصب على تَقْدِير وَاذْكُر لوطا وَالْعَامِل فِي اذا هُوَ الْعَامِل فِي لوط

قَوْله {وعادا وَثَمُود} عطف على الَّذين فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم} وعادا وثمودا وَقيل هُوَ عطف على الْهَاء وَالْمِيم فِي

قَوْله {فَأَخَذتهم الرجفة} وَهُوَ أقرب من الأول وَقيل التَّقْدِير وأهلكنا عادا وثمودا

وَقَوله {وَقَارُون وَفرْعَوْن وهامان} عطف على عَاد فِي جَمِيع وجوهه وَهِي اسماء أَعْجَمِيَّة معرفَة فَلذَلِك لم تصرف وَقيل انهم عطف على الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله تَعَالَى {فصدهم عَن السَّبِيل} أَي فصد قَارون وَفرْعَوْن وهامان

قَوْله {كَمثل العنكبوت} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مثل الَّذين اتَّخذُوا} وَقيل هُوَ فِي مَوضِع نصب على الظّرْف وَجمع العنكبوت عناكيب وعناكب وعكاب وعكب وأعكب

قَوْله {إِلَّا الَّذين ظلمُوا} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من أهل أَو على الِاسْتِثْنَاء

قَوْله {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل يَكفهمْ

قَوْله {لنبوئنهم من الْجنَّة غرفا} من قَرَأَهُ لنثوينهم بالثاء فَهُوَ من الثوى فغرف مَنْصُوبَة على حذف حرف الجرلأنه لايتعدى الى مفعولين ولايحسن أَن تنصب الغرف على الظّرْف لِأَنَّهُ مَخْصُوص وَلَا يتَعَدَّى الْفِعْل الى الْمَخْصُوص من ظرف الْمَكَان إِلَّا بِحرف لَا تَقول جَلَست دَارا فالتقدير لنثوينهم فِي غرف فَلَمَّا حذف الْحَرْف نصب وَمن قَرَأَهُ بِالْبَاء جعل غرفا مَفْعُولا ثَانِيًا لِأَنَّهُ يتَعَدَّى الى مفعولين تَقول بوأت زيدا منزلافَأَما

قَوْله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت} فَاللَّام زَائِدَة كزيادتها فِي ردف لكم انما هُوَ ردفكم وبوأنا ابراهيم

قَوْله {وليتمتعوا} من كسر اللَّام جعلهَا لَام كي وَيجوز أَن تكون لَام أَمر وَمن أسكنها فَهِيَ لَام أَمر لَا غير وَلَا يجوز أَن تكون مَعَ الاسكان لَام كي لِأَن لَام كي حذفت بعْدهَا أَن فَلَا يجوز حركتها أَيْضا لضعف عوامل الْأَفْعَال