مشكل إعراب القرآن

22 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَج

قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس} أَي نِدَاء مُفْرد وَهَا للتّنْبِيه وَلَا يجوز فِي النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ الا الرّفْع وَهُوَ نعت لمفرد لِأَنَّهُ لَا بُد مِنْهُ وَهُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَأَجَازَ الْمَازِني النصب فِيهِ على مَوضِع أَي لِأَن المنادى مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى وانما ضم لِأَنَّهُ مَبْنِيّ وانما بني لوُقُوعه موقع الْمُخَاطب والمخاطب لَا يكون اسْما ظَاهرا انما يكون مضمرا كافا أَو تَاء وَالدَّلِيل على أَن المنادى مُخَاطب أَنَّك لَو قلت وَالله لَا خاطبت زيدا ثمَّ قلت يَا زيد لحنثت لِأَنَّهُ خطاب فَلَمَّا وَقع موقع الْمُضمر بني كَمَا أَن الْمُضمر مَبْنِيّ أبدا لكنه فِي أَصله مُتَمَكن فِي الاعراب فَبنِي على حَرَكَة واختبر لَهُ الضَّم لقُوته وَقيل لشبهه بقبل وَبعد وَفِي عِلّة ضمه أَقْوَال غير هَذِه يطول ذكرهَا

قَوْله {كتب عَلَيْهِ أَنه من تولاه} أَن فِي مَوضِع رفع بكتب

وَقَوله {فَأَنَّهُ يضله} ذكر الزّجاج أَن أَن الثَّانِيَة عطف على الأولى فِي مَوضِع رفع ثمَّ قَالَ وَالْفَاء الأجود فِيهَا أَن تكون فِي مَوضِع الْجَزَاء ثمَّ رَجَعَ فنقض ذَلِك وَقَالَ وَحَقِيقَة أَن الثَّانِيَة انها مكررة على جِهَة التَّأْكِيد لِأَن الْمَعْنى كتب على الشَّيْطَان أَنه من تولاه أضلّهُ وَقد أَخذ عَلَيْهِ اجازته ذَلِك أَن تكون الْفَاء عاطفة لِأَن {من تولاه} شَرط وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط وَلَا يجوز الْعَطف على أَن الأولى الا بعد تَمامهَا لِأَن مَا بعْدهَا من صلتها فاذا لم تتمّ بصلتها لم يجز الْعَطف عَلَيْهَا إِذْ لَا يعْطف على الْمَوْصُول إِلَّا بعد تَمَامه وَالشّرط وَجَوَابه فِي هَذِه الْآيَة هما خبر أَن الأولى وَأخذ عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله أَن الثَّانِيَة مكررة للتَّأْكِيد وَقيل كَيفَ تكون للتَّأْكِيد والمؤكد لم يتم وانما يصلح التَّأْكِيد بعد تَمام الْمُؤَكّد وَتَمام أَن الأولى عِنْد

قَوْله {السعير} وَالصَّوَاب فِي أَن الثَّانِيَة أَن تكون فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره كتب على الشَّيْطَان أَنه من تولاه فَشَأْنه أَنه يضله أَو فأمرة أَنه يضله أَي فَشَأْنه الاضلال وَيجوز أَن تكون أَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع بالاستقرار إِن تضمر لَهُ تَقْدِيره كتب عَلَيْهِ أَنه من تولاه فَلهُ أَنه يضله أَي فَلهُ اضلاله وهدايته الى عَذَاب السعير

قَوْله {ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق} ذَا فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك وَأَجَازَ الزّجاج أَن يكون ذَا فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى فعل الله ذَلِك بِأَنَّهُ الْحق

قَوْله {ثَانِي عطفه} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يُجَادِل وَهُوَ رَاجع على من فِي قَوْله من يُجَادِل وَمَعْنَاهُ يُجَادِل فِي ايات الله بِغَيْر علم معرضًا عَن الذّكر

قَوْله {ذَلِك بِمَا قدمت} ذَلِك مُبْتَدأ وَبِمَا قدمت الْخَبَر

قَوْله {وَأَن الله} أَن فِي مَوضِع خفض عطف على بِمَا وَقيل أَن فِي مَوضِع رفع على معنى وَالْأَمر أَن الله وَالْكَسْر على الِاسْتِئْنَاف حسن

قَوْله {يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه} قَالَ الْكسَائي اللَّام فِي غير موضعهَا وَمن فِي مَوضِع نصب بيدعو وَالتَّقْدِير يَدْعُو من لضره أقرب من نَفعه أَي يَدْعُو إِلَهًا لضره أقرب من نَفعه وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَلَام حذف مفعول وَاللَّام فِي موضعهَا وَمن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وضره مُبْتَدأ وَأقرب خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من و {لبئس الْمولى} خبر من تَقْدِيره يَدْعُو إِلَهًا لمن ضره أقرب من نَفعه لبئس الْمولى وَقَالَ الْأَخْفَش يَدْعُو بِمَعْنى يَقُول وَمن مُبْتَدأ وضره مُبْتَدأ ثَان وَأقرب خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من وَخبر من مَحْذُوف تَقْدِيره يَقُول لمن ضره أقرب من نَفعه الهه وَقد شرحنا هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كتاب مُفْرد لِأَن فِيهَا نظر واعترضات على هَذِه الْأَقْوَال وفيهَا أَقْوَال أخر غير هَذِه وَهِي مشكلة يَتَّسِع فِيهَا القَوْل وَلذَلِك كثر الِاخْتِلَاف فِيهَا

قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} خبر إِن

قَوْله {إِن الله يفصل} وَأَجَازَ البصريون إِن زيدا انه منطلق كَمَا يجوز إِن زيدا هُوَ منطلق وَمنعه الْفراء وَأَجَازَهُ فِي الايه لِأَن فِيهَا معنى الْجَزَاء فَحمل الْخَبَر على الْمَعْنى

قَوْله {وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب} ارْتَفع كثير على الْعَطف على من فِي

قَوْله {يسْجد لَهُ من} وَجَاز ذَلِك لِأَن السُّجُود هُوَ التذلل والانقياد فالكفار الَّذين حق عَلَيْهِم الْعَذَاب أذلاء تَحت قدر الله وتدبيره فهم منقادون لما سبق فيهم من علم الله لَا يخرجُون عَمَّا سبق فِي علم الله فيهم وَقيل ارْتَفع كثير بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَيجوز النصب كَمَا قَالَ {والظالمين أعد لَهُم عذَابا أَلِيمًا} باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ واهان كثيرا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب أَو وَخلق كثيرا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْمَعْنى وَإِنَّمَا اختير فِيهِ الرّفْع عِنْد الْكسَائي لِأَنَّهُ مَحْمُول على معنى الْفِعْل لِأَن مَعْنَاهُ وَكثير أَبى السُّجُود

قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} مَا فِي مَوضِع رفع بيصهر و {والجلود} عطف على {مَا} وَالْمعْنَى يذاب بِهِ مَا فِي بطونهم وتذاب بِهِ جُلُودهمْ وَالْهَاء فِي {بِهِ} تعود على {الْحَمِيم}

قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ويصدون} انما عطف {ويصدون} وَهُوَ مُسْتَقْبل على {كفرُوا} وَهُوَ مَاض لِأَن يصدون فِي مَوضِع الْحَال والماضي يكون حَالا مَعَ قد وَقيل هُوَ عطف على الْمَعْنى لِأَن تَقْدِيره ان الْكَافرين والصادين وَقيل الْوَاو زَائِدَة ويصدون خبر ان وَقيل خبر ان مَحْذُوف تَقْدِيره ان الَّذين كفرُوا وفعلوا كَذَا وَكَذَا خسروا وهلكوا وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام

قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} ارْتَفع سَوَاء على أَنه خبر ابْتِدَاء مقدم تَقْدِيره العاكف والبادي فِيهِ سَوَاء وَفِي هَذِه الْقِرَاءَة دَلِيل على أَن الْحرم لَا يملك لِأَن الله تَعَالَى قد سوى فِيهِ بَين الْمُقِيم وَغَيره وَقيل ان {سَوَاء} رفع بِالِابْتِدَاءِ و {العاكف} رفع بِفِعْلِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَفِيه بعد لِأَنَّك لَا بُد أَن تجْعَل سَوَاء بِمَعْنى مستو وَلذَلِك يعْمل وَلَا يحسن أَن يعْمل مستو حَتَّى يعْتَمد على شَيْء قبله فان جعلت سَوَاء وَمَا بعده فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعلنا حسن أَن يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَيكون يمعنى مستو فَترفع العاكف بِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَقَرَأَ حَفْص عَن عَاصِم بِالنّصب جعله مصدرا عمل فِيهِ معنى جعلنَا كَأَنَّهُ قَالَ سويناه للنَّاس سَوَاء وَيرْفَع العاكف بِهِ أَي مستويا فِيهِ العاكف والمصدر يَأْتِي بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل فَسَوَاء وَإِن كَانَ مصدرا فَهُوَ بِمَعْنى مستو كَمَا قَالَ رجل عدل بِمَعْنى عَادل وعَلى ذَلِك أجَاز سِيبَوَيْهٍ وَغَيره مَرَرْت بِرَجُل سَوَاء درهمه وبرجل سَوَاء هُوَ والعدم أَي مستو وَيجوز نصب سَوَاء على الْحَال من الْمُضمر الْمُقدر مَعَ حرف الْجَرّ فِي

قَوْله {للنَّاس} والظرف عَامل فِيهِ أَو من الْهَاء فِي {جَعَلْنَاهُ} وَجَعَلنَا عَامل فِيهِ وَيجوز نَصبه على أَنه مفعول ثَان لجعلنا وتخفض {العاكف} على النَّعْت للنَّاس أَو على الْبَدَل وَقد قرىء بخفض العاكف على الْبَدَل من النَّاس وَقيل على النَّعْت لِأَن النَّاس جنس من أَجنَاس الْخَلَائق جَعَلْنَاهُ سَوَاء للعاكف فِيهِ والبادى

قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} الْبَاء فِي {بإلحاد} زَائِدَة وَالْبَاء فِي {بظُلْم} مُتَعَلقَة بيرد

قَوْله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم} انما دخلت اللَّام فِي ابراهيم على أَن بوأت مَحْمُول على معنى جعلت وأصل بوأ أَن لَا يتَعَدَّى بِحرف وَقيل اللَّام زَائِدَة وَقيل هِيَ مُتَعَلقَة بمصدر مَحْذُوف

قَوْله {أَن لَا تشرك} أَي بِأَن لَا فَهِيَ فِي مَوضِع نصب وَقيل هِيَ زَائِدَة للتوكيد وَقيل هِيَ بِمَعْنى أَي للتفسير

قَوْله {وعَلى كل ضامر يَأْتِين} انما قيل يَأْتِين لِأَن ضامرا بِمَعْنى الْجمع ودلت كل على الْعُمُوم فَأتى الْخَبَر على الْمَعْنى بِلَفْظ الْجمع وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود يأْتونَ رده على النَّاس

قَوْله {من الْأَوْثَان} من لابانة الْجِنْس وَجعلهَا الْأَخْفَش للتَّبْعِيض على معنى فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي هُوَ بعض الْأَوْثَان وَمن جعل من لابانة الْجِنْس فَمَعْنَاه فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي الْأَوْثَان مِنْهُ فَهُوَ أَعم فِي النَّهْي وَأولى

قَوْله {حنفَاء لله} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي {اجتنبوا} وَكَذَلِكَ {غير مُشْرِكين}

قَوْله {فتخطفه الطير} من قَرَأَ بشديد الطَّاء فأصله عِنْده فتتخطفه على تتفعل ثمَّ حذف احدى التَّاءَيْنِ اسْتِخْفَافًا لِاتِّفَاق حركتهما وَمن خففه بناه على خطف يخطف كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا من خطف الْخَطفَة} وفيهَا قراءات شاذه ومشهورة يطول شرحها

قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم} ذَا فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ مَعْنَاهُ الْأَمر ذَلِك أَو على الِابْتِدَاء على معنى ذَلِك الْأَمر وَقيل مَوضِع ذَا نصب على معنى اتبعُوا ذَلِك من أَمر الله

قَوْله {وَالْبدن} جمع بدن مثل وثن ووثن يُقَال للواحدة بدن وَقيل هُوَ جمع بدنه مثل خَشَبَة وخشب وَيجوز ضم الثَّانِي على هذاالقول وَبِه قَرَأَ ابْن أبي اسحاق والاسكان أحسن لِأَنَّهُ فِي الأَصْل نعت إِذْ هُوَ مُشْتَقّ من البدانة وَلَيْسَ مثل خَشَبَة وخشب لِأَن هَذَا اسْم فالضم فِيهِ أحسن

قَوْله {صواف} نصب على الْحَال لَكِن لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ فواعل فَهُوَ جمع وَهُوَ لَا نَظِير لَهُ فِي الْوَاحِد فَمنع من الصّرْف لهاتين العلتين وَمَعْنَاهُ مصطفة وَقد قَرَأَهُ الْحسن وَغَيره صوافي بياء مَفْتُوحَة ونصبه على الْحَال وَمَعْنَاهُ خَالِصَة لله من الشّرك فَهُوَ مُشْتَقّ من الصفاء وقرأه قَتَادَة صَوَافِن بالنُّون وَمعنى الصافنة الَّتِي جمعت رِجْلَيْهَا وَرفعت سنابكها وَقيل هِيَ المعقولة بالحبال للنحر والصافن عرق فِي مقدم رجل الْفرس إِذا ضرب عَلَيْهِ رفع رجله

وَقَوله {إِلَّا أَن يَقُولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهَا بِمَعْنى الا بِأَن يَقُولُوا

قَوْله {الَّذين إِن مكناهم} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من من فِي

قَوْله {ولينصرن الله من ينصره} وهم أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم

قَوْله {وبئر معطلة} هُوَ عطف على قَرْيَة وَقيل هُوَ عطف على العروش

قَوْله {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة} هَذَا الْكَلَام عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل خبر وَلَيْسَت الْفَاء بِجَوَاب ل

قَوْله {ألم تَرَ} وَالْمعْنَى عِنْدهمَا انتبه يَا ابْن آدم أنزل الله من السَّمَاء مَاء فَحدث مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فَلذَلِك أَتَى {فَتُصْبِح} مَرْفُوعا وَقَالَ الْفراء هُوَ خبر وَمَعْنَاهُ أعلم أَن الله ينزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة

قَوْله {مِلَّة أبيكم} مله نصب على اضمار اتبعُوا مِلَّة أبيكم وَقَالَ الْفراء هُوَ مَنْصُوب على حذف حرف الْجَرّ وَتَقْدِيره كملة أبيكم فَلَمَّا حذف حرف الْجَرّ نصب وَتَقْدِيره عِنْده وسع عَلَيْكُم فِي الدّين كملة أبيكم لِأَن {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} يدل على وسع عَلَيْكُم وَهُوَ قَول بعيد

قَوْله {أَن تقع على الأَرْض} أَن فِي وضع نصب على معنى كَرَاهَة أَن تقع وَلِئَلَّا تقع ومخافة أَن تقع

قَوْله {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} هُوَ لله جلّ ذكره عِنْد أَكثر الْمُفَسّرين وَقَالَ الْحسن هُوَ لابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام

وَقَوله {وَفِي هَذَا} أَي وسماكم الْمُسلمين فِي هذاالقران وَالضَّمِير فِي سَمَّاكُم يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَيْضا