نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأنعام آية 24
انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ

التفسير الميسر تأمل -أيها الرسول- كيف كذب هؤلاء المشركون على أنفسهم وهم في الآخرة قد تبرؤوا من الشرك؟ وذهب وغاب عنهم ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم.

تفسير الجلالين
24 - قال تعالى: (انظر) يا محمد (كيف كذبوا على أنفسهم) بنفي الشرك عنهم (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترونـ) ـه على الله من شركاء

تفسير القرطبي
قوله تعالى {انظر كيف كذبوا على أنفسهم} كذب المشركين قولهم : إن عبادة الأصنام تقربنا إلى الله زلفى، بل ظنوا ذلك وظنهم الخطأ لا يعذرهم ولا يزيل اسم الكذب عنهم، وكذب المنافقين باعتذارهم بالباطل، وجحدهم نفاقهم.
{وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي فانظر كيف ضل عنهم افتراؤهم أي تلاشى وبطل ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم.
وقيل : {وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي فارقهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلم يغن عنهم شيئا؛ عن الحسن.
وقيل : المعنى عزب عنهم افتراؤهم لدَهَشهم، وذهول عقولهم.
والنظر في قوله : {انظر} يراد به نظر الاعتبار؛ ثم قيل {كذبوا} بمعنى يكذبون، فعبر عن المستقبل بالماضي؛ وجاز أن يكذبوا في الآخرة لأنه موضع دهش وحيرة وذهول عقل.
وقيل : لا يجوز أن يقع منهم كذب في الآخرة؛ لأنها دار جزاء على ما كان في الدنيا - وعلى ذلك أكثر أهل النظر - وإنما ذلك في الدنيا؛ فمعنى {والله ربنا ما كنا مشركين} على هذا : ما كنا مشركين عند أنفسنا؛ وعلى جواز أن يكذبوا في الآخرة يعارضه قوله : {ولا يكتمون الله حديثا}؛ ولا معارضة ولا تناقض؛ لا يكتمون الله حديثا في بعض المواطن إذا شهدت عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بعملهم، ويكذبون على أنفسهم في بعض المواطن قبل شهادة الجوارح على ما تقدم.
والله أعلم.
وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى {والله ربنا ما كنا مشركين} قال : اعتذروا وحلفوا؛ وكذلك قال ابن أبي نجيح وقتادة : وروي عن مجاهد أنه قال : لما رأوا أن الذنوب تغفر إلا الشرك بالله والناس يخرجون من النار قالوا {والله ربنا ما كنا مشركين} وقيل {والله ربنا ما كنا مشركين} أي علمنا أن الأحجار لا تضر ولا تنفع، وهذا وإن كان صحيحا من القول فقد صدقوا ولم يكتموا، ولكن لا يعذرون بهذا؛ فإن المعاند كافر غير معذور.
ثم قيل في قوله {ثم لم تكن فتنتهم} خمس قراءات : قرأ حمزة والكسائي {يكن} بالياء {فتنتهم} بالنصب خبر {يكن} {إلا أن قالوا} اسمها أي إلا قولهم؛ فهذه قراءة بينة.
وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو {تكن} بالتاء {فتنتهم} بالنصب {إلا أن قالوا} أي إلا مقالتهم.
وقرأ أبي وابن مسعود وما كان - بدل قوله {ثم لم تكن} - {فتنتهم إلا أن قالوا}.
وقرأ ابن عامر وعاصم من رواية حفص، والأعمش من رواية المفضل، والحسن وقتادة وغيرهم {ثم لم تكن} بالتاء {فتنتهم} بالرفع اسم {تكن} والخبر {إلا أن قالوا} فهذه أربع قراءات.
الخامسة : {ثم لم يكن} بالياء {فتنتهم}؛ رفع ويذكر الفتنة لأنها بمعنى الفتون، ومثله {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى} [البقرة : 275].
{والله} الواو واو القسم {ربنا} نعت لله عز وجل، أو بدل.
ومن نصب فعلى النداء أي يا ربنا وهي قراءة حسنة؛ لأن فيها معنى الاستكانة والتضرع، إلا أنه فصل بين القسم وجوابه بالمنادى.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن المشركين {يوم نحشرهم جميعاً} يوم القيامة فيسألهم عن الأصنام والأنداد التي كانوا يعبدونها من دونه، قائلاً لهم: {أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون}، كقوله تعالى في سورة القصص: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون}، وقوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم} أي حجتهم إلا أن قالوا {واللّه ربنا ما كنا مشركين}، قال ابن عباس: أي حجتهم، وقال عطاء عنه: أي معذرتهم، وكذا قال قتادة، وقال عطاء الخراساني: {ثم لم تكن فتنتهم} بليتهم حين ابتلوا {إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين}، وقال ابن جرير: والصواب: ثم لم يكن قيلهم ""هذا القول الذي اختاره ابن جرير هو رواية ابن جرير عن ابن عباس ""عند فتنتنا إياهم اعتذاراً عما سلف منهم من الشرك بالله {إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين}، وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتاه رجل، فقال: يا ابن عباس سمعت اللّه يقول: {والله ربنا ما كنا مشركين} قال: أما قوله: {واللّه ربنا ما كنا مشركين} فإنهم رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الصلاة، فقالوا: تعالوا فلنجحد فيجحدون، فيختم الله على أفواههم، وتشهد أيديهم وأرجلهم، ولا يكتمون الله حديثاً، فهل في قلبك الآن شيء؟ إنه ليس من القرآن شيء إلا ونزل فيه شيء، ولكن لا تعلمون وجهه، ولهذا قال في حق هؤلاء: {انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون}، كقوله: {ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا} الآية، وقوله: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وأن يروا كل آية لا يؤمنوا بها}: أي يجيئون ليستمعوا قراءتك ولا تجزي عنهم شيئاً لأن الله {جعل على قلوبهم أكنة} أي أغطية لئلا يفقهوا القرآن، {وفي آذانهم وقراً} أي صمماً عن السماع النافع لهم، كما قال تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} الآية. وقوله تعالى: {وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها} أي مهما رأوا من الآيات والدلالات والحجج البينات والبراهين لا يؤمنوا بها، فلا فهم عندهم ولا إنصاف، كقوله تعالى: {ولو علم اللّه فيهم خيراً لأسمعهم} الآية، وقوله تعالى: {حتى إذا جاءوك يجادلونك} أي يحاجونك ويناظرونك في الحق بالباطل، {يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين} أي ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذ من كتب الأوائل ومنقول عنهم ""قال السهيلي: حيثما جاء في القرآن ذكر أساطير الأولين، فإن قائلها هو النضر بن الحارث بن كلدة، وكان قد دخل بلاد فارس وتعلم أخبار سبندياذ رستم الشيذ، ونحوها، فكان يقول: أنا أحدثكم بأحسن مما يحدثكم به محمد، ويقول في القرآن: أساطير الأولين: ليزهد الناس فيها، وفيه نزل: {ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه} وقتله النبي صبراً يوم أُحُد. وقوله: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} في معنى ينهون عنه قولان، أحدهما : أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق وتصديق الرسول والانقياد للقرآن {وينأون عنه} أي ويبعدون هم عنه فيجمعون بين الفعلين القبيحين لا ينتفعون ولا يدعون أحداً ينتفع. قال ابن عباس: {وهم ينهون عنه} يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به. وقال محمد بن الحنفيه: كان كفار قريش لا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم وينهون عنه، وهذا القول أظهر وهو اختيار ابن جرير. والقول الثاني : رواه سفيان الثوري عن ابن عباس قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذى، وقال سعيد بن أبي هلال: نزلت في عمومة النبي وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر ""رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال""وقال محمد بن كعب القرظي: {وهم ينهون عنه} أي ينهون الناس عن قتله. وقوله: {وينأون عنه} أي يتباعدون منه، {وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون} أي وما يهلكون بهذا الصنيع ولا يعود وباله إلا عليهم وهم لا يشعرون.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি