نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المسد آية 1
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ

التفسير الميسر خسرت يدا أبي لهب وشقي بإيذائه رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وقد تحقق خسران أبي لهب.

تفسير الجلالين
سورة المسد 1 - (تبت) خسرت (يدا أبي لهب) أي جملته وعبر عنها باليدين مجاز لأن أكثر الأفعال تزاول بهما وهذه الجملة دعاء (وتب) خسر هو وهذه خبر كقولهم أهلكه الله وقد هلك ، ولما خوفه النبي بالعذاب فقال إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفتدي منه بمالي وولدي نزل

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى {تبت يدا أبي لهب} ""في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم"" عن ابن عباس قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين}[الشعراء : 214] ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف : يا صباحاه! فقالوا : من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد.
فاجتمعوا إليه.
فقال : (يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبدالمطلب) فاجتمعوا إليه.
فقال : (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي)؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا.
قال : (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد).
فقال أبو لهب : تبا لك، وأما جمعتنا إلا لهذا! ثم قام، فنزلت هذه السورة {تبت يدا أبي لهب وقد تب} كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.
زاد الحميدي وغيره : فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر.
فقالت : يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، والله إني لشاعرة : مذمما عصينا ** وأمره أبينا ** ودينه قلينا ثم انصرفت.
فقال أبو بكر : يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال : (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني).
وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما؛ يسبونه، وكان يقول : (ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد).
وقيل : إن سبب نزولها ما حكاه عبدالرحمن بن زيد أن أبا لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا أُعطَى إن آمنت بك يا محمد؟ فقال : (كما يُعطَى المسلمون) قال ما لي عليهم فضل؟.
قال : (وأي شيء تبغي)؟ قال : تبا لهذا من دين، أن أكون أنا وهؤلاء سواء؛ فأنزل الله تعالى فيه.
{تبت يدا أبي لهب وتب}.
وقول ثالث حكاه عبدالرحمن بن كيسان قال : كان إذا وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وقد انطلق إليهم أبو لهب فيسألونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون له : أنت أعلم به منا.
فيقول لهم أبو لهب : إنه كذاب ساحر.
فيرجعون عنه ولا يلقونه.
فأتى وفد، ففعل معهم مثل ذلك، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه، ونسمع كلامه.
فقال لهم أبو لهب : إنا لم نزل نعالجه فتبا له وتعسا.
فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتأب لذلك؛ فأنزل الله تعالى {تبت يدا أبي لهب}.
.
.
السورة.
وقيل : إن أبا لهب أراد أن يرمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر، فمنعه الله من ذلك، وأنزل الله تعالى {تبت يدا أبي لهب وتب} للمنع الذي وقع به.
ومعنى {تبت} : خسرت؛ قاله قتادة.
وقيل : خابت؛ قاله ابن عباس.
وقيل ضلت؛ قاله عطاء.
وقيل : هلكت؛ قاله ابن جبير.
وقال يمان بن رئاب : صفرت من كل خبر.
حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان رحمه الله سمع الناس هاتفا يقول : لقد خلوك وانصرفوا ** فما آبوا ولا رجعوا ولم يوفوا بنذرهم ** فيا تبا لما صنعوا وخص اليدين بالتباب، لأن العمل أكثر ما يكون بهما؛ أي خسرتا وخسر هو.
وقيل : المراد باليدين نفسه.
وقد يعبر عن النفس باليد، كما قال الله تعالى {بما قدمت يداك}[الحج : 10].
أي نفسك.
وهذا مَهيَع كلام العرب؛ تعبر ببعض الشيء عن كله؛ تقول : أصابته يد الدهر، ويد الرزايا والمنايا؛ أي أصابه كل ذلك.
قال الشاعر : لما أكبت يد الرزايا ** عليه نادى ألا مجير {وتب} قال الفراء : التب الأول : دعاء والثاني خبر؛ كما يقال : أهلكه الله وقد هلك.
وفي قراءة عبدالله وأُبي {وقد تب} وأبو لهب اسمه عبد العزى، وهو ابن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.
وامرأته العوراء أم جميل، أخت أبي سفيان بن حرب، وكلاهما، كان شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال طارق بن عبدالله المحاربي : إني بسوق ذي المجاز، إذ أنا بإنسان يقول : (يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)، وإذا رجل خلفه يرميه، قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيها الناس، إنه كذاب فلا تصدقوه.
فقلت من هذا؟ فقالوا : محمد، زعم أنه نبي.
وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب.
وروى عطاء عن ابن عباس قال : قال أبو لهب : سحركم محمد إن أحدنا ليأكل الجذعة، ويشرب العس من اللبن فلا يشبع، وإن محمدا قد أشبعكم من فخذ شاة، وأرواكم من عس لبن.
قوله تعالى {أبي لهب} قيل : سمي باللهب لحسنه، وإشراق وجهه.
وقد ظن قوم أن في هذا دليلا على تكنية المشرك؛ وهو باطل، وإنما كناه الله بأبي لهب - عند العلماء - لمعان أربعة : الأول : أنه كان اسمه عبد العزى، والعزى : صنم، ولم يضف الله في كتابه العبودية إلى صنم.
الثاني : أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه؛ فصرح بها.
الثالث : أن الاسم أشرف من الكنية، فحطه الله عز وجل عن الأشرف إلى الأنقص؛ إذا لم يكن بد من الإخبار عنه، ولذلك دعا الله تعالى الأنبياء بأسمائهم، ولم يكن عن أحد منهم.
ويدلك على شرف الاسم على الكنية : أن الله تعالى يُسمى ولا يُكنى، وإن كان ذلك لظهوره وبيانه؛ واستحالة نسبة الكنية إليه، لتقدسه عنها.
الرابع - أن الله تعالى أراد أن يحقق نسبته، بأن يدخله النار، فيكون أبا لها، تحقيقا للنسب، وإمضاء للفأل والطيرة التي اختارها لنفسه.
وقد قيل : اسمه كنيته.
فكان أهله يسمونه أبا لهب، لتلهب وجهه وحسنه؛ فصرفهم الله عن أن يقولوا : أبو النور، وأبو الضياء، الذي هو المشترك بين المحبوب والمكروه، وأجرى على ألسنتهم أن يضيفوه إلى اللهب الذي هو مخصوص بالمكروه المذموم، وهو النار.
ثم حقق ذلك بأن يجعلها مقره.
وقرأ مجاهد وحميد وابن كثير وابن.
محيصن.
{أبي لهب} بإسكان الهاء.
ولم يختلفوا في {ذات لهب} إنها مفتوحة؛ لأنهم راعوا فيها رؤوس الآي.
قال ابن عباس : لما خلق الله عز وجل القلم قال له : اكتب ما هو كائن، وكان فيما كتب {تبت يدا أبي لهب}.
وقال منصور : سئل الحسن عن قوله تعالى {تبت يدا أبي لهب}.
هل كان في أم الكتاب؟ وهل كان أبو لهب يستطيع ألا يصلى النار؟ فقال : والله ما كان يستطيع ألا يصلاها، وإنها لفي كتاب الله من قبل أن يخلق أبو لهب وأبواه.
ويؤيده قول موسى لآدم : (أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، خيبت الناس، وأخرجتهم من الجنة.
قال آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك بكلامه، وأعطاك التوراة، تلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلق الله السموات والأرض.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى).
وقد تقدم هذا.
وفي حديث همام عن أبي هريرة أن آدم قال لموسى : (بكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن يخلقني؟ قال : بألفي عام قال : فهل وجدت فيها {وعصى آدم ربه فغوى} قال : نعم قال : أفتلومني على أمر وكتب الله على أن أفعله من قبل أن أخلق بألفي عام.
فحج آدم موسى).
وفي حديث طاووس وابن هرمز والأعرج عن أبي هريرة : (بأربعين عاما).

تفسير ابن كثير روى البخاري، عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى: (يا صباحاه) فاجتمعت إليه قريش، فقال: (أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني؟) قالوا: نعم، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)، فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تباً لك، فأنزل اللّه: {تبت يدا أبي لهب وتب} إلى آخرها ""أخرجه البخاري""، وفي رواية: فقام ينفض يديه وهو يقول: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل اللّه: {تبت يدا أبي لهب وتب} الأول دعاء عليه، والثاني خبر عنه، فأبو لهب هذا أحد أعمام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وكان كثير الأذية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والبغض له، والتنقص له ولدينه، روى الإمام أحمد عن أبي الزناد قال: أخبرني رجل يقال له ربيعة بن عباد من بني الديل وكان جاهلياً فأسلم قال: (رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا اللّه تفلحوا) والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه، أحول ذو غديرتين، يقول: إنه صابئ كاذب، يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه، فقالوا: هذا عمه أبو لهب) ""أخرجه أحمد"". وقال محمد بن إسحاق، عن ربيعة بن عباد قال: إني لمع أبي رجل شاب أنظر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتبع القبائل، ووراءه رجل أحول وضيء الوجه ذو جمة، يقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على القيبلة فيقول: (يا بني فلان إني رسول اللّه إليكم آمركم أن تعبدوا اللّه لا تشركوا به شيئاً، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذ عن اللّه ما بعثني به)، وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه: يا بني فلان هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تسمعوا له، ولا تتبعوه، فقلت لأبي: من هذا؟ قال: عمه أبو لهب ""أخرجه أحمد والطبراني"". فقوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب} أي خسرت وخابت وضل عمله وسعيه، {وتبّ} أي وقد تبّ تحقق خسارته وهلاكه. وقوله تعالى: {ما أغنى عنه ماله وما كسب} قال ابن عباس: {وما كسب} يعني ولده، يروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما دعا قومه إلى الإيمان قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي، فأنزل اللّه تعالى: {ما أغنى عنه ماله وما كسب}. وقوله تعالى: {سيصلى ناراً ذات لهب} أي ذات شرر ولهب وإحراق شديد، {وامرأته حمالة الحطب} وكانت زوجته من سادات نساء قريش، وهي أم جميل واسمها أروى بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان، وكانت عوناً لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عوناً عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال تعالى: {حمالة الحطب . في جيدها حبل من مسد} يعني تحمل الحطب فتلقي على زوجها ليزداد على ما هو فيه، هي مهيأة لذلك مستعدة له، {في جيدها حبل من مسد} قال مجاهد: من مسد النار، وعن مجاهد وعكرمة {حمالة الحطب} كانت تمشي بالنميمة ""واختاره ابن جرير"". وقال ابن عباس والضحّاك: كانت تضع الشوك في طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال سعيد بن المسيب: كانت لها قلادة فاخرة، فقالت: لأنفقنّها في عداوة محمد، فأعقبها اللّه منها حبلاً في جيدها من مسد النار، والمسد الليف، وقيل: هو قلادة من نار طولها سبعون ذراعاً، قال الجوهري: المسد الليف، والمسد أيضاً حبل من ليف أو خوص، وقال مجاهد: {حبل من مسد} أي طوق من حديد، أخرج ابن أبي حاتم عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لمّا نزلت: {تبت يدا أبي لهب} أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول: مذمّماً أبيْنا - ودينه قليْنا - وأمره عصينا ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول اللّه قد أقبلتْ وأنا أخاف عليك أن تراك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إنها لن تراني)، وقرأ قرآناً اعتصم به، كما قال تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً}، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر، ولم تر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت: يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني، قال: لا ورب هذا البيت ما هجاك، فولّت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها، قال: فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوف بالبيت، فقالت: تعس مذمم ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى: {في جيدها حبل من مسد} أي في عنقها حبل من نار جهنم ترفع به إلى شفيرها، ثم ترمى إلى أسفلها، ثم لا تزال كذلك دائماً. قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوّة، فإنه منذ نزل قوله تعالى: {سيصلى ناراً ذات لهب . وامرأته حمالة الحطب . في جيدها حبل من مسد} فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا باطناً ولا ظاهراً، لا سراً ولا علناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة، على النبوّة الظاهرة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি