نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الكافرون آية 3
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ

التفسير الميسر ولا أنتم عابدون ما أعبد من إله واحد، هو الله رب العالمين المستحق وحده للعبادة.

تفسير الجلالين
3 - (ولا أنتم عابدون) في الحال (ما أعبد) وهو الله تعالى وحده

تفسير القرطبي
ذكر ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس : أن سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبدالمطلب، وأمية بن خلف؛ لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شاركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه.
وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيدك، كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه؛ فأنزل الله عز وجل {قل يا أيها الكافرون}.
وقال أبو صالح عن ابن عباس : أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو استلمت بعض هذه الآلهة لصدقناك؛ فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه السورة فيئسوا منه، وآذوه، وآذوا أصحابه.
والألف واللام ترجع إلى معنى المعهود وإن كانت للجنس من حيث إنها كانت للجنس من حيث إنها كانت صفة لأي؛ لأنها مخاطبة لمن سبق في علم الله تعالى أنه سيموت على كفره، فهي من الخصوص الذي جاء بلفظ العموم.
ونحوه عن الماوردي : نزلت جوابا، وعنى بالكافرين قوما معينين.
لا جميع الكافرين؛ لأن منهم من آمن، فعبد الله، ومنهم من مات أو قتل على كفره، وهم المخاطبون بهذا القول، وهم المذكورون.
قال أبو بكر بن الأنباري : وقرأ من طعن في القرآن : قل للذين كفروا {لا أعبد ما تعبدون} وزعم أن ذلك هو الصواب، وذلك افتراء على رب العالمين، وتضعيف لمعنى هذه السورة، وإبطال ما قصده الله من أن يذل نبيه للمشركين بخطابه إياهم بهذا الخطاب الزري، وإلزامهم ما يأنف منه كل ذي لب وحجا.
وذلك أن الذي يدعيه من اللفظ الباطل، قراءتنا تشتمل عليه في المعنى، وتزيد تأويلا ليس عندهم في باطلهم وتحريفهم.
فمعنى قراءتنا : قل للذين كفروا : يا أيها الكافرون؛ دليل صحة هذا : أن العربي إذا قال لمخاطبه قل لزيد أقبل إلينا، فمعناه قل لزيد يا زيد أقبل إلينا.
فقد وقعت قراءتنا على كل ما عندهم، وسقط من باطلهم أحسن لفظ وأبلغ معنى؛ إذ كان الرسول عليه السلام يعتمدهم في ناديهم، فيقول لهم {يا أيها الكافرون}.
وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر، ويدخلوا في جملة أهله إلا وهو محروس ممنوع من أن تنبسط عليه منهم يد، أو تقع به من جهتهم أذية.
فمن لم يقرأ {قل يا أيها الكافرون} كما أنزلها الله، أسقط آية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسبيل أهل الإسلام ألا يسارعوا إلى مثلها، ولا يعتمدوا نبيهم باختزال الفضائل عنه، التي منحه الله إياها، وشرفه بها.
وأما وجه التكرار فقد قيل إنه للتأكيد في قطع أطماعهم؛ كما تقول : والله لا أفعل كذا، ثم والله لا أفعله.
قال أكثر أهل المعاني : نزل القرآن بلسان العرب، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز؛ لأن خروج الخطيب والمتكلم من شيء إلى شيء أولى من اقتصاره في المقام على شيء واحد؛ قال الله تعالى {فبأي آلاء ربكما تكذبان} [الرحمن : 13].
{ويل يومئذ للمكذبين}[المطففين : 10].
{كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون} [النبأ : 4 ، 5].
و{فإن مع العسر يسرا.
إن مع العسر يسرا} [الشرح : 5 ، 6].
كل هذا على التأكيد.
وقد يقول القائل : ارم ارم، اعجل اعجل؛ ومنه قوله عليه السلام في الحديث الصحيح : (فلا آذن، ثم لا آذن، إنما فاطمة بضعة مني).
خرجه مسلم.
وقال الشاعر : هلا سألت جموع كندة ** يوم ولوا أين أينا وقال آخر : يا لبكر انشروا لي كليبا ** يا لبكر أين أين الفرار وقال آخر : يا علقمة يا علقمة يا علقمة ** خير تميم كلها وأكرمه وقال آخر : يا أقرع بن حابس يا أقرع ** إنك إن يصرع أخوك تصرع وقال آخر : ألا يا اسلمي ثم اسلمي ** ثلاث تحيات وإن لم تكلم ومثله كثير.
وقيل : هذا على مطابقة قولهم : تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم نعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، فنجري على هذا أبدا سنة وسنة.
فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده؛ أي إن هذا لا يكون أبدا.
قال ابن عباس : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة، ونزوجك من شئت، ونطأ عقبك؛ أي نمشي خلفك، وتكف عن شتم آلهتنا، فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك صلاح، تعبد آلهتنا اللات والعزى سنة، ونحن نعبد إلهك سنة؛ فنزلت السورة.
فكان التكرار في {لا أعبد ما تعبدون}؛ لأن القوم كرروا عليه مقالهم مرة بعد مرة.
والله أعلم.
وقيل : إنما كرر بمعنى التغليظ.
وقيل : أي {لا أعبد} الساعة {ما تعبدون.
ولا أنتم عابدون} الساعة {ما أعبد}.
ثم قال {ولا أنا عابد} في المستقبل {ما عبدتم.
ولا أنتم} في المستقبل {عابدون ما أعبد}.
قاله الأخفش والمبرد.
وقيل : إنهم كانوا يعبدون الأوثان، فإذا ملوا وثنا، وسئموا العبادة له، رفضوه، ثم أخذوا وثنا غيره بشهوة نفوسهم، فإذا مروا بحجارة تعجبهم ألقوا هذه ورفعوا تلك، فعظموها ونصبوها آلهة يعبدونها؛ فأمر عليه السلام أن يقول لهم {لا أعبد ما تعبدون} اليوم من هذه الآلهة التي بين أيدكم.
ثم قال {ولا أنتم عابدون ما أعبد} أي وإنما أنتم تعبدون الوثن الذي اتخذتموه، وهو عندكم الآن.
{ولا أنا عابد ما عبدتم} أي بالأمس من الآلهة التي رفضتموها، وأقبلتم على هذه.
{ولا أنتم عابدون ما أعبد} فإني أعبد إلهي.
وقيل : إن قوله تعالى {لا أعبد ما تعبدون.
ولا أنتم عابدون ما أعبد} في الاستقبال.
وقوله {ولا أنا عابد ما عبدتم} على نفي العبادة منه لما عبدوا في الماضي.
ثم قال {ولا أنتم عابدون ما أعبد} على التكرير في اللفظ دون المعنى، من قبل أن التقابل يوجب أن يكون : ولا أنتم عابدون ما عبدت، فعدل عن لفظ عبدت إلى أعبد، إشعارا بأن ما عبد في الماضي هو الذي يعبد في المستقبل، مع أن الماضي والمستقبل قد يقع أحدهما موقع الآخر.
وأكثر ما يأتي ذلك في أخبار الله عز وجل.
وقال {ما أعبد}، ولم يقل : من أعبد؛ ليقابل به {ولا أنا عابد ما عبدتم} وهي أصنام وأوثان، ولا يصلح فيها إلا {ما} دون {من} فحمل الأول على الثاني، ليتقابل الكلام ولا يتنافى.
وقد جاءت {ما} لمن يعقل.
ومنه قولهم : سبحان ما سخركن لنا.
وقيل : إن معنى الآيات وتقديرها : {قل يا أيها الكافرون لا أعبد} الأصنام التي تعبدونها، {ولا أنتم عابدون} الله عز وجل الذي أعبده؛ لإشراككم به، واتخاذكم الأصنام، فإن زعمتم أنكم تعبدونه، فأنتم كاذبون؛ لأنكم تعبدونه مشركين.
فأنا لا أعبد ما عبدتم، أي مثل عبادتكم؛ {فما} مصدرية.
وكذلك {ولا أنتم عابدون ما أعبد} مصدرية أيضا؛ معناه ولا أنتم عابدون مثل عبادتي، التي هي توحيد.

تفسير ابن كثير هذه سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، فقوله تعالى: {قل يا أيها الكافرون} يشمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن الموجهون بهذا الخطاب هم كفار قريش دعوا رسول اللّه إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل اللّه هذه السورة وأمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية، فقال: {لا أعبد ما تعبدون} يعني من الأصنام والأنداد، {ولا أنتم عابدون ما أعبد} وهو اللّه وحده لا شريك له، ثم قال: {ولا أنا عابد ما عبدتم . ولا أنتم عابدون ما أعبد} أي ولا أعبد عبادتكم أي لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد اللّه على الوجه الذي يحبه ويرضاه، ولهذا قال: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} أي لا تقتدون بأوامر اللّه وشرعه، في عبادته، بل قد اخترعتم شيئاً من تلقاء أنفسكم، كما قال: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه، ولهذا كان كلمة الإسلام ـ لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ـ أي لا معبود إلا اللّه، ولا طريق إليه إلا بما جاء به الرسول صلى اللّه عليه وسلم، والمشركون يعبدون غير اللّه عبادة لم يأذن اللّه بها، ولهذا قال: {لكم دينكم ولي دين}، كما قال تعالى: {وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم}، وقال: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم}، وقال البخاري {لكم دينكم} الكفر، {ولي دين} الإسلام، ولم يقل: ديني، لأن الآيات بالنون فحذف الياء، كما قال: {فهو يهدين} {ويشفين}، وقال غيره: {لا أعبد ما تعبدون} الآن ولا أجيبكم بما بقي من عمري {ولا أنتم عابدون ما أعبد}، ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله: {فإن مع العسر يسراً . إن مع العسر يسراً} فهذه ثلاثة أقوال: أولهما: ما ذكرناه أولاً. والثاني: ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد: {لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد} في الماضي {ولا أنا عابد ما عبدتم . ولا أنتم عابدون ما أعبد} في المستقبل. الثالث: أن ذلك تأكيد محض. وثّم قول رابع: نصره ابن تيمية في بعض كتبه، وهو أن المراد بقوله: {لا أعبد ما تعبدون} نفي الفعل لأنها جملة فعلية، {ولا أنا عابد ما عبدتم} نفي قبوله لذلك بالكلية، لأن النفي بالجملة الإسمية آكد، فكأنه نفى الفعل، وكونه قابلاً لذلك، ومعناه نفي الوقوع، ونفي الإمكان الشرعي أيضاً، وهو قول حسن أيضاً، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি