نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البقرة آية 64
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۖ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ

التفسير الميسر ثم خالفتم وعصيتم مرة أخرى، بعد أَخْذِ الميثاق ورَفْع الجبل كشأنكم دائمًا. فلولا فَضْلُ الله عليكم ورحمته بالتوبة، والتجاوز عن خطاياكم، لصرتم من الخاسرين في الدنيا والآخرة.

تفسير الجلالين
64 - (ثم توليتم) أعرضتم (من بعد ذلك) الميثاق عن الطاعة (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) لكم بالتوبة أو تأخير العذاب (لكنتم من الخاسرين) الهالكين

تفسير القرطبي
قوله تعالى{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور} هذه الآية تفسر معنى قوله تعالى{وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} [الأعراف:171].
قال أبو عبيدة : المعنى زعزعناه فاستخرجناه من مكانه.
قال : وكل شيء قلعته فرميت به فقد نتقته.
وقيل : نتقناه رفعناه.
قال ابن الأعرابي : الناتق الرافع، والناتق الباسط، والناتق الفاتق.
وامرأة ناتق ومنتاق : كثيرة الولد.
وقال القتبي : أخذ ذلك من نتق السقاء، وهو نفضه حتى تقتلع الزبدة منه.
قال وقوله{وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} قال : قلع من أصله.
واختلف في الطور، فقيل : الطور اسم للجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام وأنزل عليه فيه التوراة دون غيره، رواه ابن جريج عن ابن عباس.
و روى الضحاك عنه أن الطور ما أنبت من الجبال خاصة دون ما لم ينبت.
وقال مجاهد وقتادة : أي جبل كان.
إلا أن مجاهدا قال : هو اسم لكل جبل بالسريانية، وقال أبو العالية.
وقد مضى الكلام هل وقع في القرآن ألفاظ مفردة غير معربة من غير كلام في مقدمة الكتاب.
والحمد لله.
وزعم البكري أنه سمي بطور بن إسماعيل عليه السلام، والله تعالى أعلم.
القول في سبب رفع الطور وذلك أن موسى عليه السلام لما جاء بني إسرائيل من عند الله بالألواح فيها التوراة قال لهم : خذوها والتزموها.
فقالوا : لا! إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك.
فصعقوا ثم أحيوا.
فقال لهم : خذوها.
فقالوا لا، فأمر الله الملائكة فاقتلعت جبلا من جبال فلسطين طوله فرسخ في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظلة، وأتوا ببحر من خلفهم، ونار من قبل وجوههم، وقيل لهم : خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها، وإلا سقط عليكم الجبل.
فسجدوا توبة الله وأخذوا التوراة بالميثاق.
قال الطبري عن بعض العلماء : لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق.
وكان سجودهم على شق، لأنهم كانوا يرقبون الجبل خوفا، فلما رحمهم الله قالوا : لا سجدة أفضل من سجدة تقبلها الله ورحم بها عباده، فأمروا سجودهم على شق واحد.
قال ابن عطية : والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم لا أنهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة بذلك.
قوله تعالى{خذوا} أي فقلنا خذوا، فحذف.
{ما آتيناكم} أعطيناكم.
{بقوة} أي بجد واجتهاد، قال ابن عباس وقتادة والسدي.
وقيل : بنية وإخلاص.
مجاهد : القوة العمل بما فيه.
وقيل : بقوة، بكثرة درس.
{واذكروا ما فيه} أي تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده، ولا تنسوه ولا تضيعوه.
قلت : هذا هو المقصود من الكتب، العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان وترتيلها، فإن ذلك نبذ لها، على ما قاله الشعبي وابن عيينة، وسيأتي قولهما عند قوله تعالى{نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب} [البقرة:101].
وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن من شر الناس وجلا فاسقا يقرأ القرآن لا يرعوي إلى شيء منه).
فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود العمل كما بينا.
وقال مالك : قد يقرأ القرآن من لا خير فيه.
فما لزم إذا من قبلنا وأخذ عليهم لازم لنا وواجب علينا.
قال الله تعالى{واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} [الزمر:55] فأمرنا باتباع كتابه والعمل بمقتضاه، لكن تركنا ذلك، كما تركت اليهود والنصارى، وبقيت أشخاص الكتب والمصاحف لا تفيد شيئا، لغلبة الجهل وطلب الرياسة واتباع الأهواء.
روى الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : (هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء).
فقال زياد بن لبيد الأنصاري : كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن! فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا.
فقال : (ثكلتك أمك يا زياد أن كنت لأعدك من فقهاء المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم) وذكر الحديث، وسيأتي.
وخرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي من طريق صحيحة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزياد : (ثكلتك أمك يا زياد هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى).
وفي الموطأ عن عبدا لله بن مسعود قال لإنسان : إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون الصلاة ويقصرون فيه الخطبة، يبدؤون فيه أعمالهم قبل أهوائهم.
وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدؤون فيه أهواءهم قبل أعمالهم.
وهذه نصوص تدل على ما ذكرنا.
وقد قال يحيى : سألت ابن نافع عن قوله.
يبدؤون أهواءهم قبل أعمالهم؟ قال يقول : يتبعون أهواءهم ويتركون العمل بالذي افترض عليهم.
قوله تعالى{لعلكم تتقون} وتقدم القول في معناه فلا معنى لإعادته.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مذكِّراً بني إسرائيل ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق، بالإيمان وحده لا شريك له، واتباع رسله، وأخبر تعالى أنه لما أخذ عليهم الميثاق رفع الجبل فوق رءوسهم، ليقروا بما عوهدوا عليه يأخذوه بقوة وحزم وامتثال كما قال تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون} فالطور هو الجبل كما فسَّره به في الأعراف، وقال السدي: فلما أبوا أن يسجدوا أمر اللّه الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه وقد غشيهم، فسقطوا سجداً فسجدوا على شق ونظروا بالشق الآخر، فرحمهم اللّه فكشفه عنهم فقالوا: واللّه ما سجدة أحب إلى اللّه من سجدة كشف بها العذاب عنهم فهم يسجدون كذلك، وذلك قول اللّه تعالى: {ورفعنا فوقكم الطُّور}، {خذوا ما آتيناكم بقوة}، يعني التوراة، قال أبو العالية: بقوة أي بطاعة، وقال مجاهد: بقوة بعملٍ بما فيه، وقال قتادة: القوة: الجد وإلا قذفته عليكم، قال: فأقروا أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة، ومعنى قوله وإلا قذفته عليكم أي أسقطته عليكم، يعني الجبل، {واذكروا ما فيه} يقول: اقرءوا ما في التوراة واعملوا به. وقوله تعالى: {ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل اللّه} يقول تعالى ثم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم، توليتم عنه وانثنيتم ونقضتموه {فلولا فضل الله عليكم ورحمته} أي بتوبته عليكم وإرساله النبيين والمرسلين إليكم {لكنتم من الخاسرين} بنقضكم ذلك الميثاق في الدنيا والآخرة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি