نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البقرة آية 75
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

التفسير الميسر أيها المسلمون أنسيتم أفعال بني إسرائيل، فطمعت نفوسكم أن يصدِّق اليهودُ بدينكم؟ وقد كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة، ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته، أو بتحريف ألفاظه، وهم يعلمون أنهم يحرفون كلام رب العالمين عمدًا وكذبًا.

تفسير الجلالين
75 - (أفتطمعون) أيها المؤمنون (أن يؤمنوا لكم) أي اليهود (وقد كان فريق) طائفة (منهم) أحبارهم (يسمعون كلام الله) في التوراة (ثم يحرفونه) يغيرونه (من بعد ما عقلوه) فهموه (وهم يعلمون) أنهم مفترون والهمزة للإنكار أي لا تطعموا فلهم سابقة بالكفر

تفسير القرطبي
فيه أربع مسائل: الأولى: قوله تعالى:{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} هذا استفهام فيه معنى الإنكار، كأنه أيأسهم من إيمان هذه الفرقة من اليهود، أي إن كفروا فلهم سابقة في ذلك.
والخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وذلك أن الأنصار كان لهم حرص على إسلام اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم.
وقيل : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، عن ابن عباس.
أي لا تحزن على تكذيبهم إياك، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا.
و{أن} في موضع نصب، أي في أن يؤمنوا، نصب بأن، ولذلك حذفت منه النون.
يقال : طمع فيه طمعا وطماعية - مخفف - فهو طمع، على وزن فعل.
وأطمعه فيه غيره.
ويقال في التعجب : طمع الرجل - بضم الميم - أي صار كثير الطمع.
والطمع : رزق الجند، يقال : أمر لهم الأمير بأطماعهم، أي بأرزاقهم.
وامرأة مطماع : تطمع ولا تمكن.
الثانية: قوله تعالى : {وقد كان فريق منهم} الفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه، وجمعه في أدنى العدد أفرقة، وفي الكثير أفرقاء.
قوله تعالى{يسمعون} في موضع نصب خبر {كان}.
ويجوز أن يكون الخبر {منهم}، ويكون {يسمعون} نعتا لفريق وفيه بُعد.
قوله تعالى{كلام الله} قراءة الجماعة.
وقرأ الأعمش {كلم الله} على جمع كلمة.
قال سيبويه : واعلم أن ناسا من ربيعة يقولون {منهم} بكسر الهاء اتباعا لكسرة الميم، ولم يكن المسكن حاجزا حصينا عنده.
{كلام الله} مفعول بـ {يسمعون}.
والمراد السبعون الذين اختارهم موسى عليه السلام، فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا أمره، وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم.
هذا قول الربيع وابن إسحاق، وفي هذا القول ضعف.
ومن قال : إن السبعين سمعوا ما سمع موسى فقد أخطأ، وأذهب بفضيلة موسى واختصاصه بالتكليم.
وقد قال السدي وغيره : لم يطيقوا سماعه، واختلطت أذهانهم ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعيده لهم، فلما فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان نبيهم موسى عليه السلام، كما قال تعالى{وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} [التوبة:6].
فإن قيل : فقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن قوم موسى سألوا موسى أن يسأل ربه أن يسمعهم كلامه، فسمعوا صوتا كصوت الشبور{إني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم أخرجتكم من مصر بيد رفيعة وذراع شديدة}.
قلت : هذا حديث باطل لا يصح، رواه ابن مروان عن الكلبي وكلاهما ضعيف لا يحتج به وإنما الكلام شيء خص به موسى من بين جميع ولد آدم، فإن كان كلم قومه أيضا حتى أسمعهم كلامه فما فضل موسى عليهم، وقد قال وقوله الحق{إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} [الأعراف:144].
وهذا واضح.
الثالثة: واختلف الناس بماذا عرف موسى كلام الله ولم يكن سمع قبل ذلك خطابه، فمنهم من قال : إنه سمع كلاما ليس بحروف وأصوات، وليس فيه تقطيع ولا نفس، فحينئذ علم أن ذلك ليس هو كلام البشر وإنما هو كلام رب العالمين.
وقال آخرون : إنه لما سمع كلاما لا من جهة، وكلام البشر يسمع من جهة من الجهات الست، علم أنه ليس من كلام البشر.
وقيل : إنه صار جسده كله مسامع حتى سمع بها ذلك الكلام، فعلم أنه كلام الله.
وقيل فيه : إن المعجزة دلت على أن ما سمعه هو كلام الله، وذلك أنه قيل له : ألق عصاك، فألقاها فصارت ثعبانا، فكان ذلك علامة على صدق الحال، وأن الذي يقول له{إني أنا ربك} [طه:12] هو الله جل وعز.
وقيل : إنه قد كان أضمر في نفسه شيئا لا يقف عليه إلا علام الغيوب، فأخبره الله تعالى في خطابه بذلك الضمير، فعلم أن الذي يخاطبه هو الله جل وعز.
وسيأتي في سورة {القصص} بيان معنى قوله تعالى{نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة} [القصص:30] إن شاء الله تعالى.
الرابعة: قوله تعالى{ثم يحرفونه} قال مجاهد والسدي : هم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة فيجعلون الحرام حلالا والحلال حراما اتباعا لأهوائهم.
قوله تعالى{من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} أي عرفوه وعلموه.
وهذا توبيخ لهم، أي إن هؤلاء اليهود قد سلفت لآبائهم أفاعيل سوء وعناد فهؤلاء على ذلك السنن، فكيف تطمعون في إيمانهم ودل هذا الكلام أيضا على أن العالم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد، لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {أفتطمعون} أيها المؤمنون {أن يؤمنوا لكم} أن ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود، الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه، ثم قست قلوبهم من بعد ذلك {وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه} أي يتأولونه على غير تأويله {من بعد ما عقلوه} أي فهموه على الجليّة، ومع هذا يخالفونه على بصيرة {وهم يعلمون} أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله. وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسة يحرفون الكلم عن مواضعه} وليس كلهم قد سمعها، ولكن هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها، قال السدي: هي التوراة حرّفوها. وقال قتادة في قوله: {ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} هم اليهود كانوا يسمعون كلام اللّه ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ووعوه، وقال أبو العالية: عمدوا إلى ما أنزل اللّه في كتابهم من نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه، وقال السدي: {وهم يعلمون} أي أنهم أذنبوا، وقال ابن وهب في قوله {يسمعون كلام اللّه ثم يحرفونه} قال: التوراة التي أنزلها اللّه عليهم، يحرفونها يجعلون الحلال فيها حراماً، والحرام فيها حلالاً، والحق فيها باطلاً والباطل فيها حقاً. وقوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا}، قال ابن عباس {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} أي قالوا: إنَّ صاحبكم رسول اللّه ولكنه إليكم خاصة. {وإذا خلا بعضهم إلى بعض} قالوا: لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم، {وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم ليحاجوكم به عند ربكم} أي تقرون بأنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا، اجحدوه ولا تقروا به. يقول اللّه تعالى: {أولا يعلمون أن اللّه يعلم ما يسرون وما يعلنون}؟ وقال الضحاك: يعني المنافقين من اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم قالوا آمنا، وقال السدي: هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا. وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة نحن مسلمون، ليعلموا خبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأمره، فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر، فلما أخبر اللّه نبيّه صلى اللّه عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون، وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون فيقولون: أليس قد قال اللّه لكم كذا وكذا، فيقولون: بلى. قال أبو العالية {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} يعني بما أنزل عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم، وقال قتادة: {أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم ليحاجوكم به عند ربكم} كانوا يقولون سيكون نبيّ فخلا بعضهم ببعض فقالوا: {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} وعن مجاهد في قوله تعالى: {أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم} قال: قام النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم، فقال: يا إخوان القردة والخنازير، ويا عبدة الطاغوت فقالوا من أخبر بهذا الأمر محمداً؟ ما خرج هذا القول إلا منكم {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} بما حكم اللّه للفتح ليكون لهم حجة عليكم. وقال الحسن البصري: هؤلاء اليهود كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قال بعضهم: لا تحدِّثوا أصحاب محمد بما فتح اللّه عليكم، مما في كتابكم ليحاجوكم به عند ربكم فيخصموكم. وقوله تعالى: {أولا يعلمون أن اللّه يعلم ما يسرون وما يعلنون} يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوباً عندهم. وقال الحسن: {إن اللّه يعلم ما يسرون} كان ما أسروا أنهم كانوا إذا تولوا عن أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم وخلا بعضهم إلى بعض، تناهوا أن يخبر أحد منهم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم بما فتح اللّه عليهم مما في كتابهم، خشية أن يحاجّهم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم بما في كتابهم عند ربهم {وما يعلنون} يعني حين قالوا لأصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم آمنا.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি