نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البقرة آية 65
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ

التفسير الميسر ولقد علمتم -يا معشر اليهود- ما حلَّ من البأس بأسلافكم من أهل القرية التي عصت الله، فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت، فاحتالوا لاصطياد السمك في يوم السبت، بوضع الشِّباك وحفر البِرَك، ثم اصطادوا السمك يوم الأحد حيلة إلى المحرم، فلما فعلوا ذلك، مسخهم الله قردة منبوذين.

تفسير الجلالين
65 - (ولقد) لام قسم (علمتم) عرفتم (الذين اعتدوا) تجاوزوا الحد (منكم في السبت) بصيد السمك وقد نهيناهم عنه وهم أهل إيلة (فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) مبعدين فكانوا وهلكوا بعد ثلاثة أيام

تفسير القرطبي
قوله تعالى‏{‏وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور‏}‏ هذه الآية تفسر معنى قوله تعالى‏{‏وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة‏}‏الأعراف‏:‏ 171‏]‏‏.
‏ قال أبو عبيدة‏:‏ المعنى زعزعناه فاستخرجناه من مكانه‏.
‏ قال‏:‏ وكل شيء قلعته فرميت به فقد نتقته‏.
‏ وقيل‏:‏ نتقناه رفعناه‏.
‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ الناتق الرافع، والناتق الباسط، والناتق الفاتق‏.
‏ وامرأة ناتق ومنتاق‏:‏ كثيرة الولد‏.
‏ وقال القتبي‏:‏ أخذ ذلك من نتق السقاء، وهو نفضه حتى تقتلع الزبدة منه‏.
‏ قال وقوله‏{‏وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة‏}‏ قال‏:‏ قلع من أصله‏.
‏ واختلف في الطور، فقيل‏:‏ الطور اسم للجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام وأنزل عليه فيه التوراة دون غيره، رواه ابن جريج عن ابن عباس‏.
‏ و روى الضحاك عنه أن الطور ما أنبت من الجبال خاصة دون ما لم ينبت‏.
‏ وقال مجاهد وقتادة‏:‏ أي جبل كان‏.
‏ إلا أن مجاهدا قال‏:‏ هو اسم لكل جبل بالسريانية، وقال أبو العالية‏.
‏ وقد مضى الكلام هل وقع في القرآن ألفاظ مفردة غير معربة من غير كلام في مقدمة الكتاب‏.
‏ والحمد لله‏.
‏ وزعم البكري أنه سمي بطور بن إسماعيل عليه السلام، والله تعالى أعلم‏.
‏ القول في سبب رفع الطور وذلك أن موسى عليه السلام لما جاء بني إسرائيل من عند الله بالألواح فيها التوراة قال لهم‏:‏ خذوها والتزموها‏.
‏ فقالوا‏:‏ لا‏!‏ إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك‏.
‏ فصعقوا ثم أحيوا‏.
‏ فقال لهم‏:‏ خذوها‏.
‏ فقالوا لا، فأمر الله الملائكة فاقتلعت جبلا من جبال فلسطين طوله فرسخ في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظلة، وأتوا ببحر من خلفهم، ونار من قبل وجوههم، وقيل لهم‏:‏ خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها، وإلا سقط عليكم الجبل‏.
‏ فسجدوا توبة الله وأخذوا التوراة بالميثاق‏.
‏ قال الطبري عن بعض العلماء‏:‏ لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق‏.
‏ وكان سجودهم على شق، لأنهم كانوا يرقبون الجبل خوفا، فلما رحمهم الله قالوا‏:‏ لا سجدة أفضل من سجدة تقبلها الله ورحم بها عباده، فأمروا سجودهم على شق واحد‏.
‏ قال ابن عطية‏:‏ والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم لا أنهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة بذلك‏.
‏ قوله تعالى‏{‏خذوا‏}‏ أي فقلنا خذوا، فحذف‏.
‏ ‏{‏ما آتيناكم‏}‏ أعطيناكم‏.
‏ ‏{‏بقوة‏}‏ أي بجد واجتهاد، قال ابن عباس وقتادة والسدي‏.
‏ وقيل‏:‏ بنية وإخلاص‏.
‏ مجاهد‏:‏ القوة العمل بما فيه‏.
‏ وقيل‏:‏ بقوة، بكثرة درس‏.
‏ ‏{‏واذكروا ما فيه‏{‏ أي تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده، ولا تنسوه ولا تضيعوه‏.
‏ قلت‏:‏ هذا هو المقصود من الكتب، العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان وترتيلها، فإن ذلك نبذ لها، على ما قاله الشعبي وابن عيينة، وسيأتي قولهما عند قوله تعالى‏{‏نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب‏}‏البقرة‏:‏ 101]‏‏.
‏ وقد ‏"‏روى النسائي عن أبي سعيد الخدري‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن من شر الناس وجلا فاسقا يقرأ القرآن لا يرعوي إلى شيء منه‏)‏‏.
‏ فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود العمل كما بينا‏.
‏ وقال مالك‏:‏ قد يقرأ القرآن من لا خير فيه‏.
‏ فما لزم إذا من قبلنا وأخذ عليهم لازم لنا وواجب علينا‏.
‏ قال الله تعالى‏{‏واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم‏}‏الزمر‏:‏ 55‏]‏ فأمرنا باتباع كتابه والعمل بمقتضاه، لكن تركنا ذلك، كما تركت اليهود والنصارى، وبقيت أشخاص الكتب والمصاحف لا تفيد شيئا، لغلبة الجهل وطلب الرياسة واتباع الأهواء‏.
‏ ‏"‏روى الترمذي عن جبير‏"‏ بن نفير عن أبي الدرداء قال‏:‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فشخص ببصره إلى السماء ثم قال‏:‏ ‏(‏هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء‏)‏‏.
‏ فقال زياد بن لبيد الأنصاري‏:‏ كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن‏!‏ فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا‏.
‏ فقال‏:‏ ‏(‏ثكلتك أمك يا زياد أن كنت لأعدك من فقهاء المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم‏)‏ وذكر الحديث، وسيأتي‏.
‏‏"‏ وخرجه النسائي‏"‏ من حديث جبير بن نفير أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي من طريق صحيحة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزياد‏:‏ ‏(‏ثكلتك أمك يا زياد هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى‏)‏‏.
‏‏"‏ وفي الموطأ‏"‏ عن عبدا لله بن مسعود قال لإنسان‏{‏إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون الصلاة ويقصرون فيه الخطبة، يبدؤون فيه أعمالهم قبل أهوائهم‏.
‏ وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدؤون فيه أهواءهم قبل أعمالهم‏.
‏ وهذه نصوص تدل على ما ذكرنا‏.
‏ وقد قال يحيى‏:‏ سألت ابن نافع عن قوله‏.
‏ يبدؤون أهواءهم قبل أعمالهم‏؟‏ قال يقول‏:‏ يتبعون أهواءهم ويتركون العمل بالذي افترض عليهم‏.
‏ قوله تعالى‏{‏لعلكم تتقون‏}‏ وتقدم القول في معناه فلا معنى لإعادته‏.
وقوله تعالى:{ثم توليتم } تولى تفعل، وأصله الإعراض والإدبار عن الشيء بالجسم، ثم ا ستعمل في الإعراض عن الأوامر والأديان والمعتقدات اتساعا ومجازا.
وقوله تعالى{من بعد ذلك} أي من بعد البرهان، وهو أخذ الميثاق ورفع الجبل.
قوله تعالى{فلولا فضل الله عليكم} {فضل} مرفوع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف لا يجوز إظهاره، لأن العرب استغنت عن إظهاره، إلا أنهم إذا أرادوا إظهاره جاؤوا بأن، فإذا جاؤوا بها لم يحذفوا الخبر.
والقدير فلولا فضل الله تدارككم.
قوله تعالى{ورحمته} عطف على {فضل} أي لطفه وإمهاله.
{لكنتم} جواب {لولا} {من الخاسرين} خبر كنتم.
والخسران : النقصان، وقد تقدم.
وقيل : فضله قبول التوبة، و{رحمته} العفو.
والفضل : الزيادة على ما وجب.
والإفضال : فعل ما لم يجب.
قال ابن فارس في المجمل : الفضل الزيادة والخير، والإفضال : الإحسان.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {ولقد علمتم} يا معشر اليهود ما أحل من البأس بأهل القرية، التي عصت أمر اللّه وخالفوا عهده وميثاقه، فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره، إذا كان مشروعاً لهم فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا لها من الحبائل والبرك قبل يوم السبت، فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل فلم تخلص منها يومها ذلك فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت، فلما فعلوا ذلك مسخهم اللّه إلى صورة القردة وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر وليست بإنسان حقيقة، فكذلك أعمال هؤلاء وحيلتهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن، كان جزاؤهم من جنس عملهم. وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف حيث يقول تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون} القصة بكمالها. وقال السدي: أهل هذه القرية هم أهل أيلة، وقوله تعالى: {فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} قال مجاهد: مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة، وإنما هو مَثَلٌ ضربه اللّه {كمثل الحمار يحمل أسفاراً} وهذا سند جيّد عن مجاهد، وقولٌ غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام، وفي غيره قال اللّه تعالى: {قل هل أنبئكم بشرٍّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت} الآية، وقال ابن عباس {فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين}: فجعل اللّه منهم القردة والخنازير، فزعم أن شباب القوم صاروا قردة وأن الشيخة صاروا خنازير. وقال شيبان عن قتادة {فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} فصار القوم قردة تعاوى، لها أذناب بعدما كانوا رجالاً ونساء، وقال عطاء الخُراساني: نودوا يا أهل القرية {كونوا قردة خاسئين} فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون يا فُلان، يا فلان ألم ننهكم؟ فيقولون برءوسهم أي بلى، وقال الضحّاك عن ابن عباس: فمسخهم اللّه قردة بمعصيتهم، يقول: إذ لا يحيون في الأرض إلا ثلاثة أيام، قال: ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل، وقد خلق اللّه القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكرها اللّه في كتابه، فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردة وكذلك يفعل بمن يشاء، ويحوله كما يشاء {خاسئين} يعني أذلة صاغرين. وقال السُّدي في قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} قال: هم أهل أيلة؛ وهي القرية التي كانت حاضرة البحر، فكانت الحِيتان إذا كان يوم السبت، وقد حرّم اللّه على اليهود أن يعملوا في السبت شيئاً، لم يبق في البحر حوت إلا خرج حتى يخرجن خراطيمهن من الماء، فإذا كان يوم الأحد لَزِمْنَ سُفْلَ البحر فلم ير منهن شيء حتى يكون السبت فذلك قوله تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم} فاشتهى بعضهم السمك فجعل الرجُل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهراً إلى البحر، فإذا كان يوم السبت فتح النهر، فاقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة، فيريد الحوت أن يخرج فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر فيمكث فيها، فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه فجعل الرجُل يشوي السمك فيجد جاره روائحه فيسأله فيخبره فيصنع مثل ما صنع جاره حتى فشا فيهم أكل السمك، فقال لهم علماؤهم: ويحكم إنما تصطادون يوم السبت وهو لا يحلّ لكم، فقالوا: إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه، فقال الفقهاء: لا، ولكنكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل، قال: وغلبوا أن ينتهوا، فقال بعض الذين نهوهم لبعض: {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} يقول: لم تعظوهم وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم، فقال بعضهم: {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتَّقون}، فلما أبَوْا قال المسلمون واللّه لا نساكنكم في قرية واحدة، فقسموا القرية بجدار ففتح المسلمون باباً والمعتدون في السبت باباً ولعنهم داود عليه السلام، فجعل المسلمون يخرجون من بابهم، والكُفّار من بابهم، فخرج المسلمون ذات يوم ولم يفتح الكفّار بابهم، فلما أبطئوا عليهم تسوَّر المسلمون عليهم الحائط، فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض ففتحوا عنهم فذهبوا في الأرض، فذلك قول اللّه تعالى: {فلما عتوا عمّا نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين}، وذلك حين يقول: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم} الآية فهم القردة، قلت والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد رحمه اللّه من أن مسخهم إنما كان معنويا لا صوريا، بل الصحيح أنه معنوي صوري واللّه تعالى أعلم. وقوله تعالى: {فجعلناها نكالاً} قال بعضهم: الضمير في فجعلناها عائد إلى القردة، وقيل على الحيتان ، وقيل على العقوبة، وقيل على القرية حكاها ابن جرير. والصحيح أن الضمير عائد على القرية، أي فجعل اللّه هذه القرية والمراد أهلها بسبب اعتدائهم في سبتهم نكالا أي عاقبناهم عقوبة فجعلناها عبرة كما قال اللّه عن فرعون: {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} وقوله تعالى: {لما بين يديها وما خلفها} أي من القرى، قال ابن عباس: يعني جعلناها بما أحللنا بها من العقوبة عبرةً لما حولها من القرى كما قال تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون}، فالمراد لما بين يديها وما خلفها في المكان، كما قال عكرمة عن ابن عباس: ""لما بين يديها""من القرى ""وما خلفها""من القرى، وقال أبو العالية: ""وما خلفها""لما بقي بعدهم من الناس من بني إسرائيل أن يعملوا مثل عملهم، وكأن هؤلاء يقولون المراد {لما بين يديها وما خلفها} في الزمان، وهذا مستقيم بالنسبة إلى ما يأتي بعدهم من الناس أن تكون أهل تلك القرية عبرة لهم، وأما بالنسبة إلى من سلف قبلهم من الناس، فكيف يصح هذا الكلام أن تفسر الآية به وهو أن يكون عبرة لمن سبقهم؟ فتعيَّن أن المراد في المكان وهو ما حولها من القرى كما قال ابن عباس وسعيد بن جبير واللّه أعلم. وقال أبو جعفر الرازي عن أبي العالية: {فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها} أي عقوبة لما خلا من ذنوبهم، وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة ومجاهد: {لما بين يديها} من ذنوب القوم {وما خلفها} لمن يعمل بعدها مثل تلك الذنوب، وحكى الرازي ثلاثة أقوال أحدها: أن المراد بما بين يديها وما خلفها من تقدمها من القرى بما عندهم من العلم بخبرها بالكتب المتقدمة ومن بعدها. والثاني: المراد بذلك من بحضرتها من القرى والأمم. والثالث: أنه تعالى جعلها عقوبة لجميع ما ارتكبوه من قبل هذا الفعل وما بعده وهو قول الحسن. ""قلت""وأرجح الأقوال المراد بما بين يديها وما خلفها من بحضرتها من القرى يبلغهم خبرها وما حل بها كما قال تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى} الآية، وقال تعالى: {ولا يزال الذي كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} الآية، وقال تعالى: {أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} فجعلهم عبرة ونكالاً لمن في زمانهم وموعظة لمن يأتي بعدهم بالخبر المتواتر عنهم، ولهذا قال: {وموعظة للمتقين} الذين من بعدهم إلى يوم القيامة، قال الحسن: فيتقون نقمة اللّه ويحذرونها، وقال السُّدي: {وموعظة للمتقين} أمّة محمد صلى اللَه عليه وسلم قلت المراد بالموعظة ههنا الزاجر، أي جعلنا ما أحللنا بهؤلاء من البأس والنكال في مقابلة ما ارتكبوه من محارم اللّه وما تحيلوا به من الحيل، فليحذر المتقون صنيعهم لئلا يصيبهم ما أصابهم كما روي عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم قال: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلّوا محارم اللّه بأدنى الحيل) ""أخرجه الإمام أوب عبد اللّه بن بطة وفي سنده ""أحمد بن محمد بن مسلم""وثقه الحافظ البغدادي وباقي رجاله مشهورون على شرط الصحيح""وهذا إسناد جيّد واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি