نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأنعام آية 44
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ

التفسير الميسر فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش، وبالضراء صحة في الأجسام؛ استدراجا منا لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطيناهم من الخير والنعمة أخذناهم بالعذاب فجأة، فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.

تفسير الجلالين
44 - (فلما نسوا) تركوا (ما ذكروا) وعظوا وخوفوا (به) من البأساء والضراء فلم يتعظوا (فتحنا) بالتخفيف والتشديد (عليهم أبواب كل شيء) من النعم استدراجا لهم (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) فرح بطر (أخذناهم) بالعذاب (بغتة) فجأة (فإذا هم مبلسون) آيسون من كل خير

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} {لولا} تخصيص، وهي التي تلي الفعل بمعنى هلا؛ وهذا عتاب على ترك الدعاء، وإخبار عنهم أنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب.
ويجوز أن يكونوا تضرعوا تضرع من لم يخلص، أو تضرعوا حين لابسهم العذاب، والتضرع على هذه الوجوه غير نافع.
والدعاء مأمور به حال الرخاء والشدة؛ قال الله تعالى {ادعوني استجب لكم} [غافر : 60] وقال {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} [غافر : 60] أي دعائي {سيدخلون جهنم داخرين} [غافر : 60] وهذا وعيد شديد.
{ولكن قست قلوبهم} أي صلبت وغلظت، وهي عبارة عن الكفر والإصرار على المعصية، نسأل الله العافية.
{وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} أي أغواهم بالمعاصي وحملهم عليها.
قوله تعالى {فلما نسوا ما ذكروا به} يقال : لم ذموا على النسيان وليس من فعلهم؟ فالجواب : أن {نسوا} بمعنى تركوا ما ذكروا به، عن ابن عباس وابن جريج، وهو قول أبي وعلي؛ وذلك لأن التارك للشيء إعراضا عنه قد صيره بمنزلة ما قد نسي، كما يقال : تركه ـ في النسي ـ، جواب آخر : وهو أنهم تعرضوا للنسيان فجاز الذم لذلك؛ كما جاز الذم على التعرض لسخط الله عز وجل وعقابه.
{فتحنا عليهم أبواب كل شيء} أي من النعم والخيرات، أي كثرنا لهم ذلك.
والتقدير عند أهل العربية : فتحنا عليهم أبواب كل شيء كان مغلقا عنهم.
{حتى إذا فرحوا بما أوتوا} معناه بطروا وأشروا وأعجبوا وظنوا أن ذلك العطاء لا يبيد، وأنه دال على رضاء الله عز وجل عنهم {أخذناهم بغتة} أي استأصلناهم وسطونا بهم.
و {بغتة} معناه فجأة، وهي الأخذ على غرة ومن غير تقدم أمارة؛ فإذا أخذ الإنسان وهو غارّ غافل فقد أخذ بغتة، وأنكى شيء ما يفجأ من البغت.
وقد قيل : إن التذكير الذي سلف - فأعرضوا عنه - قام مقام الإمارة.
والله أعلم.
و {بغتة} مصدر في موضع الحال لا يقاس عليه عند سيبويه كما تقدم؛ فكان ذلك استدراجا من الله تعالى كما قال {وأملي لهم إن كيدي متين} [الأعراف : 183] نعوذ بالله من سخطه ومكره.
قال بعض العلماء : رحم الله عبدا تدبر هذه الآية {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة}.
وقال محمد بن النضر الحارثي : أمهل هؤلاء القوم عشرين سنة.
وروى عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا رأيتم الله تعالى يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم) ثم تلا {فلما نسوا ما ذكروا به} الآية كلها.
وقال الحسن : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها إلا كان قد نقص عمله، وعجز رأيه.
وما أمسكها الله عن عبد فلم يظن أنه خير له فيها إلا كان قد نقص عمله، وعجز رأيه.
وفي الخبر أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه وسلم : (إذا رأيت الفقر مقبلا إليك فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغني مقبلا إليك فقل ذنب عجلت عقوبته).
قوله تعالى {فإذا هم مبلسون} المبلس الباهت الحزين الآيس من الخير الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال؛ قال العجاج : يا صاح هل تعرف رسما مكرسا ** قال نعم أعرفه وأبلسا أي تحير لهول ما رأى، ومن ذلك اشتق اسم إبليس؛ أبلس الرجل سكت، وأبلست الناقة وهي مبلاس إذا لم ترغ من شدة الضبعة؛ ضبعت الناق تضبع ضبعة وضبعا إذا أرادت الفحل.
قوله تعالى {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} الدابر الآخر؛ يقال : دبر القوم يدبرهم دبرا إذا كان آخرهم في المجيء.
وفي الحديث عن عبدالله بن مسعود (من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبريا) أي في آخر الوقت؛ والمعنى هنا قطع خلفهم من نسلهم وغيرهم فلم تبق لهم باقية.
قال قطرب : يعني أنهم استؤصلوا وأهلكوا.
قال أمية بن أبي الصلت : فأهلكوا بعذاب حص دابرهم ** فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا ومنه التدبير لأنه إحكام عواقب الأمور.
قوله تعالى {والحمد لله رب العالمين} قيل : على إهلاكهم وقيل : تعليم للمؤمنين كيف يحمدونه.
وتضمنت هذه الآية الحجة على وجوب ترك الظلم؛ لما يعقب من قطع الدابر، إلى العذاب الدائم، مع استحقاق القاطع الحمد من كل حامد.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى أنه الفعال لما يريد، المتصرف في خلقه بما يشاء، وأنه لا معقب لحكمه، ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه بل هو وحده لا شريك له، الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء، ولهذا قال: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم الساعة} أي أتاكم هذا أو هذا {أغير اللّه تدعون إن كنتم صادقين} أي لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على رفع ذلك سواه، ولهذا قال: {إن كنتم صادقين} أي في اتخاذكم آلهة معه {بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} أي في وقت الضرورة لا تدعون أحداً سواه وستذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كقوله: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه} الآية. وقوله: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء} يعني الفقر والضيق في العيش، {والضراء} وهي الأمراض والأسقام والآلام، {لعلهم يتضرعون} أي يدعون اللّه ويتضرعون إليه ويخشعون. قال اللّه تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} أي فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكوا لدينا، {ولكن قست قلوبهم} أي ما رقت ولا خشعت، {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} أي من الشرك والمعاندة والمعاصي، {فلما نسوا ما ذكروا به} أي أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم، {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} أي فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم، عياذاً باللّه من مكره، ولهذا قال: {حتى فرحوا بما أوتوا} أي من الأموال والأولاد والأرزاق {أخذناهم بغتة} أي على غفلة {فإذا هم مبلسون} أي آيسون من كل خير. قال ابن عباس المبلس: الآيس، وقال الحسن البصري: من وسّع اللّه عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له، ومن قتّر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له، ثم قرأ: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} قال: مكر بالقوم ورب الكعبة، أعطوا حاجتهم ثم أخذوا وقال قتادة: بغت القوم أمر اللّه، وما أخذ اللّه قوماً قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا باللّه، فإنه لا يغتر باللّه إلا القوم الفاسقون. وقال مالك عن الزهري {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} قال: رخاء الدنيا ويسرها. وقد قال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا رأيت اللّه يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج)، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} ""رواه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم""وعن عبادة بن الصامت أن رسول اللّه كان يقول: إذا أراد اللّه بقوم بقاء أو نماء رزقهم القصد والعفاف وإذا أراد اللّه بقوم اقتطاعاً فتح لهم - أو فتح عليهم - باب خيانة {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون}، كما قال: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد للّه رب العالمين} ""رواه ابن أبي حاتم وأحمد في مسنده""

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি