نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأعراف آية 16
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ

التفسير الميسر قال إبليس لعنه الله: فبسبب ما أضللتني لأجتهدنَّ في إغواء بني آدم عن طريقك القويم، ولأصدَّنَّهم عن الإسلام الذي فطرتهم عليه.

تفسير الجلالين
16 - (قال فبما أغويتني) أي بإغوائك لي ، والباء للقسم وجوابه (لأقعدن لهم) أي لبني آدم (صراطك المستقيم) أي على الطريق الموصل إليك

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: {قال فبما أغويتني} الإغواء إيقاع الغي في القلب؛ أي فبما أوقعت في قلبي من الغي والعناد والاستكبار.
وهذا لأن كفر إبليس ليس كفر جهل؛ بل هو كفر عناد واستكبار.
قيل : معنى الكلام القسم، أي فبإغوائك إياي لأقعدن لهم على صراطك، أو في صراطك؛ فحذف.
دليل على هذا القول قوله في (ص) {فبعزتك لأغوينهم أجمعين} [ص : 82] فكأن إبليس أعظم قدر إغواء الله إياه لما فيه من التسليط على العباد، فأقسم به إعظاما لقدره عنده.
وقيل : الباء بمعنى اللام، كأنه قال : فلإغوائك إياي.
وقيل : هي بمعنى مع، والمعنى فمع إغوائك إياي.
وقيل : هو استفهام، كأنه سأل بأي شيء أغواه؟.
وكان ينبغي على هذا أن يكون : فبم أغويتني؟.
وقيل : المعنى فبما أهلكتني بلعنك إياي.
والإغواء الإهلاك، قال الله تعالى {فسوف يلقون غيا} [مريم : 59] أي هلاكا.
وقيل : فبما أضللتني.
والإغواء : الإضلال والإبعاد؛ قال ابن عباس.
وقيل : خيبتني من رحمتك؛ ومنه قول الشاعر : ومن يغو لا يعدم على الغي لائما أي من يخب.
وقال ابن الأعرابي : يقال غوى الرجل يغوي غيا إذا فسد عليه أمره، أو فسد هو في نفسه.
وهو أحد معاني قوله تعالى {وعصى آدم ربه فغوى} [طه : 121] أي فسد عيشه في الجنة.
ويقال : غوي الفصيل إذا لم يدر لبن أمه.
الثانية: مذهب أهل السنة أي أن الله تعالى أضله وخلق فيه الكفر؛ ولذلك نسب الإغواء في هذا إلى الله تعالى.
وهو الحقيقة، فلا شيء في الوجود إلا وهو مخلوق له، صادر عن إرادته تعالى.
وخالف الإمامية والقدرية وغيرهما شيخهم إبليس الذي طاوعوه في كل ما زينه لهم، ولم يطاوعوه في هذه المسألة ويقولون : أخطأ إبليس، وهو أهل للخطأ حيث نسب الغواية إلى ربه، تعالى الله عن ذلك.
فيقال لهم : وإبليس وإن كان أهلا للخطأ فما تصنعون في نبي مكرم معصوم، وهو ونوح عليه السلام حيث قال لقومه {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [هود : 34] وقد روي أن طاوسا جاءه رجل في المسجد الحرام، وكان متهما بالقدر، وكان من الفقهاء الكبار؛ فجلس إليه فقال له طاوس : تقوم أو تقام؟ فقيل لطاوس : تقول هذا لرجل فقيه! فقال : إبليس أفقه منه، يقول إبليس : رب بما أغويتني.
ويقول هذا : أنا أغوي نفسي.
الثالثة: قوله تعالى {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} أي بالصد عنه، وتزيين الباطل حتى يهلكوا كما هلك، أو يضلوا كما ضل، أو يخيبوا كما خيب؛ حسب ما تقدم من المعاني الثلاثة في {أغويتني}.
والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة.
و{صراطك} منصوب على حذف {على} أو {في} من قوله {صراطك المستقيم}؛ كما حكى سيبويه {ضرب زيد الظهر والبطن}.
وأنشد : لدن بهز الكف يعسل متنه ** فيه كما عسل الطريق الثعلب ومن أحسن ما قيل في تأويل {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} أي لأصدنهم عن الحق، وأرغبنهم في الدنيا، وأشككهم في الآخرة.
وهذا غاية في الضلالة.
كما قال {ولأضلنهم} [النساء : 119] حسب ما تقدم.
وروى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة {من بين أيديهم} من دنياهم.
{ومن خلفهم} من آخرتهم.
{وعن أيمانهم} يعني حسناتهم.
{وعن شمائلهم} يعني سيئاتهم.
قال النحاس : وهذا قول حسن وشرحه : أن معنى {ثم لآتينهم من بين أيديهم} من دنياهم، حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة {ومن خلفهم} من آخرتهم حتى يكذبوا بها.
{وعن أيمانهم} من حسناتهم وأمور دينهم.
ويدل على هذا قوله {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} [الصافات : 28] {وعن شمائلهم} يعني سيئاتهم، أي يتبعون الشهوات؛ لأنه يزينها لهم.
{ولا تجد أكثرهم شاكرين} أي موحدين طائعين مظهرين الشكر.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس {إلى يوم يبعثون} واستوثق إبليس بذلك أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} أي كما أغويتني، قال ابن عباس: كما أضللتني، وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على {صراطك المستقيم} أي طريق الحق وسبيل النجاة ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي، وقال بعض النحاة: الباء هنا قسمية، كأنه يقول فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم، قال مجاهد: {صراطك المستقيم} يعني الحق، والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك، روى الإمام أحمد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك قال فعصاه وأسلم) قال: (وقعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول، فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد وهو جهاد النفس والمال، فقال تقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال، قال فعصاه وجاهد)، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، وإن قتل كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، أو وقصته دابة كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة) ""أخرجه الإمام أحمد في المسند"". وقوله: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} الآية، قال ابن عباس: {ثم لآتينهم من بين أيديهم} أشككهم في آخرتهم {ومن خلفهم} أرعبهم في ديناهم {وعن أيمانهم} أشبه عليهم أمر دينهم {وعن شمائلهم} أشهي لهم المعاصي، وعنه: أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم، وأما من خلفهم فأمر آخرتهم، وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم، وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم. وقال قتادة: أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدينا فزينها لهم ودعاهم إليها، وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها، وعن شمائلهم زين لهم السئيات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة اللّه وكذا روي عن إبراهيم النخعي والسدي وابن جريج . وقال مجاهد: {من بين أيديهم وعن أيمانهم} من حيث يبصرون، {ومن خلفهم وعن شمائلهم} حيث لا يبصرون، واختار ابن جرير أن المراد جميع طرق الخير والشر، فالخير يصدهم عنه، والشر يحسنه لهم، وقال ابن عباس {ولا تجد أكثرهم شاكرين} قال: موحدين، وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم، وقد وافق في هذا الواقع كما قال تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين}، ولهذا ورد في الحديث: الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان كما قال الحافظ البزار. عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو: (اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني وديناي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يديّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي) ""أخرجه الحافظ البزار من حديث ابن عباس مرفوعاً"". وعن عبد اللّه بن عمر قال: لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: اللهم إني أسألك العافية في الدينا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) ""ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم، وقال الحاكم: صحيح الإسناد"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি