نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المائدة آية 4
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

التفسير الميسر يسألك أصحابك -أيها النبي-: ماذا أُحِلَّ لهم أَكْلُه؟ قل لهم: أُحِلَّ لكم الطيبات وصيدُ ما دَرَّبتموه من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها مما يُعَلَّم، تعلمونهن طلب الصيد لكم، مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن لكم، واذكروا اسم الله عند إرسالها للصيد، وخافوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه. إن الله سريع الحساب.

تفسير الجلالين
4 - (يسألونك) يا محمد (ماذا أحل لهم) من الطعام (قل أحل لكم الطيبات) المستلذات (و) صيد (ما علمتم من الجوارح) الكواسب من الكلاب والسباع والطير (مكلِّبين) حال من كلَّبْتُ الكلب بالتشديد أي أرسلته على الصيد (تعلمونهن) حال من ضمير مكلبين أي تؤدبونهن (مما علمكم الله) من آداب الصيد (فكلوا مما أمسكن عليكم) وإن قتلنه إن لم يأكلن منه بخلاف غير المعلمة فلا يحل صيدها وعلامتها أن تسترسل إذا أرسلت وتنزجر إذا زجرت وتمسك الصيد ولا تأكل منه وأقل ما يعرف به ثلاث مرات فإن أكلت منه فليس مما أمسكن على صاحبهن فلا يحل أكله كما في حديث الصحيحين وفيه أن صيد السهم إذا أرسل وذكر اسم الله عليه كصيد المعلم من الجوارح (واذكروا اسم الله عليه) عند إرساله (واتقوا الله إن الله سريع الحساب)

تفسير القرطبي
فيه تسع عشرة مسألة: الأولى: قوله تعالى {يسألونك} الآية نزلت بسبب عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير؛ قالا : يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإن الكلاب تأخذ البقر والحمر والظباء فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما تقتله فلا ندرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا ؟ فنزلت الآية.
الثانية: قوله تعالى {ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} {ما} في موضع رفع بالابتداء، والخبر {أحل لهم} و {ذا} زائدة، وإن شئت كانت بمعنى الذي، ويكون الخبر {قل أحل لكم الطيبات} وهو الحلال، وكل حرام فليس بطيب.
وقيل : ما التذه آكله وشاربه ولم يكن عليه فيه ضرر في الدنيا ولا في الآخرة.
وقيل : الطيبات الذبائح، لأنها طابت بالتذكية.
الثالثة عشرة: قوله تعالى {وما علمتم} أي وصيد ما علمتم؛ ففي الكلام إضمار لا بد منه، ولولاه لكان المعنى يقتضي أن يكون الحل المسئول عنه متناولا للمعلم من الجوارح المكلبين، وذلك ليس مذهبا لأحد؛ فإن الذي يبيح لحم الكلب فلا يخصص الإباحة بالمعلم؛ وسيأتي ما للعلماء في أكل الكلب في [الأنعام] إن شاء الله تعالى.
وقد ذكر بعض من صنف في أحكام القرآن أن الآية تدل على أن الإباحة تتناول ما علمناه من الجوارح، وهو ينتظم الكلب وسائر جوارح الطير، وذلك يوجب إباحة سائر وجوه الانتفاع، فدل على جواز بيع الكلب والجوارح والانتفاع بها بسائر وجوه المنافع إلا ما خصه الدليل، وهو الأكل من الجوارح أي الكواسب من الكلاب وسباع الطير؛ وكان لعدي كلاب خمسة قد سماها بأسماء أعلام، وكان أسماء أكلبه سلهب وغلاب والمختلس والمتناعس، قال السهيلي : وخامس أشك، قال فيه أخطب، أو قال فيه وثاب.
الرابعة: أجمعت الأمة على أن الكلب إذا لم يكن أسود وعلمه مسلم فينشلي إذا أُشلي ويجيب إذ دعي، وينزجر بعد ظفره بالصيد إذا زجر، وأن يكون لا يأكل من صيده الذي صاده، وأثر فيه بجرح أو تنييب، وصاد به مسلم وذكر اسم الله عند إرساله أن صيده صحيح يؤكل بلا خلاف؛ فإن انخرم شرط من هذه الشروط دخل الخلاف.
فإن كان الذي يصاد به غير كلب كالفهد وما أشبهه وكالبازي والصقر ونحوهما من الطير فجمهور الأمة على أن كل ما صاد بعد التعليم فهو جارح كاسب.
يقال : جرح فلان واجترح إذا اكتسب؛ ومنه الجارحة لأنها يكتسب بها، ومنه اجتراح السيئات.
وقال الأعشى : ذا جبار منضجا ميسمه ** يذكر الجارح ما كان اجترح وفي التنزيل {ويعلم ما جرحتم بالنهار} [الأنعام : 60] وقال {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} [الجاثية : 21].
الخامسة: قوله تعالى {مكلبين} معنى {مكلبين} أصحاب الكلاب وهو كالمؤدب صاحب التأديب.
وقيل : معناه مضرين على الصيد كما تضرّى الكلاب؛ قال الرماني : وكلا القولين محتمل.
وليس في {مكلبين} دليل على أنه إنما أبيح صيد الكلاب خاصة؛ لأنه بمنزلة قوله (مؤمنين) وإن كان قد تمسك به من قصر الإباحة على الكلاب خاصة.
روي عن ابن عمر فيما حكى ابن المنذر عنه قال : وأما ما يصاد به من البزاة وغيرها من الطير فما أدركت ذكاته فذكه فهو لك حلال، وإلا فلا تطعمه.
قال ابن المنذر : وسئل أبو جعفر عن البازي يحل صيده قال : لا؛ إلا أن تدرك ذكاته.
وقال الضحاك والسدي {وما علمتم من الجوارح مكلبين} هي الكلاب خاصة؛ فإن كان الكلب أسود بهيما فكره صيده الحسن وقتادة والنخعي.
وقال أحمد : ما أعرف أحدا يرخص فيه إذا كان بهيما؛ وبه قال إسحاق بن راهويه؛ فأما عوام أهل العلم بالمدينة والكوفة فيرون جواز صيد كل كلب معلم، أما من منع صيد الكلب الأسود فلقوله صلى الله عليه وسلم : (الكلب الأسود شيطان)، أخرجه مسلم.
احتج الجمهور بعموم الآية، واحتجوا أيضا في جواز صيد البازي بما ذكر من سبب النزول، وبما خرجه الترمذي عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي فقال : (ما أمسك عليك فكل).
في إسناده مجالد ولا يعرف إلا من جهته وهو ضعيف.
وبالمعنى وهو أن كل ما يتأتى من الكلب يتأتى من الفهد مثلا فلا فارق إلا فيما لا مدخل له في التأثير؛ وهذا هو القياس في معنى الأصل، كقياس السيف على المدية والأمة على العبد، وقد تقدم.
السادسة: وإذا تقرر هذا فاعلم أنه لا بد للصائد أن يقصد عند الإرسال التذكية والإباحة، وهذا لا يختلف فيه؛ لقوله عليه السلام : (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل) وهذا يقتضي النية والتسمية؛ فلو قصد مع ذلك اللهو فكرهه مالك وأجازه ابن عبدالحكم، وهو ظاهر قول الليث : ما رأيت حقا أشبه بباطل منه، يعني الصيد؛ فأما لو فعله بغير نية التذكية فهو حرام؛ لأنه من باب الفساد وإتلاف حيوان لغير منفعة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلا لمأكلة.
وقد ذهب الجمهور من العلماء إلى أن التسمية لا بد منها بالقول عند الإرسال؛ لقوله : (وذكرت اسم الله) فلو لم توجد على أي وجه كان لم يؤكل الصيد؛ وهو مذهب أهل الظاهر وجماعة أهل الحديث.
وذهبت جماعة من أصحابنا وغيرهم إلى أنه يجوز أكل ما صاده المسلم وذبحه وإن ترك التسمية عمدا؛ وحملوا الأمر بالتسمية على الندب.
وذهب مالك في المشهور إلى الفرق بين ترك التسمية عمدا أو سهوا فقال : لا تؤكل مع العمد وتؤكل مع السهو؛ وهو قول فقهاء الأمصار، وأحد قولي الشافعي، وستأتي هذه المسألة في الأنعام إن شاء الله تعالى.
ثم لا بد أن يكون انبعاث الكلب بإرسال من يد الصائد بحيث يكون زمامه بيده.
فيخلي عنه ويغريه عليه فينبعث، أو يكون الجارح ساكنا مع رؤيته الصيد فلا يتحرك له إلا بالإغراء من الصائد، فهذا بمنزلة ما زمامه بيده فأطلقه مغريا له على أحد القولين؛ فأما لو انبعث الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال ولا إغراء فلا يجوز صيده ولا يحل أكله عند الجمهور ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي؛ لأنه إنما صاد لنفسه من غير إرسال وأمسك عليها، ولا صنع للصائد فيه، فلا ينسب إرسال إليه؛ لأنه لا يصدق عليه قوله عليه السلام : (إذا أرسلت كلبك المعلم).
وقال عطاء بن أبي رباح والأوزاعي : يؤكل صيده إذا كان أخرجه للصيد.
السابعة: قرأ الجمهور{علمتم} بفتح العين واللام.
وابن عباس ومحمد بن الحنفية بضم العين وكسر اللام، أي من أمر الجوارح والصيد بها.
والجوارح الكواسب، وسميت أعضاء الإنسان جوارح لأنها تكسب وتتصرف.
وقيل : سميت جوارح لأنها تجرح وتسيل الدم، فهو مأخوذ من الجراح، وهذا ضعيف، وأهل اللغة على خلافه، وحكاه ابن المنذر عن قوم.
و{مكلبين} قراءة الجمهور بفتح الكاف وشد اللام، والمكلِّب معلم الكلاب ومضريها.
ويقال لمن يعلم غير الكلب : مكلِّب؛ لأنه يرد ذلك الحيوان كالكلب؛ حكاه بعضهم.
ويقال للصائد : مكلِّب فعلى هذا معناه صائدين.
وقيل : المكلب صاحب الكلاب، يقال : كلب فهو مكلب وكلَّاب.
وقرأ الحسن {مكْلبين} بسكون الكاف وتخفيف اللام، ومعناه أصحاب كلاب، يقال : أمشى الرجل كثرت ماشيته، وأكلب كثرت كلابه، وأنشد الأصمعي : وكل فتى وإن أمشى فأثرى ** ستخلجه عن الدنيا منون الثامنة: قوله تعالى {تعلمونهن مما علمكم الله} أنث الضمير مراعاة للفظ الجوارح؛ إذ هو جمع جارحة.
ولا خلاف بين العلماء في شرطين في التعليم وهما : أن يأتمر إذا أمر وينزجر إذا زجر؛ لا خلاف في هذين الشرطين في الكلاب وما في معناها من سباع الوحوش.
واختلف فيما يصاد به من الطير؛ فالمشهور أن ذلك مشترط فيها عند الجمهور.
وذكر ابن حبيب أنه لا يشترط فيها أن تنزجر إذا زجرت؛ فإنه لا يتأتى ذلك فيها غالبا، فيكفي أنها إذا أمرت أطاعت.
وقال ربيعة : ما أجاب منها إذا دعي فهو المعلم الضاري؛ لأن أكثر الحيوان بطبعه ينشلي.
وقد شرط الشافعي وجمهور من العلماء في التعليم أن يمسك على صاحبه، ولم يشترطه مالك في المشهور عنه.
وقال الشافعي : المعلم هو الذي إذا أشلاه صاحبه انشلى؛ وإذا دعاه إلى الرجوع رجع إليه، ويمسك الصيد على صاحبه ولا يأكل منه؛ فإذا فعل هذا مرارا وقال أهل العرف : صار معلما فهو المعلم.
وعن الشافعي أيضا والكوفيين : إذا أشلي فانشلى وإذا أخذ حبس وفعل ذلك مرة بعد مرة أكل صيده في الثالثة.
ومن العلماء من قال : يفعل ذلك ثلاث مرات ويؤكل صيده في الرابعة.
ومنهم من قال : إذا فعل ذلك مرة فهو معلم ويؤكل صيده في الثانية.
التاسعة: قوله تعالى {فكلوا مما أمسكن عليكم} أي حبسن لكم.
واختلف العلماء في تأويله؛ فقال ابن عباس وأبو هريرة والنخعي وقتادة وابن جبير وعطاء بن أبي رباح وعكرمة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والنعمان وأصحابه : المعنى ولم يأكل؛ فإن أكل لم يؤكل ما بقي، لأنه أمسك على نفسه ولم يمسك على ربه.
والفهد عند أبي حنيفة وأصحابه كالكلب ولم يشترطوا ذلك في الطيور بل يؤكل ما أكلت منه.
وقال سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمر وسلمان الفارسي وأبو هريرة أيضا : المعنى وإن أكل؛ فإذا أكل الجارح كلبا كان أو فهدا أو طيرا أكل ما بقي من الصيد وإن لم يبق إلا بضعة؛ وهذا قول مالك وجميع أصحابه، وهو القول الثاني للشافعي، وهو القياس.
وفي الباب حديثان بمعنى ما ذكرنا أحدهما : حديث عدي في الكلب المعلم (وإذا أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه) أخرجه مسلم.
الثاني : حديث أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب : (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل وإن أكل منه وكل ما ردت عليك يدك) أخرجه أبو داود، وروي عن عدي ولا يصح؛ والصحيح عنه حديث مسلم؛ ولما تعارضت الروايتان رام بعض أصحابنا وغيرهم الجمع بينهما فحملوا حديث النهي على التنزيه والورع، وحديث الإباحة على الجواز، وقالوا : إن عديا كان موسعا عليه فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بالكف ورعا، وأبا ثعلبة كان محتاجا فأفتاه بالجواز؛ والله أعلم.
وقد دل على صحة هذا التأويل قوله عليه الصلاة والسلام في حديث عدي : (فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه) هذا تأويل علمائنا.
وقال أبو عمر في كتاب الاستذكار: وقد عارض حديث عدي هذا حديث أبي ثعلبة، والظاهر أن حديث أبي ثعلبة ناسخ له؛ فقوله : وإن أكل يا رسول الله ؟ قال : (وإن أكل).
قلت : هذا فيه نظر؛ لأن التاريخ مجهول؛ والجمع بين الحديثين أولى ما لم يعلم التاريخ؛ والله أعلم.
وأما أصحاب الشافعي فقالوا : إن كان الأكل عن فرط جوع من الكلب أكل وإلا لم يؤكل؛ فإن ذلك من سوء تعليمه.
وقد روي عن قوم من السلف التفرقة بين ما أكل منه الكلب والفهد فمنعوه، وبين ما أكل منه البازي فأجازوه، قاله النخعي والثوري وأصحاب الرأي وحماد بن أبي سليمان، وحكي عن ابن عباس وقالوا : الكلب والفهد يمكن ضربه وزجره، والطير لا يمكن ذلك فيه، وحد تعليمه أن يدعى فيجيب، وأن يشلى فينشلي؛ لا يمكن فيه أكثر من ذلك، والضرب يؤذيه.
العاشرة: والجمهور من العلماء على أن الجارح إذا شرب من دم الصيد أن الصيد يؤكل؛ قال عطاء : ليس شرب الدم بأكل؛ وكره أكل ذلك الصيد الشعبي وسفيان الثوري، ولا خلاف بينهم أن سبب إباحة الصيد الذي هو عقر الجارح له لا بد أن يكون متحققا غير مشكوك فيه، ومع الشك لا يجوز الأكل، وهي : الحادية عشرة: فإن وجد الصائد مع كلبه كلبا آخر فهو محمول على أنه غير مرسل من صائد آخر، وأنه إنما انبعث في طلب الصيد بطبعه ونفسه، ولا يختلف في هذا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل - في رواية - فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره).
فأما لو أرسله صائد آخر فاشترك الكلبان فيه فإنه للصائدين يكونان شريكين فيه.
فلو أنفذ أحد الكلبين مقاتله ثم جاء الآخر فهو للذي أنفذ مقاتله، وكذلك لا يؤكل ما رمي بسهم فتردى من جبل أو غرق في ماء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لعدي : (وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك).
وهذا نص.
الثانية عشرة: لو مات الصيد في أفواه الكلاب من غير بضع لم يؤكل؛ لأنه مات خنقا فأشبه أن يذبح بسكين كالة فيموت في الذبح قبل أن يفرى حلقه.
ولو أمكنه أخذه من الجوارح وذبحه فلم يفعل حتى مات لم يؤكل، وكان مقصرا في الذكاة؛ لأنه قد صار مقدورا على ذبحه، وذكاة المقدور عليه تخالف ذكاة غير المقدور عليه.
ولو أخذه ثم مات قبل أن يخرج السكين، أو تناولها وهي معه جاز أكله؛ ولو لم تكن السكين معه فتشاغل بطلبها لم تؤكل.
وقال الشافعي : فيما نالته الجوارح ولم تدمه قولان أحدهما : ألا يؤكل حتى يجرح؛ لقوله تعالى {من الجوارح} وهو قول ابن القاسم؛ والآخر : أنه حر وهو قول أشهب، قال أشهب : إن مات من صدمة الكلب أكل.
الثالثة عشرة: قوله : (فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل) ونحوه في حديث أبي ثعلبة الذي خرجه أبو داود، غير أنه زاد (فكله بعد ثلاث ما لم ينتن) يعارضه قوله عليه السلام : (كل ما أصميت ودع ما أنميت).
فالإصماء ما قتل مسرعا وأنت تراه، والإنماء أن ترمي الصيد فيغيب، عنك فيموت وأنت لا تراه؛ يقال : قد أنميت الرمية فنمت تنمي إذا غابت ثم ماتت قال امرؤ القيس : فهو لا تنمي رميَّته ** ماله لا عُدَّ من نفرة وقد اختلف العلماء في أكل الصيد الغائب على ثلاثة أقوال : يؤكل، وسواء قتله السهم أو الكلب.
الثاني : لا يؤكل شيء من ذلك إذا غاب؛ لقوله : (كل ما أصميت ودع ما أنميت).
وإنما لم يؤكل مخافة أن يكون قد أعان على قتله غير السهم من الهوام.
الثالث : الفرق بين السهم فيؤكل وبين الكلب فلا يؤكل، ووجهه أن السهم يقتل على جهة واحدة فلا يشكل؛ والجارح على جهات متعددة فيشكل، والثلاثة الأقوال لعلمائنا.
وقال مالك في غير الموطأ : إذا بات الصيد ثم أصابه ميتا لم ينفذ البازي أو الكلب أو السهم مقاتله لم يأكله؛ قال أبو عمر : فهذا يدلك على أنه إذا بلغ مقاتله كان حلالا عنده أكله وإن بات، إلا أنه يكرهه إذا بات؛ لما جاء عن ابن عباس {وإن غاب عنك ليلة فلا تأكل} ونحوه عن الثوري قال : إذا غاب عنك يوما كرهت أكله.
وقال الشافعي : القياس ألا يأكله إذا غاب عنه مصرعه.
وقال الأوزاعي : إن وجده من الغد ميتا ووجد فيه سهمه أو أثرا من كلبه فليأكله؛ ونحوه قال أشهب وعبدالملك وأصبغ؛ قالوا : جائز أكل الصيد وإن بات إذا نفذت مقاتله، وقوله في الحديث : (ما لم ينتن) تعليل؛ لأنه إذا أنتن لحق بالمستقذرات التي تمجها الطباع فيكره أكلها؛ فلو أكلها لجاز، كما أكل النبي صلى الله عليه وسلم الإهالة السنخة وهي المنتنة.
وقيل : هو معلل بما يخاف منه الضرر على آكله، وعلى هذا التعليل يكون أكله محرما إن كان الخوف محققا، والله أعلم.
الرابعة عشرة: واختلف العلماء من هذا الباب في الصيد بكلب اليهودي والنصراني إذا كان معلما، فكرهه الحسن البصري؛ وأما كلب المجوسي وبازه وصقره فكره الصيد بها جابر بن عبدالله والحسن وعطاء ومجاهد والنخعي والثوري وإسحاق، وأجاز الصيد بكلابهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إذا كان الصائد مسلما؛ قالوا : وذلك مثل شفرته.
وأما إن كان الصائد من أهل الكتاب فجمهور الأمة على جواز صيده غير مالك، وفرق بين ذلك وبين ذبيحته؛ وتلا {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} [المائدة : 94] ، قال : فلم يذكر الله في هذا اليهود ولا النصارى.
وقال ابن وهب وأشهب : صيد اليهودي والنصراني حلال كذبيحته؛ وفي كتاب محمد لا يجوز صيد الصابئ ولا ذبحه، وهم قوم بين اليهود والنصارى ولا دين لهم.
وأما إن كان الصائد مجوسيا فمنع من أكله مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وجمهور الناس.
وقال أبو ثور فيها قولان : أحدهما : كقول هؤلاء، والآخر : أن المجوس من أهل الكتاب وأن صيدهم جائز.
ولو اصطاد السكران أو ذبح لم يؤكل صيده ولا ذبيحته؛ لأن الذكاة تحتاج إلى قصد، والسكران لا قصد له.
الخامسة عشرة: واختلف النحاة في {من} في قوله تعالى {مما أمسكن عليكم} فقال الأخفش : هي زائدة كقوله {كلوا من ثمره} [الأنعام : 141].
وخطأه البصريون وقالوا{من} لا تزاد في الإثبات وإنما تزاد في النفي والاستفهام، وقوله {من ثمره}، {يكفر عنكم من سيئاتكم} [البقرة : 271] و {يغفر لكم من ذنوبكم} [الأحقاف : 31] للتبعيض؛ أجاب فقال : قد قال {يغفر لكم من ذنوبكم} [نوح : 4] بإسقاط {من} فدل على زيادتها في الإيجاب؛ أجيب بأن {من} هاهنا للتبعيض؛ لأنه إنما يحل من الصيد اللحم دون الفرث والدم.
قلت : هذا ليس بمراد ولا معهود في الأكل فيعكر على ما قال.
ويحتمل أن يريد {مما أمسكن} أي مما أبقته الجوارح لكم؛ وهذا على قول من قال : لو أكل الكلب الفريسة لم يضر وبسبب هذا الاحتمال اختلف العلماء في جواز أكل الصيد إذا أكل الجارح منه على ما تقدم.
السادسة عشرة: ودلت الآية على جواز اتخاذ الكلاب واقتنائها للصيد، وثبت ذلك في صحيح السنة وزادت الحرث والماشية؛ وقد كان أول الإسلام أمر بقتل الكلاب حتى كان يقتل كلب المرية من البادية يتبعها؛ روى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
وروي أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط).
قال الزهري : وذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال : يرحم الله أبا هريرة، كان صاحب زرع؛ فقد دلت السنة على ما ذكرنا، وجعل النقص من أجر من اقتناها على غير ذلك من المنفعة؛ إما لترويع الكلب المسلمين وتشويشه عليهم بنباحه - كما قال بعض شعراء البصرة، وقد نزل بعمار فسمع لكلابه نباحا فأنشأ يقول : نزلنا بعمار فأشلى كلابه ** علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل فقلت لأصحابي أسرّ إليهم ** إذا اليوم أم يوم القيامة أطول أو لمنع دخول الملائكة البيت، أو لنجاسته على ما يراه الشافعي، أو لاقتحام النهي عن اتخاذ ما لا منفعة فيه؛ والله أعلم.
وقال في إحدى الروايتين : (قيراطان) وفي الأخرى (قيراط) وذلك يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب أحدهما أشد أذى من الآخر؛ كالأسود الذي أمر عليه الصلاة والسلام بقتله، ولم يدخله في الاستثناء حين نهى عن قتلها فقال : (عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان) أخرجه مسلم.
ويحتمل أن يكون ذلك لاختلاف المواضع، فيكون ممسكه بالمدينة مثلا أو بمكة ينقص قيراطان، وبغيرهما قيراط؛ والله أعلم.
وأما المباح اتخاذه فلا ينقص أجر متخذه كالفرس والهر، ويجوز بيعه وشراؤه، حتى قال سحنون : ويحج بثمنه.
وكلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو الذي يسرح معها لا الذي يحفظها في الدار من السراق.
وكلب الزرع هو الذي يحفظه من الوحوش بالليل والنهار لا من السراق.
وقد أجاز غير مالك اتخاذها لسراق الماشية والزرع والدار في البادية.
السابعة عشرة: وفي هذه الآية دليل على أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل؛ لأن الكلب إذا علم يكون له فضيلة على سائر الكلاب، فالإنسان إذا كان له علم أولى أن يكون له فضل على سائر الناس، لا سيما إذا عمل بما علم؛ وهذا كما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال : لكل شيء قيمة وقيمة المرء ما يحسنه.
الثامنة عشرة: قوله تعالى {واذكروا اسم الله عليه} أمر بالتسمية؛ قيل : عند الإرسال على الصيد، وفقه الصيد والذبح في معنى التسمية واحد، يأتي بيانه في الأنعام.
وقيل : المراد بالتسمية هنا التسمية عند الأكل، وهو الأظهر.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن أبي سلمة : (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك).
وروي من حديث حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الشيطان ليستحل الطعام ألا يذكر اسم الله عليه) الحديث.
فإن نسي التسمية أول الأكل فليسم آخره؛ وروى النسائي عن أمية بن مخشي - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل ولم يسم الله، فلما كان في آخر لقمة قال : بسم الله أوله وآخره؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما زال الشيطان يأكل معه فلما سمى قاء ما أكله).
التاسعة عشرة: قوله تعالى {واتقوا الله} أمر بالتقوى على الجملة، والإشارة القريبة هي ما تضمنته هذه الآيات من الأوامر.
وسرعة الحساب هي من حيث كونه تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا؛ فلا يحتاج إلى محاولة عد ولا عقد كما يفعله الحساب؛ ولهذا قال {وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء : 47] فهو سبحانه يحاسب الخلائق دفعة واحدة.
ويحتمل أن يكون وعيدا بيوم القيامة كأنه قال : إن حساب الله لكم سريع إتيانه؛ إذ يوم القيامة قريب، ويحتمل أن يريد بالحساب المجازاة؛ فكأنه توعد في الدنيا بمجازاة سريعة قريبة إن لم يتقوا الله.

تفسير ابن كثير لما ذكر تعالى ما حرمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضارة لمتناولها، إما في بدنه أو في دينه أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة كما قال تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطرتم إليه} قال بعدها: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} كما في سورة الأعراف في صفة محمد صلى الله عليه وسلم أنه يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث. قال ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين سألا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول اللّه قد حرم اللّه الميتة فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} قال سعيد: يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم، وقال مقاتل: الطيبات ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه وهو الحلال من الرزق. وقوله تعالى: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} أي أحل لكم الذبائح التي ذكر اسم اللّه عليها والطيبات من الرزق وأحل لكم ما صدتموه بالجوارح وهي: الكلاب والفهود والصقور وأشباهها ، كما هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة، ممن قال ذلك ابن عباس في قوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين}، وهن الكلاب المعلمة والبازي وكل طير يعلم للصيد، والجوارح يعني الكلاب الضواري والفهد والصقور وأشباهها. رواه ابن أبي حاتم، وروي عن الحسن أنه قال: البازي والصقر من الجوارح، ثم روي عن مجاهد أنه كره صيد الطير كله، وقرأ قوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين}، ثم قال: أخبرنا ابن جريج عن نافع عن ابن عمر قال: أما ما صاد من الطير البازات وغيرها من الطير فما أدركت فهو لك وإلا فلا تطعمه. قلت: والمحكي عن الجمهور أن الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب فلا فرق، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، واختاره ابن جرير. واحتج في ذلك بما رواه عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي فقال: (ما أمسك عليك فكل)، وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن جوارح: من الجرح وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرا أي كسبهم خيرا، ويقولون. فلان لا جارح له أي لا كاسب له؛ وقال اللّه تعالى: {ويعلم ما جرحتم بالنهار} أي ما كسبتم من خير وشر، وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشريفة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، فقلت، فجاء الناس فقالوا: يا رسول اللّه ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت، فأنزل الله : {يسألونك ماذا أحل لهم قال أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين} الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أرسل الرجل كلبه وسمى فأمسك عليه فليأكل ما لم يأكل) وقوله تعالى: {مكلبين} يحتمل أن يكون حالا من الضمير في {علمتم} فيكون حالا من الفاعل، ويحتمل أين يكون حالا من المفعول وهو {الجوارح} أي وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو أظفاهرا، فيستدل بذلك والحالة هذه على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته وبمخالبه وظفره أنه لا يحل له كما هو أحد قولي الشافعي وطائفة من العلماء، ولهذا قال: {تعلمونهن مما علمكم الله} وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا اشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه ولا يمسكه لنفسه، ولهذا قال تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} فمتى كان الجارح معلما وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم اللّه عليه وقت إرساله، حل الصيد وإن قتله بالإجماع. وقد وردت السنّة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة وأذكر اسم اللّه، فقال: (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللّه فكل ما أمسك عليك) قلت: وإن قتلن؟ قال: (وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره) قلت: قلت له: فإني ارمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: (إذا رميت بالمعراض فخرق فكله، وإن أصابه بعرض فإنه وقيذ فلا تأكله)، وفي لفظ لهما (إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم اللّه فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاته)، وفي رواية لهما: (فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه)، فهذا دليل للجمهور وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقا ولم يستفصلوا، كما ورد بذلك الحديث، وحكي عن طائفة من السلف أنهم قال لا يحرم مطلقا. وقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم اللّه عليه} أي عند إرساله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم: (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك)، وفي حديث أبي ثعلبة المخرج في الصحيحين أيضا: (إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله)، ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة، كالإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه التسمية عند إرسال الكلب والرمي بالسهم لهذه الآية وهذا الحديث، وهذا القول هو المشهور عن الجمهور، أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال. كما قال السدي وغيره. وقال ابن عباس في قوله: {واذكروا اسم الله عليه} يقول: إذا أرسلت جارحك فقل باسم الله وإن نسيت فلا حرج، وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل، كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علَّم ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال: (سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) وفي صحيح البخاري عن عائشة أنهم قالوا: يا رسول اللّه إن قوما يأتوننا حديث عهدهم بكفر بلحم ان لا ندري أذكر اسم اللّه عليها أم لا؟ فقال: (سموا الله أنتم وكلوا) حديث آخر : وقال الإمام أحمد عن عائشة: أن رسول اللّه كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أما أنه لو كان ذكر السم اللّه لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم اللّه في أوله فليقل باسم اللّه أوله وآخره) حديث آخر : قال الإمام أحمد عن حذيفة، قال: كنا إذا حضرنا مع النبي على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول اللّه، فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاماً فجاءت جارية كأنما تدفع، فذهبت تضع يدها في الطعام، فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم اللّه عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما)، يعني الشيطان، وكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي. حديث آخر : روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل ولم يذكر اسم اللّه عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) لفظ أبي داود حديث آخر : قال الإمام أحمد عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا نأكل وما نشبع، قال: (فلعلكم تأكلون متفرقين، اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه)، ورواه أبو داود وابن ماجه.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি