نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأنعام آية 2
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا ۖ وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ۖ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ

التفسير الميسر هو الذي خلق أباكم آدم من طين وأنتم سلالة منه، ثم كتب مدة بقائكم في هذه الحياة الدنيا، وكتب أجلا آخر محدَّدًا لا يعلمه إلا هو جل وعلا وهو يوم القيامة، ثم أنتم بعد هذا تشكُّون في قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت.

تفسير الجلالين
2 - (هو الذي خلقكم من طين) بخلق أبيكم آدم منه (ثم قضى أجلا) لكم تموتون عند انتهائه (وأجل مسمى) مضروب (عنده) لبعثكم (ثم أنتم) أيها الكفار (تمترون) تشكون في البعث بعد علمكم أنه ابتدأ خلقكم ومن قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر

تفسير القرطبي
قوله تعالى {هو الذي خلقكم من طين} الآية خبر وفي معناه قولان : أحدهما : وهو الأشهر وعليه من الخلق الأكثر أن المراد آدم عليه السلام والخلق نسله والفرع يضاف إلى أصله فلذلك قال {خلقكم} بالجمع فأخرجه مخرج الخطاب لهم إذ كانوا ولده؛ هذا قول الحسن وقتادة وابن أبي نجيح والسدي والضحاك وابن زيد وغيرهم الثاني : أن تكون النطفة خلقها الله من طين على الحقيقة ثم قلبها حتى كان الإنسان منها ذكره النحاس.
قلت : وبالجملة فلما ذكر جل وعز خلق العالم الكبير ذكر بعده خلق العالم الصغير وهو الإنسان وجعل فيه ما في العالم الكبير على ما بيناه في البقرة في آية التوحيد والله أعلم والحمد لله وقد روى أبو نعيم الحافظ في كتابه عن مرة عن ابن مسعود أن الملك الموكل بالرحم يأخذ النطفة فيضعها على كفه ثم يقول : يا رب مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال مخلقة قال : يا رب ما الرزق ما الأثر ما الأجل؟ فيقول : انظر في أم الكتاب فينظر في اللوح المحفوظ فيجد فيه رزقه وأثره وأجله وعمله ويأخذ التراب الذي يدفن في بقعته ويعجن به نطفته فذلك قوله تعالى {منها خلقناكم وفيها نعيدكم} [طه : 55].
وخرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما من مولود إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته}.
قلت : وعلى هذا يكون كله إنسان مخلوقا من طين وماء مهين كما أخبر جل وعز في سورة المؤمنون فتنتظم الآيات والأحاديث ويرتفع الإشكال والتعارض والله أعلم وأما الإخبار عن خلق آدم عليه السلام فقد تقدم في البقرة ذكره واشتقاقه ونزيد هنا طرفا من ذلك ونعته وسنه ووفاته ذكر ابن سعد في الطبقات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الناس ولد آدم وآدم من التراب) وعن سعيد بن جبير قال : خلق الله آدم عليه السلام من أرض يقال لها دجناء قال الحسن : وخلق جؤجؤه من ضرية قال الجوهري : ضرية قرية لبني كلاب على طريق البصرة وهي إلى مكة أقرب وعن ابن مسعود قال : إن الله تعالى بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض من عذبها ومالحها فخلق منه آدم عليه السلام فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى الجنة وإن كان ابن كافر وكل شيء خلقه من مالحها فهو صائر إلى النار وإن كان ابن تقي فمن ثم قال إبليس {أأسجد لمن خلقت طينا} [الإسراء : 61] لأنه جاء بالطينة فسمي آدم؛ لأنه خلق من أديم الأرض وعن عبدالله بن سلام قال (خلق الله آدم في آخر يوم الجمعة) وعن ابن عباس قال (لما خلق الله آدم كان رأسه يمس السماء قال فوطده إلى الأرض حتى صار ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا) وعن أبي بن كعب قال : (كان آدم عليه السلام طوالا جعدا كأنه نخلة سحوق) وعن ابن عباس في حديث فيه طول (وحج آدم عليه السلام من الهند إلى مكة أربعين حجة على رجليه وكان آدم حين أهبط تمسح رأسه السماء فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع ونفرت من طول دواب البر فصارت وحشا من يومئذ ولم يمت حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا وتوفي على ذروة الجبل الذي أنزل عليه فقال شيث لجبريل عليهما السلام (صل على آدم) فقال له جبريل عليه السلام : (تقدم أنت فصل على أبيك وكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأما خمس فهي الصلاة وخمس وعشرون تفضيلا لآدم).
وقيل : كبر عليه أربعا فجعل بنو شيث آدم في مغارة وجعلوا عليها حافظا لا يقربه أحد من بني قابيل وكان الذين يأتونه ويستغفرون له بنو شيث وكان عمر آدم تسعمائة سنة وستا وثلاثين سنة.
ويقال : هل في الآية دليل على أن الجواهر من جنس واحد؟ الجواب نعم لأنه إذا جاز أن ينقلب الطين إنسانا حيا قادرا عليما جاز أن ينقلب إلى كل حال من أحوال الجواهر لتسوية العقل بين ذلك في الحكم وقد صح انقلاب الجماد إلى الحيوان بدلالة هذه الآية.
قوله تعالى {ثم قضى أجلا} مفعول.
{وأجل مسمى عنده} ابتداء وخبر قال الضحاك {أجلا} في الموت {وأجل مسمى عنده} أجل القيامة فالمعنى على هذا : حكم أجلا وأعلمكم أنكم تقيمون إلى الموت ولم يعلمكم بأجل القيامة.
وقال الحسن ومجاهد وعكرمة وخصيف وقتادة وهذا لفظ الحسن : قضى أجل الدنيا من يوم خلقك إلى أن تموت {وأجل مسمى عنده} يعني الآخرة.
وقيل {قضى أجلا} ما أعلمناه من أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم (وأجل مسمى) من الآخرة وقيل {قضى أجلا} مما نعرفه من أوقات الأهلة والزرع وما أشبههما {وأجل مسمى} أجل الموت لا يعلم الإنسان متى يموت وقال ابن عباس ومجاهد : معنى الآية {قضى أجلا} بقضاء الدنيا، {وأجل مسمى عنده} لابتداء الآخرة.
وقيل : الأول قبض الأرواح في النوم والثاني قبض الروح عند الموت عن ابن عباس أيضا.
قوله تعالى {ثم أنتم تمترون} ابتداء وخبر أي تشكون في أنه إله واحد وقيل : تمارون في ذلك أي تجادلون جدال الشاكين والتماري المجادلة على مذهب الشك ومنه قوله تعالى{أفتمارونه على ما يرى} [النجم : 12].

تفسير ابن كثير يقول الله تعالى مادحا نفسه الكريمة، حامداً لها على خلقه السموات والأرض قراراً لعباده، وجعل الظلمات والنور منفعة لعباده في ليلهم ونهارهم، فجمع لفظ الظلمات؛ ووحد لفظ النور لكونه أشرف، كقوله تعالى: {عن اليمين والشمائل}، وكما قال في آخر السورة: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، ثم قال تعالى: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} أي ومع هذا كله كفر به بعض عباده، وجعلوا له شريكاً وعدلاً، واتخذوا له صاحبة وولداً، تعالى الله عزَّ وجلَّ عن ذلك علواً كبيراً، وقوله تعالى: {هو الذي خلقكم من طين} يعني أباهم آدم الذي هو أصلهم، ومنه خرجوا فانتشروا في المشارق والمغارب، وقوله: {ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده} قال ابن عباس: {ثم قضى أجلاً} يعني الموت، {وأجل مسمى عنده} يعني الآخرة وهو مروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وغيرهم وقال الحسن في رواية عنه: {ثم قضى أجلاً} وهو ما بين أن يخلق إلى أن يموت {وأجل مسمى عنده} وهو ما بين أن يموت إلى أن يبعث وهو يرجع إلى ما تقدم، وهو تقدير الأجل الخاص، وهو عمر كل إنسان، وتقدير الأجل العام وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها وانتقالها والمصير إلى الدار الآخرة، وعن ابن عباس ومجاهد: {ثم قضى أجلاً} يعني مدة الدنيا {وأجل مسمى عنده} يعني عمر الإنسان إلى حين موته، وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} الآية. ومعنى قوله: {عنده} أي لا يعلمه إلا هو، كقوله: {إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}، وكقوله: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها}، وقوله تعالى: {ثم أنتم تمترون}، قال السدي وغيره: يعني تشكون في أمر الساعة. وقوله تعالى: {وهو اللّه في السموات في الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية القائلين -تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً - بأنه في كل مكان حيث حملوا الآية على ذلك، فالأصح من الأقوال: أنه المدعو اللّه في السموات وفي الأرض: أي يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات والأرض، ويسمونه اللّه، ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} أي هو إله من في السماء وإله من في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله: {يعلم سركم وجهركم} خبراً أو حالاً والقول الثاني : أن المراد أنه اللّه الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض من سر وجهر، فيكون قوله (يعلم) متعلقاً بقوله: {في السموات وفي الأرض} تقديره: وهو اللّه يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون، والقول الثالث : أن قوله {وهو اللّه في السموات} وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال: {وفي الأرض يعلم سركم وجهركم} وهذا اختيار ابن جرير، وقوله: {ويعلم ما تكسبون} أي جميع أعمالكم خيرها وشرها.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি