نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأعراف آية 9
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ

التفسير الميسر ومن خَفَّتْ موازين أعماله -لكثرة سيئاته- فأولئك هم الذين أضاعوا حظَّهم من رضوان الله تعالى، بسبب تجاوزهم الحد بجحد آيات الله تعالى وعدم الانقياد لها.

تفسير الجلالين
9 - (ومن خفت موازينه) بالسيئات (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) بتصييرها إلى النار (بما كانوا بآياتنا يظلمون) يجحدون

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {والوزن يومئذ الحق} ابتداء وخبر.
ويجوز أن يكون {الحق} نعته، والخبر {يومئذ}.
ويجوز نصب {الحق} على المصدر.
والمراد بالوزن وزن أعمال العباد بالميزان.
قال ابن عمر : توزن صحائف أعمال العباد.
وهذا هو الصحيح، وهو الذي ورد به الخبر على ما يأتي.
وقيل : الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق.
وقال مجاهد : الميزان الحسنات والسيئات بأعيانها.
وعنه أيضا والضحاك والأعمش : الوزن والميزان بمعنى العدل والقضاء، وذكر الوزن ضرب مثل؛ كما تقول : هذا الكلام في وزن هذا وفي وزانه، أي يعادله ويساويه وإن لم يكن هناك وزن.
قال الزجاج : هذا سائغ من جهة اللسان، والأولى أن يتبع ما جاء في الأسانيد الصحاح من ذكر الميزان.
قال القشيري : وقد أحسن فيما قال، إذ لو حمل الميزان على هذا فليحمل الصراط على الدين الحق، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة.
وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل.
وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر، وصارت هذه الظواهر نصوصا.
قال ابن فورك : وقد أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها، إذ لا تقوم بأنفسها.
ومن المتكلمين من يقول : إن الله تعالى يقلب الأعراض أجساما فيزنها يوم القيامة.
وهذا ليس بصحيح عندنا، والصحيح أن الموازين تثقل بالكتب التي فيها الأعمال مكتوبة، وبها تخف.
وقد روي في الخبر ما يحقق ذلك، وهو أنه روي (أن ميزان بعض بني آدم كاد يخف بالحسنات فيوضع فيه رق مكتوب فيه {لا إله إلا الله} فيثقل).
فقد علم أن لك يرجع إلى وزن ما كتب فيه الأعمال لا نفس الأعمال، وأن الله سبحانه يخفف الميزان إذا أراد، ويثقله إذا أراد بما يوضع في كفتيه من الصحف التي فيها الأعمال.
وفي صحيح مسلم عن صفوان بن محرز قال قال رجل لابن عمر : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ قال سمعته يقول : (يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول هل تعرف فيقول أي رب أعرف قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم فيعطي صحيفة حسناته وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رءوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله).
فقوله : (فيعطى صحيفة حسناته) دليل على أن الأعمال تكتب في الصحف وتوزن.
وروى ابن ماجة من حديث عبدالله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رءوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول الله تبارك وتعالى هل تنكر من هذا شيئا فيقول لا يارب فيقول أظلمتك كتبتي الحافظون فيقول لا ثم يقول ألك عذر ألك حسنة فيهاب الرجل فيقول لا فيقول بلى إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة).
زاد الترمذي (فلا يثقل مع اسم الله شيء) وقال : حديث حسن غريب.
وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في {الكهف والأنبياء} إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون.
ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} جمع ميزان، وأصله موزان، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
وقيل : يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله.
ويمكن أن يكون ذلك ميزانا واحدا عبر عنه بلفظ الجمع؛ كما تقول : خرج فلان إلى مكة على البغال، وخرج إلى البصرة في السفن.
وفي التنزيل{كذبت قوم نوح المرسلين} [الشعراء : 105].
{كذبت عاد المرسلين} [الشعراء : 123].
وإنما هو رسول واحد في أحد التأويلين.
وقيل : الموازين جمع موزون، لا جمع ميزان.
أراد بالموازين الأعمال الموزونة.
{ومن خفت موازينه} مثله.
وقال ابن عباس : توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان كفتان؛ فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان فتثقل حسناته على سيئاته؛ فذلك قوله {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} ويؤتى بعمل الكافر في أقبح صورة فيوضع في كفة الميزان فيخف وزنه حتى يقع في النار.
وما أشار إليه ابن عباس قريب مما قيل : يخلق الله تعالى كل جزء من أعمال العباد جوهرا فيقع الوزن على تلك الجواهر.
ورده ابن فورك وغيره.
وفي الخبر (إذا خفت حسنات المؤمن أخرج رسول الله صل الله عليه وسلم بطاقة كالأنملة فيلقيها في كفة الميزان اليمنى التي فيها حسناته فترجح الحسنات فيقول ذلك العبد المؤمن للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي! ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك فمن أنت؟ فيقول أنا محمد نبيك وهذه صلواتك التي كنت تصلي على قد وفيتك أحوج ما تكون إليها).
ذكره القشيري في تفسيره.
وذكر أن البطاقة (بكسر الباء) رقعة فيها رقم المتاع بلغة.
أهل مصر.
وقال ابن ماجة : قال محمد بن يحيى : البطاقة الرقعة، وأهل مصر يقولون للرقعة بطاقة.
وقال حذيفة : صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، يقول الله تعالى : (يا جبريل زن بينهم فرد من بعض على بعض).
قال : وليس ثم ذهب ولا فضة؛ فإن كان للظالم حسنات أخذ من حسناته فرد على المظلوم، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتحمل على الظالم؛ فيرجع الرجل وعليه مثل الجبال.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أن الله تعالى يقول يوم القيامة يا آدم ابرز إلى جانب الكرسي عند الميزان وأنظر ما يرفع إليك من أعمال بنيك فمن رجح خيره على شره مثقال حبة فله الجنة ومن رجح شره على خيره مثقال حبة فله النار حتى تعلم أني لا أعذب إلا ظالما).

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {والوزن} أي للأعمال يوم القيامة {الحق} أي لا يظلم تعالى أحداً، كقوله: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}، وقال تعالى: {إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً}، وقال تعالى: {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية}، وقال تعالى: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون}. فصل: والذي يوضع في الميزان يوم القيامة قيل: الأعمال وإن كانت أعراضاً، إلا أن اللّه تعالى يقلبها يوم القيامة أجساماً، يروى هذا عن ابن عباس، كما جاء في الصحيح من أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف، وقيل: يوزن كتاب الأعمال، كما جاء في حديث البطاقة، في الرجل الذي يؤتى به ويوضع له في كفة تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يؤتى بتلك البطاقة فيها: لا إله إلا اللّه، الحديث ""الحديث في سنن الترمذي وصححه""، وقيل: يوزن صاحب العمل كما في الحديث: (يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين فلا يزن عند اللّه جناح بعوضة) ثم قرأ: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً}، وفي مناقب عبد اللّه بن مسعود أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (أتعجبون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد)، وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحاً، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি