نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البقرة آية 2
ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ

التفسير الميسر ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله، فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله، ويتبعون أحكامه.

تفسير الجلالين
2 - (ذلك) أي هذا (الكتاب) الذي يقرؤه محمد (لا ريب) لا شك (فيه) أنه من عند الله ، وجملة النفي خبر مبتدؤه ذلك والإشارة به للتعظيم (هدى) خبر ثان أي هاد (للمتقين) الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار

تفسير القرطبي
قوله تعالى{ذلك الكتاب} قيل : المعنى هذا الكتاب.
و{ذلك} قد تستعمل في الإشارة إلى حاضر، وإن كان موضوعا للإشارة إلى غائب، كما قال تعالى في الإخبار عن نفسه جل وعز{ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم} [السجدة:6 ] ومنه قول خُفاف بن نُدبة : أقول له والرمح يأطر متنه ** تأمل خفافا إنني أنا ذلكا أي أنا هذا.
فـ {ذلك} إشارة إلى القرآن، موضوع موضع هذا، تلخيصه : الم هذا الكتاب لا ريب فيه.
وهذا قول أبي عبيدة وعكرمة وغيرهما، ومنه قوله تعالى{وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم} [الأنعام : 83 ].
{ تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق}[البقرة : 252 ].
أي هذه، لكنها لما انقضت صارت كأنها بعدت فقيل تلك.
وفي البخاري وقال معمر ذلك الكتاب هذا القرآن.
{هدى للمتقين} بيان ودلالة، كقوله{ذلكم حكم الله يحكم بينكم} [ الممتحنة: 10 ].
هذا حكم الله.
قلت : وقد جاء {هذا} بمعنى {ذلك}، ومنه قوله عليه السلام في حديث أم حرام : (يركبون ثبج هذا البحر) أي ذلك البحر، والله أعلم.
وقيل : هو على بابه إشارة إلى غائب.
واختلف في ذلك الغائب على أقوال عشرة، فقيل{ذلك الكتاب} أي الكتاب الذي كتبتُ على الخلائق بالسعادة والشقاوة والأجل والرزق لا ريب فيه، أي لا مبدل له.
وقيل : ذلك الكتاب، أي الذي كتبتُ على نفسي في الأزل (أن رحمتي سبقت غضبي).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه فهو موضوع عنده أن رحمتي تغلب غضبي) في رواية : (سبقت).
وقيل : إن الله تعالى قد كان وعد نبيه عليه السلام أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء، فأشار إلى ذلك الوعد كما في صحيح مسلم من حديث عياض بن حِمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان) الحديث.
وقيل : الإشارة إلى ما قد نزل من القرآن بمكة.
وقيل : إن الله تبارك وتعالى لما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [ المزمل : 5 ].
لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مستشرفا (وفي النسخة : مستسرفا) لإنجاز هذا الوعد من ربه عز وجل، فلما أنزل عليه بالمدينة {الم.
ذلك الكتاب لا ريب فيه} [ البقرة : 1 ، 2 ].
كان فيه معنى هذا القرآن الذي أنزلته عليك بالمدينة، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك بمكة.
وقيل : إن {ذلك} إشارة إلى ما في التوراة والإنجيل.
و{الم} اسم للقرآن، والتقدير هذا القرآن ذلك الكتاب المفسر في التوراة والإنجيل، يعني أن التوراة والإنجيل يشهدان بصحته ويستغرق ما فيهما ويزيد عليهما ما ليس فيهما.
وقيل : إن {ذلك الكتاب} إشارة إلى التوراة والإنجيل كليهما، والمعنى : الم ذانك الكتابان أو مثل ذينك الكتابين، أي هذا القرآن جامع لما في ذينك الكتابين، فعبر بـ {بذلك} عن الاثنين بشاهد من القرآن، قال الله تبارك وتعالى{إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك}[ البقرة: 68] .
أي عوان بين تينك : الفارض والبكر، وسيأتي.
وقيل : إن {ذلك} إشارة إلى اللوح المحفوظ.
وقال الكسائي{ذلك} إشارة إلى القرآن الذي في السماء لم ينزل بعد.
وقيل : إن الله تعالى قد كان وعد أهل الكتاب أن ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم كتابا، فالإشارة إلى ذلك الوعد.
قال المبرد : المعنى هذا القرآن ذلك الكتاب الذي كنتم تستفتحون به على الذين كفروا.
وقيل : إلى حروف المعجم في قول من قال{الم} الحروف التي تحدّيْتُكم بالنظم منها.
والكتاب مصدر من كتب يكتب إذا جمع، ومنه قيل : كتيبة، لاجتماعها.
وتكتَّبت الخيل صارت كتائب.
وكتبتُ البغلة : إذا جمعت بين شُفْري رَحِمِها بحلقة أو سير، قال : لا تأمنن فَزاريا حللت به ** على قَلوصك واكتبها بأسيار والكتبة بضم الكاف : الخرزة، والجمع كتب.
والكتب : الخزر.
قال ذو الرمة : وفراء غرفية أثأى خوارزها ** مُشَلشِل ضيَّعتْه بينها الكتبُ والكتاب : هو خط الكاتب حروف المعجم مجموعة أو متفرقة، وسمي كتابا وإن كان مكتوبا، كما قال الشاعر : تؤمِّل رجعة مني وفيها **كتاب مثل ما لصق الغراء والكتاب : الفرض والحكم والقدر، قال الجَعدِي : يا ابنة عمي كتاب الله أخرجني ** عنكم وهل أمنعنَّ الله ما فعلا قوله تعالى{لا ريب} نفي عام، ولذلك نصب الريب به.
وفي الريب ثلاثة معان : أحدها : الشك، قال عبدالله بن الزبعرى : ليس في الحق يا أميمة ريب ** إنما الريب ما يقول الجهول وثانيها : التهمة، قال جميل : بثينة قالت يا جميل أربتني ** فقلت كلانا يا بثين مريب وثالثها : الحاجة، قال : قضينا من تهامة كل ريب ** وخيبر ثم أجمعنا السيوفا فكتاب الله تعالى لا شك فيه ولا ارتياب، والمعنى : أنه في ذاته حق وأنه منزل من عند الله، وصفة من صفاته، غير مخلوق ولا محدث، وإن وقع ريب للكفار.
وقيل : هو خبر ومعناه النهي، أي لا ترتابوا، وتم الكلام كأنه قال ذلك الكتاب حقا.
وتقول : رابني هذا الأمر إذا أدخل عليك شكا وخوفا.
وأراب : صار ذا ريبة، فهو مريب.
ورابني أمره.
وريب الدهر : صروفه.
قوله تعالى{فيه هدى للمتقين} فيه ست مسائل : الأولى قوله تعالى:{فيه} الهاء في {فيه} في موضع خفض بفي، وفيه خمسة أوجه، أجودها : فيهِ هدى.
ويليه فيهُ هدى بضم الهاء بغير واو وهي قراءة الزهري وسلام أبي المنذر.
ويليه فيهي هدى بإثبات الياء وهي قراءة ابن كثير.
ويجوز فيهو هدى بالواو.
ويجوز فيه هدى مدغما وارتفع {هدى} على الابتداء والخبر {فيه}.
والهدى في كلام العرب معناه الرشد والبيان، أي فيه كشف لأهل المعرفة ورشد وزيادة بيان وهدى.
الثانية : الهدى هُديان : هدى دلالة، وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم، قال الله تعالى{ولكل قوم هاد} [الرعد: 7 ].
وقال{وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}[ الشورى: 52 ].
فأثبت لهم الهدى الذي معناه الدلالة والدعوة والتنبيه، وتفرد هو سبحانه بالهدى الذي معناه التأييد والتوفيق، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم{إنك لا تهدي من أحببت} [القصص :56 ].
فالهدى على هذا يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب، ومنه قوله تعالى{أولئك على هدى من ربهم} [البقرة : 5 ].
وقوله{ويهدي من يشاء} [فاطر: 8 ].
والهدى : الاهتداء، ومعناه راجع إلى معنى الإرشاد كيفما تصرفت.
قال أبو المعالي : وقد ترد الهداية والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها، من ذلك قوله تعالى في صفة المجاهدين{فلن يضل أعمالهم.
سيهديهم} [محمد: 4، 5 ].
ومنه قوله تعالى{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} [الصافات:23 ].
معناه فاسلكوهم إليها.
الثالثة : الهدى لفظ مؤنث.
قال الفراء : بعض بني أسد تؤنث الهدى فتقول : هذه هدى حسنة.
وقال اللحياني : هو مذكر، ولم يعرب لأنه مقصور والألف لا تتحرك، ويتعدى بحرف وبغير حرف وقد مضى في الفاتحة ، تقول : هديته الطريق وإلى الطريق والدار وإلى الدار، أي عرفته.
الأولى لغة أهل الحجاز، والثانية حكاها الأخفش.
وفي التنزيل{اهدنا الصراط المستقيم } و{ الحمد لله الذي هدانا لهذا} [الأعراف 43 ].
وقيل : إن الهدى اسم من أسماء النهار، لأن الناس يهتدون فيه لمعايشهم وجميع مأربهم، ومنه قول ابن مُقبل : حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة ** يخشعن في الآل غلفا أو يصلينا الرابعة: قوله تعالى{للمتقين} خص الله تعالى المتقين بهدايته وإن كان هدى للخلق أجمعين تشريفا لهم، لأنهم آمنوا وصدقوا بما فيه.
وروي عن أبى رَوق أنه قال{هدى للمتقين} أي كرامة لهم، يعني إنما أضاف إليهم إجلالا لهم وكرامة لهم وبيانا لفضلهم.
وأصل {للمتقين} : للموتقيين بياءين مخففتين، حذفت الكسرة من الياء الأولى لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وأبدلت الواو تاء على أصلهم في اجتماع الواو والتاء وأدغمت التاء في التاء فصار للمتقين.
الخامسة : التقوى يقال أصلها في اللغة قلة الكلام، حكاه ابن فارس.
قلت ومنه الحديث (التقي مُلْجَم والمتقي فوق المؤمن والطائع) وهو الذي يتقي بصالح عمله وخالص دعائه عذاب الله تعالى، مأخوذ من اتقاء المكروه بما تجعله حاجزا بينك وبينه، كما قال النابغة : سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ** فتناولته واتقتنا باليد وقال آخر : فألقت قناعا دونه الشمس واتقت ** بأحسن موصولين كف ومعصم وخّرج أبو محمد عبدالغني الحافظ من حديث سعيد بن زَربي أبي عبيدة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال قال يوما لابن أخيه : يا ابن أخي ترى الناس ما أكثرهم؟ قال : نعم، قال : لا خير فيهم إلا تائب أو تقي ثم قال : يا ابن أخي ترى الناس ما أكثرهم؟ قلت : بلى، قال : لا خير فيهم إلا عالم أو متعلم.
وقال أبو يزيد البسطامي : المتقي من إذا قال قال لله، ومن إذا عمل عمل لله.
وقال أبو سليمان الداراني : المتقون الذين نزع الله عن قلوبهم حب الشهوات.
وقيل : المتقي الذي اتقى الشرك وبرئ من النفاق.
قال ابن عطية : وهذا فاسد، لأنه قد يكون كذلك وهو فاسق.
وسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُبيا عن التقوى، فقال : هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال : نعم : قال فما عملت فيه؟ قال : تشمرت وحذرت، قال : فذاك التقوى.
وأخذ هذا المعنى ابن المعتز فنظمه : خل الذنوب صغيرها ** وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق أر ** ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة ** إن الجبال من الحصى السادسة : التقوى فيها جماع الخير كله، وهي وصية الله في الأولين والآخرين، وهي خير ما يستفيده الإنسان، كما قال أبو الدرداء وقد قيل له : إن أصحابك يقولون الشعر وأنت ما حفظ عنك شيء، فقال : يريد المرء أن يؤتى مناه ** ويأبى الله إلا ما أرادا يقول المرء فائدتي ومالي ** وتقوى الله أفضل ما استفادا وروى ابن ماجة في سننه عن أبى أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خير له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله).
والأصل في التقوى : وَقْوَى على وزن فعلى فقلبت الواو تاء من وقيته أقيه أي منعته، ورجل تقي أي خائف، أصله وقي، وكذلك تقاة كانت في الأصل وقاة، كما قالوا : تجاه وتراث، والأصل وجاه ووراث.

تفسير ابن كثير بسم الله الرحمن الرحيم {الم} اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور، فمنهم من قال: هي ممّا استأثر اللّه بعلمه فردوا علمها إلى اللّه ولم يفسروها حكاه القرطبي في تفسيره، ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال بعضهم: هي أسماء السور، قال الزمخشري: وعليه إطباق الأكثر، وقيل: هي اسم من أسماء اللّه تعالى يفتتح بها السور، فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفةٍ من صفاته، فالألف مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، حكاه الرازي عن المبرد وجمع من المحققين، وحكاه القرطبي عن الفراء، وقرره الزمخشري ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الإمام ابن تيمية وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي . قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي الصريح في أماكن، وجاء منها على حرف واحد مثل {ص} وحرفين مثل {حم} وثلاثة مثل {الم} وأربعة مثل {المص} وخمسة مثل {كهيعص} لأن أساليب كلامهم منها ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك. قال ابن كثير: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء في تسع وعشرين سورة مثل: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق} {المص كتاب أنزل إليك} {الم كتاب أنزلناه إليك} {الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه} {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر. {ذلك الكتاب} قال ابن عباس: أي هذا الكتاب. والعربُ تعارض بين اسمي الإشارة فيستعملون كلا منهما مكان الآخر وهذا معروفٌ في كلامهم. والكتابُ: القرآن، ومن قال: إن المراد بذلك الإشارة إلى التوراة والإنجيل فقد أبعدَ النُجعة، وأغرق في النزع، وتكلّف ما لا علم له به. والريبُ: الشك، أي لا شك فيه، روي ذلك عن أُناسٍ من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال ابن أبي حاتم: لا أعلم في هذا خلافا . وقد يستعمل الريب في التهمة، قال جميل: بثينةُ قالت: يا جميلُ أربتني ** فقلت: كلانا يا بثينُ مريب واستعمل أيضا في الحاجة كما قال بعضهم: قضينا من تهامة كل ريب ** وخيبر ثم أجممنا السيوفا والمعنى: إن هذا الكتاب القرآن لا شك فيه أنه نزل من عند اللّه كما قال تعالى: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين} وقال بعضهم: هذا خبرٌ ومعناه النهي، أي لا ترتابوا فيه. وخصت الهداية للمتقين كما قال تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} وقال: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن، لأنه هو في نفسه هدى، ولكن لا يناله إلا الأرباب كما قال تعالى {وهدى ورحمة للمؤمنين} قال السَّدي: {هدى للمتقين} يعني نورا للمتقين، وعن ابن عباس: المتقون هم المؤمنون الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعة اللّه، وقال الحسن البصري: اتقوا ما حرم عليهم، وأدوا ما افترض عليهم. وقال قتادة: هم الذين نعتهم اللّه بقوله: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}، واختيار ابن جرير أنَّ الآية تعمُّ ذلك كله، وهو كما قال. وفي الحديث الشريف: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما بأس به حذرا مما به بأس" "رواه الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي: حسن غريب" ويطلق الهدى ويراد به ما يقر في القلب من الإيمان، وهذا لا يقد على خلقه في قلوب العباد إلا اللّه عز وجلّ قال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت} وقال: {ليس عليك هداهم} وقال: {من يضلل الله فلا هادي له} ويطلق ويراد به بيان الحق والدلالة عليه، قال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} وقال: {ولكل قوم هاد} وقال: {وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}. وأصل التقوى التوقي ممّا يكره لأن أصلها وَقَوى من الوقاية، قال الشاعر: فألقتْ قِناعا دونه الشمسُ واتَّقَت ** بأحسنِ موصولينِ كفٍ معْصَم وسأل عمرُ ""أُبيَّ بن كعب""عن التقوى فقال له: أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال : بلى، قال: فما عملت؟ قال: شمَّرتُ واجتهدتُ، قال: فذلك التقوى، وأخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال: خل الذنوبَ صــغيرَها ** وكبـــيرَها ذاكَ التُّقَى واصْنَع كماشٍ فوقَ أرْ ** ضِ الشوك يحذَرُ ما يرى لا تحقرنَّ صغيـــرة ** إنَّ الجبال من الحصى وفي سنن ابن ماجة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (ما استفاد المرء بعد تقوى اللّه خيرا من زوجة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) ""رواه ابن ماجة عن أبي أمامة رضي اللّه عنه"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি